ارتفاع البطالة تزيد من رغبة الشباب في مغادرة البلاد

كشفت معطيات حديثة صادرة عن شبكة "أفروباروميتر" عن تنامي الرغبة في الهجرة لدى فئة واسعة من الشباب المغربي، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وتراجع فرص الشغل.
وأشار التقرير إلى أن 28% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة صرحوا بأنهم فكروا "كثيرا" في مغادرة البلاد، مقارنة بـ20% فقط سنة 2017.
وبحسب نفس المصدر، فإن المحرك الأساسي لهذه الرغبة في الهجرة يظل اقتصاديا بالدرجة الأولى؛ إذ عبر 54% من هؤلاء الشباب عن رغبتهم في تحسين وضعهم المهني، فيما قال 12% إنهم يطمحون إلى توسيع آفاقهم التجارية، و12% يرغبون في مواصلة الدراسة، بينما يسعى 10% إلى الهروب من الفقر، مقابل 4% فقط يهدفون إلى خوض تجارب جديدة في الخارج.
ويأتي هذا التوجه في سياق تتفاقم فيه مؤشرات البطالة، خاصة لدى الفئات الشابة، حيث بلغ معدل البطالة في صفوف من تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة نسبة 37.7% خلال الربع الأول من سنة 2025، مقارنة بـ35.9% في نفس الفترة من السنة الماضية، في حين سجل المعدل العام للبطالة تراجعاً طفيفا على المستوى الوطني.
رغم ذلك، أشار التقرير إلى أن الشباب المغربي اليوم يتمتع بمستويات تعليمية أعلى مقارنة بالأجيال السابقة، حيث إن 56% من الفئة العمرية بين 18 و35 سنة حصلوا على تعليم ما بعد الثانوي، مقابل نسب تراوحت بين 9% و27% لدى الفئات الأكبر سنا.
إلا أن هذا التقدم لم ينعكس على مستوى الاندماج المهني، إذ لا يزال 63% من الشباب خارج دائرة النشاط الاقتصادي، من بينهم 21% يبحثون عن عمل، وهي نسبة تعادل ثلاثة أضعاف نظيرتها لدى الفئة ما بين 36 و45 سنة.
ويعزو التقرير هذا الانفصال بين التعليم والشغل إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها غياب التوافق بين التكوين الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل، وهو ما أشار إليه 34% من المستجوبين، بالإضافة إلى نقص التجربة المهنية (18%)، وضعف المهارات الريادية، وعدم الاستعداد للانخراط في بعض القطاعات مثل الفلاحة والأشغال الشاقة.
وفي ظل هذه المعضلات، أبدى الشباب المغربي ميولاً متزايدة نحو ريادة الأعمال كمخرج بديل، إذ أعرب 47% عن رغبتهم في إطلاق مشاريعهم الخاصة، بينما فضل 31% العمل في القطاع العمومي، و10% في القطاع الخاص، و3% فقط في منظمات غير حكومية.
وعند سؤالهم عن أولوياتهم من السياسات العمومية، أكد 65% من الشباب أن خلق فرص الشغل ينبغي أن يكون على رأس اهتمامات الحكومة، متبوعاً بتسهيل الحصول على القروض (16%)، ثم تطوير التعليم (7%)، والتكوين المهني (6%)، والخدمات الاجتماعية (5%).
ورغم قتامة المؤشرات الاقتصادية، عبر الشباب عن نسبة مهمة من التفاؤل بخصوص مستقبل البلاد، حيث قال 73% منهم إنهم يعتقدون أن المغرب "يسير في الاتجاه الصحيح"، وهي النسبة ذاتها المسجلة لدى من تفوق أعمارهم 46 سنة، فيما تراجعت إلى 59% في صفوف من تتراوح أعمارهم بين 36 و45 سنة.
وفي ما يتعلق بأكثر القضايا إلحاحا التي تنتظر حلولا حكومية، تصدرت البطالة قائمة الانشغالات بنسبة 70%، تلتها تكلفة المعيشة (47%)، ثم الجفاف والتعليم معا بنسبة 44%، بينما حلت مشكلات الصحة والفقر في مراتب أقل أهمية حسب المستجوبين.