هل تخلت بريطانيا عن مشروع الربط الكهربائي مع المغرب؟

الكاتب : انس شريد

26 يونيو 2025 - 11:50
الخط :

في خضم التحول العالمي نحو الطاقات المتجددة، كان مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والمملكة المتحدة يُعد واحدًا من أكثر المشاريع الطموحة التي أثارت الانتباه، ليس فقط بسبب حجمه وتكلفته، ولكن أيضًا لما يحمله من إمكانات استراتيجية هائلة في مجال الانتقال الطاقي العابر للقارات.

المشروع الذي يُعرف باسم “إكس لينكس” مثّل نموذجًا غير مسبوق للتعاون جنوب – شمال في ميدان الطاقة النظيفة، وراهن على توظيف الموارد المتجددة المغربية لتزويد الملايين من الأسر البريطانية بالكهرباء النظيفة عبر كابل بحري بطول يقارب 4000 كيلومتر.

وكان المشروع أيضًا يعد رافعة تنموية مهمة للمغرب، حيث كان يهدف أن يخلق حوالي 12 ألف فرصة عمل مؤقتة خلال مرحلة البناء، فضلاً عن فرص تشغيل دائمة بعد إطلاقه.

غير أن هذا الطموح تلقى صفعة موجعة بعد تأكيد رسمي من الحكومة البريطانية يفيد بعدم نيتها مواصلة دعم المشروع.

ووفقا لما تناقلته الصحافة البريطانية، فقد أعلنت وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني، عبر بيان خطي قدمه الوزير مايكل شانكس إلى البرلمان، أن المشروع لم يعد يُنظر إليه كأولوية ضمن الاستراتيجية الوطنية للطاقة، والتي باتت تركز على تعزيز الإنتاج المحلي.

هذا القرار، حسب ما تم تداوله، شكل تراجعًا لافتًا عن الاعتراف السابق الذي منحته الحكومة البريطانية للمشروع باعتباره “ذا أهمية وطنية” سنة 2023، وأثار استغرابًا شديدًا لدى الشركة المطورة التي سارعت إلى التعبير عن خيبة أملها الكبيرة مما وصفته بـ"تفويت فرصة تاريخية".

رئيس مجلس إدارة شركة "إكس لينكس"، السير ديف لويس، لم يخف استياءه من القرار، حسب بيان الشركة، معتبرًا أن المشروع كان يقدم عرضًا تنافسيًا للغاية ضمن آلية "عقد مقابل الفروقات"، ولا يطلب أي تمويل حكومي مسبق.

وبحسب ما جاء في بلاغ صادر عن الشركة، فإن مشروع "إكس لينكس" لا يقدم فقط بديلًا مستدامًا وفعالًا للطاقة، بل يتفوق أيضًا على البدائل النووية من حيث الكلفة وسرعة الإنجاز.

وقد لوّحت الشركة سابقًا باحتمال تغيير وجهة المشروع صوب بلدان أخرى، في حال استمرار غياب الدعم الحكومي البريطاني، خصوصًا بعدما طلبت في ماي الماضي تعليقًا مؤقتًا لمسار الموافقة الرسمية في انتظار اتضاح موقف الحكومة من طلبها.

وكان المشروع قد استقطب اهتمامًا واسعًا من كبار المستثمرين الدوليين الذين ضخوا، حتى الآن، ما يفوق 100 مليون جنيه إسترليني في مرحلة التطوير، وسط تقديرات بأن يصل الأثر الاقتصادي والاجتماعي له إلى حوالي 20 مليار جنيه إسترليني، بينها 5 مليارات موجهة مباشرة إلى الاقتصاد الأخضر البريطاني.

وكان المشروع يستهدف تزويد ما يعادل سبعة ملايين منزل في المملكة المتحدة بطاقة نظيفة ومنخفضة الكلفة، أي ما يناهز 8% من الطلب الوطني على الكهرباء.

كما كان من المرتقب أن يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة البريطاني بنسبة تصل إلى 10%، مع تقديم حل عملي لتقلبات الطقس التي تؤثر على إنتاج الطاقات المتجددة محليًا.

ولهذه الاعتبارات، عبّر العديد من الخبراء والمهتمين بالشأن الطاقي، حسب ما تناقلته الصحافة البريطانية، عن دهشتهم من تراجع الحكومة البريطانية عن دعم مشروع بهذه المقومات، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار الطاقة، وحاجة المملكة المتحدة إلى مصادر موثوقة ومستقرة من الكهرباء.

آخر الأخبار