1300 حافلة ومحطات تحلية ومناطق صناعية.. دفعة تنموية كبرى تنتظر جهة البيضاء-سطات

الكاتب : انس شريد

18 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

في ظل الدينامية التنموية التي يعيشها المغرب استعدادًا لاحتضان كأس العالم 2030، تسارع جهة الدار البيضاء-سطات الزمن لتنزيل برنامج استثماري وتنموي هو الأضخم منذ عقود، تحت شعار "الجهة تتطور"، في خطوة تؤكد انخراط الجهة في المشروع الوطني الشامل لإعادة رسم ملامح الاقتصاد والبنيات التحتية والخدمات الاجتماعية، بما يعزز موقع المملكة كوجهة عالمية قادرة على احتضان الأحداث الكبرى، وتحويلها إلى فرصة تنموية مستدامة.

هذا البرنامج، الذي أعطى انطلاقته رئيس مجلس الجهة عبد اللطيف معزوز، يمثل رافعة مركزية ضمن مسار التنمية الجهوية، مع رصد ميزانية تتجاوز 50 مليار درهم حتى نهاية 2026.

ويغطي هذا الغلاف المالي مشاريع محورية تشمل قطاعات النقل والماء والتشغيل والبيئة، في توافق تام مع الرهانات الوطنية المرتبطة باحتضان المونديال.

ووفقًا لما توصلت به الجريدة 24، فقد ساهمت جهة الدار البيضاء-سطات بمبلغ 12 مليار درهم، بينما التزمت الدولة بمساهمات تتراوح بين 12,5 و14 مليار درهم، مع توقعات برفع حجم الاستثمارات الإجمالية إلى أكثر من 50 مليار درهم بفضل مساهمات مرتقبة من القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية.

ضمن هذه المشاريع، تبرز إعادة هيكلة المناطق الصناعية الكبرى بعين السبع والبرنوصي، والتي تحتضن أكثر من 2000 وحدة إنتاجية وتشغّل حوالي 100 ألف يد عاملة بشكل مباشر. الرؤية تتجاوز الإصلاح العقاري إلى الاستثمار في رأس المال البشري من خلال برامج تأهيلية متطورة، أبرزها مركز المحمدية لتأهيل المهندسين في المجال الرقمي، فضلاً عن برامج سنوية لتكوين 400 مسعف بالشراكة مع الهلال الأحمر المغربي، ومبادرات مواكبة المقاولة النسائية لتحقيق تمكين اقتصادي فعلي للمرأة.

وفي سياق مواجهة التحديات البيئية، خصص البرنامج حيزًا هامًا لقضية الأمن المائي، من خلال مشروع استراتيجي لتحويل المياه من حوض أبي رقراق نحو العاصمة الاقتصادية.

كما تم، إلى حدود اليوم، تشغيل 17 محطة متنقلة لتحلية المياه من أصل 28 مبرمجة، باستثمار إجمالي بلغ 400 مليون درهم، موزع بين مساهمة الدولة بـ272 مليون درهم، والجهة بـ128 مليون درهم، وهو ما مكّن من ضمان التزود بالماء لفائدة أكثر من 125 ألف منزل.

أما في قطاع النقل، فقد كشفت المعطيات التي حصلت عليها الجريدة 24 عن تخصيص نحو 14 مليار درهم لإطلاق شبكة القطارات السريعة (RER) بين مدن الجهة، مع اقتناء 1300 حافلة جديدة في أفق 2027، لتغطية حاجيات النقل الحضري وشبه الحضري، خاصة مع التوقعات بارتفاع الطلب على التنقل خلال وبعد تنظيم كأس العالم.

وفي إطار التدبير البيئي، بلغ مشروع تأهيل مطرح مديونة نسبة إنجاز تقدّر بـ75 في المئة، ضمن رؤية تهدف إلى تحويل النفايات إلى موارد إنتاجية، وتحقيق انتقال فعلي نحو اقتصاد دائري، قادر على خلق الثروة وتوفير فرص شغل جديدة، في انسجام مع التزامات المغرب في مجال التنمية المستدامة.

وتروم الحملة الذي أطلقتها جهة الدار البيضاء-سطات تحت شعار "الجهة تتطور"، إشراك الساكنة في متابعة المشاريع الكبرى، وتعزيز منسوب الثقة بين المواطن والمؤسسات المنتخبة. وتستند الحملة إلى مقاربة حديثة تعتمد على الوسائط الرقمية والإعلامية، من خلال بوابة إلكترونية تفاعلية تمكّن المواطن من متابعة تقدم الأوراش في الزمن الحقيقي، وإبداء رأيه بشأنها.

وأكد عبد اللطيف معزوز، خلال اللقاء التواصلي الأخير في تصريحات صحفية أن هذه الحملة جاءت بعد تشخيص واضح كشف أن عددًا كبيرًا من المواطنين لا يتابعون تفاصيل المشاريع المهيكلة للجهة، وهو ما دفع المجلس إلى اعتماد سياسة تواصلية جديدة تكرّس مبادئ الشفافية والمشاركة، بما ينسجم مع التوجيهات الوطنية حول الجهوية المتقدمة.

هذه الحملة لا تأتي بمعزل عن الاستعدادات الكبرى المرتبطة بكأس العالم 2030، إذ تراهن الجهة على إشراك المواطن في مسار التنمية، باعتباره شريكًا مباشرًا في إنجاح الرؤية الوطنية التي تجعل من هذه التظاهرة العالمية فرصة تاريخية لإبراز صورة المغرب كبلد حديث، قادر على تحقيق توازن بين متطلبات التنمية المستدامة، واحتضان الفعاليات الدولية الكبرى.

وإلى جانب النقل والماء والتشغيل، تبرز ضمن البرنامج مشاريع موجهة لدعم الشباب والثقافة والرياضة، وتثمين الفضاءات الخضراء، ضمن رؤية تجعل من جهة الدار البيضاء-سطات نموذجًا حيًا للجهوية الفعالة التي تتجاوز تدبير الحاجيات اليومية إلى بناء نموذج اقتصادي وتنموي قادر على مواجهة تحديات المستقبل.

بهذا البرنامج الشامل، تدخل جهة الدار البيضاء-سطات مرحلة جديدة تواكب التحولات الوطنية الكبرى، وتضع أسسًا صلبة لانخراط فعلي في مسار التحول العميق الذي يعرفه المغرب استعدادًا لكأس العالم 2030، ليس كمجرد حدث رياضي، بل كمشروع دولة وتنمية متكاملة.

آخر الأخبار