احتقان بسبب إقصاء الجمعيات من التخييم الصيفي.. والمساءلة البرلمانية تفتح الملف

الكاتب : انس شريد

21 يونيو 2025 - 09:30
الخط :

يتواصل الجدل داخل الأوساط التربوية والجمعوية بالمغرب بسبب الاتهامات الموجهة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بشأن طريقة تدبير العرض الوطني للتخييم، في ظل تزايد أصوات الجمعيات التي تتحدث عن إقصاء غير مبرر لجمعيات تربوية رائدة رغم استيفائها جميع الشروط القانونية والتنظيمية.

آخر فصول هذا الجدل جاء عبر سؤال كتابي وجهته النائبة البرلمانية فدوى محسين الحياني عن الفريق الحركي بمجلس النواب إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، تستفسره فيه عن خلفيات إقصاء عدد من الجمعيات وعلى رأسها المنظمة المغربية للفتيان الكشافة من المشاركة في برنامج التخييم لصيف 2025.

ونقل السؤال البرلماني، حالة الغضب والاستياء العميق الذي عبّرت عنه المنظمة المغربية للفتيان الكشافة، التي تنشط في المجال التربوي منذ أكثر من سبعة عشر سنة، معتبرة أن قرار إقصائها من العرض الوطني للتخييم جاء دون مبررات واضحة، رغم أن الجمعية استوفت جميع الشروط القانونية المطلوبة وفق دليل المساطر المعتمد رسميا من طرف الوزارة.

هذا الإقصاء، الذي وصفته مصادر جمعوية بأنه يكرّس منطق الانتقائية والترضيات على حساب مبدأ تكافؤ الفرص، أعاد إلى الواجهة النقاش حول مدى شفافية المنظومة، وحول المعايير المعتمدة فعليًا في عملية الانتقاء.

وأثار السؤال الكتابي، علامات استفهام حقيقية حول الجهات التي تساهم في توجيه الدعم العمومي وتوزيع الفرص، خاصة الدور المحوري الذي تلعبه الجامعة الوطنية للتخييم، باعتبارها شريكًا رسميًا للوزارة في تدبير العرض الوطني.

هذه التساؤلات أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى في ظل ما يعتبره الفاعلون الجمعويون حالة من الغموض التي تكتنف طريقة توزيع الدعم وتحديد الجمعيات المستفيدة، الأمر الذي يثير مخاوف من تغليب منطق العلاقات الشخصية والولاءات التنظيمية على منطق الكفاءة والاستحقاق.

ووجهت النائبة البرلمانية، في سؤالها سلسلة من الأسئلة الدقيقة إلى الحكومة، أبرزها طبيعة المعايير المعتمدة في تقييم ملفات الجمعيات التربوية المشاركة، وأسباب إقصاء المنظمة المغربية للفتيان الكشافة رغم استيفائها جميع الشروط، والإجراءات المتخذة لضمان استفادة الجمعيات النشيطة ميدانيًا، إلى جانب تساؤلات حول مدى مراقبة الوزارة لأداء الهيئات الشريكة في تدبير العرض، وخاصة في ما يتعلق بطريقة صرف الدعم العمومي واحترام قواعد العدالة المجالية.

هذه المستجدات البرلمانية تأتي تزامنًا مع حالة من الغليان وسط عدد من الجمعيات التربوية المحلية بمدينة العيون التي أعلنت بدورها استنكارها للإقصاء الذي طالها في هذا البرنامج الوطني.

وأكدت الجمعيات في بيانها أن قرار المنع صدر عن المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتخييم بالعيون والمديرية الجهوية للوزارة دون مبررات واضحة، معتبرة أن هذا السلوك يتناقض بشكل صريح مع مبادئ الشفافية والعدالة المجالية التي يُفترض أن يرتكز عليها البرنامج الوطني للتخييم.

وأوضحت الجمعيات المتضررة، أن وضعيتها القانونية سليمة، وأنها تتوفر على وصولات نهائية مسلمة من وزارة الداخلية، كما أنها تلتزم باتفاقيات الشراكة المبرمة مع الوزارة، ما يجعل قرار الإقصاء في نظرها فاقدًا للمشروعية الأخلاقية والقانونية، خاصة في ظل استفادة جمعيات أخرى لا تتوفر حتى على الحد الأدنى من الشروط المطلوبة.

في هذا السياق، أعلنت هذه الجمعيات نيتها خوض خطوات نضالية قانونية ومؤطرة، تبدأ بتنظيم وقفات احتجاجية سلمية ومراسلة مختلف الجهات الرسمية المعنية بالملف، بدءًا برئيس الحكومة ووزير الشباب والثقافة والتواصل، مرورًا بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، وصولًا إلى رفع الملف إلى أعلى المستويات في حال استمرار تجاهل مطالبها.

ودعا الاتحاد الإقليمي للجمعيات والمنظمات التربوية بالعيون بدوره والي الجهة ورئيس مجلس الجهة إلى التدخل العاجل لتسوية الملف وضمان حق الجمعيات في الاستفادة من العرض الوطني للتخييم، خاصة أن البرنامج ممول من المال العام ويُفترض أن يكون رافعة فعلية لتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين بغض النظر عن انتماءاتهم أو قربهم من مراكز القرار.

فيما المنظمة المغربية للفتيان الكشافة، بدورها في بيان رسمي عن استغرابها الشديد من هذا الإقصاء، معتبرة أن غياب الوضوح في تدبير هذا الورش الوطني يكرس منطق الانتقائية بدل الاستحقاق، ويضرب في العمق مبدأ الشفافية التي من المفترض أن تكون ركيزة أساسية في تدبير السياسات العمومية ذات البعد التربوي.

وطالبت المنظمة الوزارة بالكشف عن المعايير الحقيقية المعتمدة في تقييم ملفات الجمعيات، مع ضرورة نشر جدول التنقيط بشكل علني للرأي العام لتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وضمان الحق في المعلومة.

وفي سياق تصعيدي مؤطر، أعلنت المنظمة دخولها مرحلة جديدة من الإجراءات القانونية تبدأ بمراسلة مؤسسة الوسيط والبرلمان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع إعداد ملتمس رسمي إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره الضامن الأول لحقوق جميع المواطنين، دفاعًا عن حق الأطفال المغاربة في الاستفادة من فضاءات تربوية لائقة وعادلة.

كما طالبت المنظمة بفتح تحقيق مستقل في طريقة تدبير العرض الوطني للتخييم وكشف حقيقة الأدوار التي تلعبها بعض الهيئات الشريكة وعلى رأسها الجامعة الوطنية للتخييم، التي تستفيد من دعم مالي كبير دون أن تكون لهذا الدعم آثار واضحة على جودة التأطير والخدمات المقدمة للأطفال المستفيدين.

ورغم هذا الوضع المقلق، شددت المنظمة المغربية للفتيان الكشافة على أنها ستظل وفية لرسالتها التربوية النبيلة، وستواصل حضورها الميداني في خدمة الطفولة والشباب، مؤكدة التزامها بالدفاع عن حق الأطفال المغاربة في الاستفادة من برامج تخييم ترتكز على قيم الكفاءة والإنصاف، بعيدًا عن منطق الولاءات والحسابات الشخصية الضيقة.

آخر الأخبار