قطاع الدواجن على صفيح ساخن.. خسائر بالمليارات ومطالب بإصلاح عاجل

الكاتب : انس شريد

21 يونيو 2025 - 10:30
الخط :

لا يزال قطاع الدواجن في المغرب يعيش على وقع أزمات متلاحقة، وسط تزايد الأصوات المطالبة بإصلاحات جذرية لإعادة التوازن إلى هذا القطاع الحيوي، الذي يشكل مصدر دخل رئيسي لآلاف الأسر، خاصة في الأوساط القروية وشبه الحضرية.

وتفجرت الأزمة من جديد خلال لقاء دراسي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بشراكة مع الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، حيث وجّه محمد أعبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب، اتهامات ثقيلة لعدد من الفاعلين داخل القطاع، متحدثًا عن احتكار واضح وتلاعب ممنهج بالسوق أضر بشكل مباشر بالمربين الصغار والمتوسطين، ودفع بعدد كبير منهم إلى الإفلاس.

واعتبر أعبود أن الحديث عن وجود منافسة حقيقية في سوق الدواجن ليس سوى شعار للاستهلاك الإعلامي، في حين أن الواقع يكشف عن تحكم قلة من الفاعلين في مفاصل الإنتاج والتوزيع والتسعير، في ظل غياب تام لرقابة الدولة.

وأوضح أن صغار المربين هم الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، يتحملون وحدهم تقلبات السوق، وارتفاع أسعار الأعلاف والكتاكيت، دون أي حماية أو دعم فعلي من الجهات المعنية.

وتابع أن الجمعية وجهت مراسلات رسمية عديدة إلى وزارة الفلاحة للتنبيه إلى هذه الوضعية المختلة، لكنها قوبلت بسياسة الصمت والتجاهل، رغم أن القطاع مصنف ضمن الأنشطة الفلاحية الاستراتيجية في البلاد.

وأرجع رئيس الجمعية جانبًا من الأزمة التي يعيشها قطاع الدواجن إلى فشل العقدة الأولى لمخطط المغرب الأخضر سنة 2010، والتي فتحت الباب أمام دخول استثمارات كبرى لم تخضع لضوابط قانونية صارمة، ما أدى إلى استحواذ شركات كبرى على السوق، وإقصاء فئة واسعة من المربين الصغار الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن مجاراة التكاليف المرتفعة، في ظل غياب الدعم العمومي والتأطير المهني المناسب.

وأكد أن الخسائر التي تكبدها القطاع منذ ذلك الحين وصلت إلى أرقام صادمة، تجاوزت 530 مليار سنتيم إلى غاية غشت 2020، مع تسجيل حالات إفلاس متكررة بين صفوف المربين الذين لم يجدوا سوى الاعتماد على مواردهم الذاتية لمواجهة الأزمات المتلاحقة.

كما طالبت الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم في بلاغها، الحكومة بإدماج هذه الفئة ضمن البرامج الرسمية لدعم الفلاحين الصغار، خاصة ما يتعلق بالإعفاء من الديون البنكية والفوائد المترتبة عنها، باعتبار أن تربية الدجاج مصنفة قانونيًا ضمن الأنشطة الفلاحية حسب المرسوم المغربي الخاص بتصنيف الأنشطة الاقتصادية.

وأشارت الجمعية إلى أن استمرار تجاهل وضعية المربين الصغار والمتوسطين يهدد مستقبل القطاع بشكل كامل، في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج، وغياب أي رقابة فعلية على الأسعار، واستمرار تحكم الشركات الكبرى في سلسلة القيمة.

ويأتي هذا الوضع في سياق يتسم بارتفاع أسعار الدجاج في الأسواق بشكل غير مبرر، حتى بعد فترة عيد الأضحى، حيث بقيت الأسعار مرتفعة في أسواق الجملة والتقسيط، متجاوزة 17 درهمًا للكيلوغرام الواحد في عدد من المناطق، ما خلق حالة من الغضب في صفوف المستهلكين، وزاد من تأزيم وضعية المنتجين الصغار الذين أصبحوا عاجزين عن التنافس في سوق يسيطر عليه منطق الاحتكار والمضاربة.

ووسط هذا المشهد القاتم، تتجه الأنظار إلى الجهات الحكومية لمعرفة مدى استعدادها للاستجابة لهذه المطالب المتكررة، والعمل على إخراج القطاع من حالة الفوضى والاختلالات التي يتخبط فيها منذ سنوات.

وبين دعوات المربين إلى إنقاذ القطاع، وصمت الجهات الوصية، يبقى مستقبل تربية الدواجن في المغرب رهينًا بقرارات جريئة وإصلاحات فعلية تعيد الاعتبار لصغار المنتجين وتحقق التوازن المطلوب داخل سلسلة الإنتاج الوطنية.

آخر الأخبار