موجات الحر وواقع المسابح المهملة.. هل تبقى الأزمة خارج أجندة المنتخبين؟

الكاتب : انس شريد

25 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق خلال فصل الصيف، تعيش العديد من المدن المغربية على وقع أزمة خانقة ترتبط بندرة المسابح العمومية، أو تدهور حالتها إلى درجة تجعل منها غير صالحة للاستعمال.

ومع كل موجة حر، تعود هذه الإشكالية إلى واجهة النقاش العمومي، وتتعالى الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في وقت تواصل فيه المجالس المنتخبة، حسب الكثيرين، تجاهل مطالب المواطنين الذين يبحثون عن متنفس آمن يحمي أبناءهم من لهيب الصيف ومن مخاطر السباحة في الأماكن غير المؤهلة.

لطالما شكلت المسابح العمومية في المغرب ملاذاً شعبياً للفئات ذات الدخل المحدود، ووسيلة للترويح عن النفس في مواسم الحر الشديد، لا سيما في المدن الداخلية التي تبعد عن السواحل.

غير أن واقع الحال اليوم يشير إلى انهيار هذه الثقافة الترفيهية شبه المجانية، بعدما تحولت أغلب المسابح العمومية إلى مرافق مغلقة أو مهملة لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط النظافة والصيانة والأمان، بل إن بعضها أضحى يشكل تهديداً مباشراً على سلامة المرتادين، خصوصاً الأطفال.

ويُعزى هذا الوضع، بحسب عدد من المتتبعين، إلى سوء التدبير وقلة الموارد المخصصة من طرف المجالس الجماعية لصيانة هذه الفضاءات، مقابل ما يُنظر إليه كتركيز مفرط على الاستثمار في المشاريع التجارية أو ذات الطابع الربحي، على حساب البنيات الترفيهية العمومية التي تهم شرائح واسعة من المواطنين.

ومع بداية الصيف وارتفاع درجات الحرارة منذ يونيو الجاري، تجددت الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعجيل بفتح المسابح المهجورة أو المتوقفة، واستغلال كل الإمكانات المتاحة لتأهيلها وتشغيلها بالحد الأدنى من الخدمات، ما دامت تشكل ضرورة وليس ترفاً.

ولا يقتصر الغضب الشعبي على المدن التي تفتقر إلى مسابح عمومية فحسب، بل يمتد إلى تلك التي تتوفر عليها شكليًا، في حين أنها إما مغلقة بسبب مشاكل قانونية وإدارية، أو مفتوحة بشكل عشوائي دون ضمانات قانونية أو صحية.

ومن بين أبرز الأمثلة على هذا الواقع، ما أثير حول مسبح "عين السبع البلدي" بالدار البيضاء، حيث تفجرت موجة من الانتقادات عقب فتح المرفق في ظروف وُصفت بـ"المرتبكة" من طرف فعاليات مدنية ومستشارين جماعيين.

ففي الوقت الذي اعتُبرت فيه خطوة رئيس مقاطعة عين السبع يوسف لحسينية مبادرة مشجعة، سرعان ما تحولت إلى مصدر للجدل، بعد أن كشف فاعلون جمعويون ونشطاء محليون عن معطيات صادمة عن غياب علامات التحذير التي تحدد عمق المياه، مما يُعرض حياة الأطفال للخطر، إلى جانب طرح علامات استفهام عديدة حول الوضعية القانونية والإدارية والصحية للمسبح.

وفي هذا الصدد، وجه عبد الرحيم الصوتي، مستشار بالمقاطعة، عبر حسابه على فيسبوك، انتقادات مباشرة إلى رئيس المجلس، مطالبًا بتقديم توضيحات للرأي العام حول قانونية فتح المسبح، وتأمينه ضد الحوادث، في ظل تأكيدات تفيد بأنه لا يندرج ضمن المرافق المسجلة رسميًا في المقاطعة.

وفي خضم هذا الجدل المحلي، امتدت الدعوات إلى أعلى مستويات الإدارة الترابية، حيث طالبت فعاليات مدنية من والي جهة الدار البيضاء سطات، محمد امهيدية، بالتدخل الفوري لفتح تحقيق في الموضوع، لاسيما في ظل ما وصفوه بـ"التكدس غير الآمن للأطفال داخل مسبح غير مرخص، بمياه لا يُعرف مصدرها أو جودتها"، ما قد يعرض حياة المئات من الأسر محدودة الدخل لمخاطر صحية.

وسبق أن وجهت المعارضة البرلمانية أسئلة متكررة إلى الحكومة حول السياسات العمومية المعتمدة في تدبير المسابح، ومدى احترامها لشروط السلامة والصحة، خصوصاً في ظل انعدام بدائل ترفيهية متاحة ومجانية لعدد من الفئات المجتمعية، في بلد يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة سنة بعد أخرى.

آخر الأخبار