"البام" يفتح النار على الكوطا النسائية: تمثيلية محدودة ولا تضمن التأثير السياسي

في خطوة سياسية لافتة تعكس التحولات الجارية في مسار النضال النسائي داخل الحقل الحزبي المغربي، عقدت منظمة نساء حزب الأصالة والمعاصرة الدورة الثالثة لمجلسها الوطني، يوم السبت، بمدينة سلا، وسط أجواء مشحونة بالأسئلة العميقة حول واقع المرأة في المؤسسات التمثيلية، ومآلات التمكين السياسي، ومدى تجاوب الدولة والمجتمع مع رهانات إصلاح مدونة الأسرة، وإعادة رسم موقع النساء في مشروع الدولة الديمقراطية الحداثية.
وانطلقت أشغال المجلس الوطني، الذي تحول إلى منبر سياسي صريح يعكس تزايد طموح الكتلة النسائية داخل "البام"، بكلمة فاطمة السعدي، عضو القيادة الجماعية للحزب، والتي أكدت أن المغرب يعيش لحظة مفصلية في ما يتعلق بالمسألة النسائية، معتبرة أن "المرحلة لم تعد معركة نصوص فقط، بل معركة واقع"، وأن النساء مدعوات إلى تجاوز دور المطالبة إلى لعب أدوار فاعلة في صياغة السياسات وصناعة القرار.
وانتقدت السعدي استمرار الاكتفاء بما وصفته بـ"التمثيلية الرمزية"، معتبرة أن الكوطا وحدها لم تعد كافية لتحقيق التمكين السياسي.
ودعت إلى وضع أجندة استراتيجية شاملة تدمج قضايا المرأة في قلب المسارات التنموية والمؤسساتية.
وبلهجة نقدية واضحة، اعتبرت السعدي أن الحضور النسائي داخل المؤسسات المنتخبة يجب ألا يظل رهينا بردود الأفعال التشريعية، بل يتطلب رؤية شمولية تنبع من المجتمع وتتماهى مع تحولات الواقع، مشددة على أن خوض الاستحقاقات المقبلة يتطلب تحصين النساء انتخابيًا وثقافيًا.
وفي مداخلة قوية حملت رسائل سياسية مباشرة، أعلنت قلوب فيطح، رئيسة منظمة نساء الحزب، أن "البام" لن يتنازل عن طموح ترؤس الحكومة المقبلة سنة 2026 بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري، معتبرة أن الحزب بنسائه ورجاله أكثر جاهزية لخوض المعارك الانتخابية المقبلة وتحقيق الصدارة السياسية.
مشيرة إلى أن المنصوري، بما تمثله من قيادة نسائية قوية، تجسد نموذجًا مغربيًا متفردًا في القيادة النسائية الحزبية. ودعت فيطح الحكومة إلى التسريع بإصلاح مدونة الأسرة بما يراعي طموحات النساء ويقطع مع مظاهر الحيف والتمييز التي لا تزال قائمة.
وأكدت فيطح أن القضية النسائية تشكل أولوية دائمة في أجندة الحزب، لا مجرد شعار، مشيرة إلى أن المرجعيات القانونية والدستورية التي راكمها المغرب لفائدة النساء، ومنها مدونة الأسرة، مدونة الشغل، دستور 2011، القوانين المتعلقة بمحاربة العنف، ومصادقة المملكة على عدد من الاتفاقيات الدولية، كلها منجزات تُحسب للنضال النسائي المغربي لكنها تحتاج اليوم إلى استكمال التنفيذ وتجويد الممارسة. و
وطالبت في هذا الصدد بمراجعة بعض القوانين، خاصة القانون رقم 103.13 لمحاربة العنف ضد النساء، بما يستجيب للتحولات الرقمية والمجتمعية، ويفعّل الحماية الحقيقية للنساء، خاصة في المناطق الهشة والقروية.
بهذا الزخم من النقاشات والاقتراحات، اختتمت أشغال الدورة الثالثة للمجلس الوطني لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة، وهي تحمل في طياتها رسالة سياسية واضحة: إن زمن "الكوطا" الرمزية قد ولى، وإن طموح النساء داخل الحزب لم يعد يقف عند حدود التمثيلية الشكلية، بل يتجه نحو معركة القيادة وصناعة القرار من أعلى الهرم.