الانفصال تحت مجهر الإرهاب.. هل تمضي أمريكا نحو تجريم البوليساريو؟

تشهد قضية الصحراء المغربية تحولات جذرية وغير مسبوقة على الساحة الدولية، مع تزايد المطالب داخل الأوساط السياسية الأمريكية والأوروبية بتصنيف جبهة البوليساريو الانفصالية كمنظمة إرهابية، على خلفية اتهامات متنامية بتورطها في أنشطة مسلحة وشبكات تهريب عابرة للحدود، إضافة إلى علاقات مشبوهة مع تنظيمات متطرفة تنشط في منطقة الساحل والصحراء.
في هذا السياق، أعلن السيناتور الجمهوري الأمريكي، جو ويلسون، عن تقديم مشروع قانون إلى الكونغرس الأمريكي الـ119 يهدف إلى إدراج جبهة البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وهي الخطوة التي جاءت بدعم مشترك من النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، ما يعكس الطابع الحزبي الثنائي لهذا المقترح.
وكتب ويلسون في تغريدة على منصة X أن البوليساريو "ميليشيا ماركسية مدعومة من إيران وحزب الله وروسيا، وتوفر لطهران موطئ قدم استراتيجي في إفريقيا، وتزعزع استقرار المملكة المغربية، الحليف التاريخي للولايات المتحدة منذ 248 عاماً".
ويحمل مشروع القانون، الذي يُطلق عليه اسم "قانون تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية"، دلالات سياسية وأمنية عميقة، خاصة في ظل تزايد القلق الأمريكي من التمدد الإيراني في القارة الإفريقية.
وتعتبر واشنطن أن جبهة البوليساريو قد تحولت من مجرد حركة انفصالية إلى فاعل ميداني ضمن شبكة النفوذ الإيراني، يشكل تهديداً مباشراً للمصالح الأمريكية والغربية عموماً، لاسيما في ظل ما يُشتبه في كونه تنسيقاً لوجيستياً وعسكرياً مع جهات مدعومة من طهران.
ويأتي هذا المقترح في وقت تحقق فيه الدبلوماسية المغربية مكاسب استراتيجية في ملف الصحراء، أبرزها إعلان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، في فاتح يونيو 2025، دعم المملكة المتحدة لخطة الحكم الذاتي المغربية، واعتبارها "الأكثر مصداقية وواقعية" لحل هذا النزاع المزمن، ما يعزز الزخم الدبلوماسي الذي راكمته الرباط في السنوات الأخيرة.
وفي حال صادق الكونغرس والبيت الأبيض على مشروع القانون، فإن تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي سيترتب عنه تجميد أصولها المالية داخل الولايات المتحدة، ومنع أي تعامل رسمي أو غير رسمي معها من قبل المؤسسات الأمريكية أو الهيئات الدولية المرتبطة بواشنطن.
وتزامناً مع هذه الدينامية، تتزايد التقارير الأمنية والاستخباراتية التي تحذر من خطر التحالفات القائمة بين البوليساريو وتنظيمات جهادية تنشط في الساحل الإفريقي.
وكشفت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية، مؤخرا، استناداً إلى مصادر استخباراتية موثوقة، عن وجود عدد من القيادات الجهادية المنحدرة من مخيمات تندوف ضمن الهياكل القيادية لتنظيم "داعش".
ووفق المعطيات ذاتها، فإن هؤلاء العناصر، الذين نشأوا داخل معسكرات تابعة للبوليساريو في الجزائر، يمتلكون خبرة ميدانية واسعة وشبكات تسلل فعالة تمكنهم من لعب دور أساسي في تهديد الأمن الأوروبي، لا سيما من خلال تحفيز "الذئاب المنفردة" داخل المدن الأوروبية.
وتشير أجهزة الاستخبارات الإسبانية، حسب ما تناقلته الصحيفة، إلى أن هؤلاء القادة الجهاديين قد يستغلون أي تدخل عسكري محتمل من طرف أوروبا في منطقة الساحل لتأجيج العنف وشن هجمات إرهابية، في وقت تمر فيه دول المنطقة بأوضاع أمنية هشة، وخصوصاً في المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، الذي بات مرتعاً للتنظيمات المتطرفة.
وبينما تستمر الرباط في تكثيف جهودها الدبلوماسية لتأمين دعم متزايد لمبادرة الحكم الذاتي، فإن طرح مشروع القانون الأمريكي الجديد يشكل منعطفاً حاسماً في التعاطي الدولي مع جبهة البوليساريو، قد يعيد ترتيب موازين القوى في المنطقة ويعزز موقع المغرب كشريك محوري في جهود الاستقرار ومكافحة الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا.