أزمة التقاعد تشعل النقاش البرلماني.. تحذيرات من كلفة تأجيل الإصلاح

الكاتب : انس شريد

25 يونيو 2025 - 10:30
الخط :

عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب إلى واجهة النقاش السياسي والاجتماعي، وسط تحذيرات متزايدة من اقتراب نفاد احتياطات صناديق التقاعد وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مئات الآلاف من المتقاعدين.

وتتزامن هذه التحذيرات مع ضغوط متنامية من النقابات والبرلمان ومكونات المجتمع المدني، للمطالبة بإصلاح شامل يضمن ديمومة الأنظمة التقاعدية ويصون حقوق المنخرطين، في وقت تتعالى فيه الأصوات الرافضة لأي تأجيل إضافي لهذا الورش الذي يوصف بـ"الاستعجالي" و"الاجتماعي بامتياز".

وخلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الأربعاء 25 يونيو 2025، أجمع نواب الأغلبية والمعارضة على ضرورة التعجيل بإصلاح منظومة التقاعد، مؤكدين أن الأمر لم يعد يحتمل المزيد من التأخير أو المزايدات السياسية.

واعتبر المتدخلون أن الحفاظ على استدامة الصناديق التقاعدية يمثل أولوية وطنية، بالنظر إلى ارتباطه المباشر بمصير ملايين المغاربة، من متقاعدين وأسرهم.

ويواجه النظام الحالي، حسب فرق المعارضة والأغلبية اختلالات مالية وهيكلية عميقة، أبرزها العجز المتسارع الذي يُهدد الصندوق المغربي للتقاعد، حيث تشير التوقعات إلى احتمال نفاد احتياطاته المالية خلال سنوات قليلة إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل.

وطالبت خديجة الزومي، النائبة عن الفريق الاستقلالي، بإصلاح تشريعي شامل يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وينصف النساء والأشخاص في وضعية إعاقة.

ودعت إلى تجاوز الحلول الترقيعية السابقة، مؤكدة أن أي مشروع جديد يجب أن يُبنى على تشاور موسع مع جميع الفرقاء، لأن الورش يهم شريحة واسعة من المجتمع.

في المقابل، أكد محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن الحكومة ملتزمة بمنهج التشاركية، وأنها بصدد استكمال المشاورات مع الشركاء الاجتماعيين حول المسودات المعدة للإصلاح.

وأوضح أن رئيس الحكومة أعطى تعليماته للجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد من أجل إطلاق جولة جديدة من الحوار، بهدف التوصل إلى توافق وطني يُعزز التماسك الاجتماعي ويُراعي حقوق الفئات الهشة.

أما المعارضة، فقد عبّرت عن استيائها من تأخر الحكومة في الوفاء بتعهداتها.

وأوضح سعيد بعزيز، النائب عن الفريق الاشتراكي، أن الحكومة التزمت بإصلاح التقاعد في أفق 2024 لكنها لم تلتزم بالآجال المحددة.

وأكد أن المعارضة مستعدة للتصويت على مقترحات القوانين ذات الصلة، ولو تم رفضها في الجلسات العامة، مشيراً إلى إمكانية اللجوء إلى الآليات الدستورية للدفاع عن مشاريع القوانين الاجتماعية.

وفي السياق نفسه، اعتبرت نعيمة الفتحاوي، النائبة عن مجموعة العدالة والتنمية، أن التوافق الحاصل بين الأغلبية والمعارضة بشأن قوانين جوهرية مثل التقاعد، يُشكل فرصة للحكومة للإسراع في تقديم مشروعها التشريعي.

وشددت على أن التأخير في معالجة هذا الملف ستكون له كلفة اجتماعية واقتصادية متزايدة.

من جهته، شدد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، على ضرورة وضع برمجة زمنية واضحة لهذا الإصلاح، معتبراً أن التعامل مع الموضوع يتطلب جدية سياسية لضمان استمرارية الدولة الاجتماعية.

واعتبر أن الاكتفاء بإصدار نصوص تشريعية دون أفق تنفيذي لن يساهم في معالجة الأزمة البنيوية للصناديق.

وسبق أن أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، مؤخرا، أن الحكومة ماضية في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في احترام لتوجيهات الملك محمد السادس، مشيرة إلى أن اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد ستعقد اجتماعاتها خلال الأيام المقبلة برئاسة رئيس الحكومة، بهدف استكمال المشاورات التقنية والسياسية.

كما أكدت أن الإصلاح يستند إلى عمل تقني دقيق بمشاركة مختلف الصناديق وهيئات التأمين والخبراء المعنيين.

وبين دعوات البرلمان وضغوط النقابات ومواقف الحكومة، يبقى ورش إصلاح التقاعد مفتوحاً على كل الاحتمالات، في انتظار التوصل إلى صيغة توافقية تؤسس لنظام عادل ومستدام يُعيد الثقة إلى المنظومة ويحمي حقوق الأجيال الحالية والمقبلة.

آخر الأخبار