مع اشتداد الحر.. انتعاش سوق المكيفات وتحرك برلماني لإنصاف المناطق الفقيرة

في ظل موجة الحر التي تشهدها المملكة المغربية منذ بداية فصل الصيف، تعرف مختلف المدن ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، حيث تراوحت ما بين 30 و46 درجة مئوية، وصلت في بعض المناطق الداخلية والجنوبية إلى مستويات قياسية تجاوزت 47 درجة.
هذا الوضع المناخي الحاد دفع عدداً كبيراً من المواطنين، خصوصاً في المدن الكبرى، إلى البحث عن حلول عملية لتخفيف وطأة الحرارة، وعلى رأسها اقتناء أجهزة تكييف الهواء والمراوح الكهربائية.
داخل المركز التجاري "درب عمر" بالدار البيضاء، رصدت "الجريدة 24" حركة غير مسبوقة من الزبائن، الذين توافدوا بكثافة على المحلات المتخصصة في بيع الأجهزة الكهرو منزلية، خاصة منها مكيفات الهواء.
ووفق ما أفاد به عدد من التجار، فإن الإقبال تضاعف بشكل لافت منذ مطلع شهر يوليوز، حيث تسجل المحلات معدلات بيع تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس وحدات يومياً، مع تنوع في اختيارات المستهلكين حسب القدرة الشرائية والجودة المطلوبة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن أسعار المراوح الكلاسيكية تتراوح بين 250 و500 درهم، وتحظى بإقبال واسع لدى الأسر ذات الدخل المتوسط.
أما مكيفات الهواء فتبدأ أسعارها من 2000 درهم، وقد تصل إلى 9000 درهم، حسب العلامة التجارية والمواصفات التقنية، من بينها قوة التبريد ودرجة استهلاك الطاقة الكهربائية.
وتخضع هذه الأجهزة، حسب التجار، لمراقبة مشددة من طرف المصالح المختصة، في إطار تدابير حماية المستهلك وضمان جودة المنتجات المعروضة في الأسواق.
هذا الإقبال المتزايد على أجهزة التبريد يتوقع أن ينعكس على استهلاك الطاقة خلال فصل الصيف، خاصة في المدن الكبرى التي تعرف كثافة سكانية عالية.
ويتخوف مراقبون من أن يؤدي هذا الوضع إلى ضغط إضافي على الشبكة الكهربائية الوطنية، ما يستدعي تدبيراً رشيداً للاستهلاك وتحفيز المواطنين على استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة.
في سياق متصل، طرح النائب البرلماني حسن أومريبط سؤالاً كتابياً على وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، دعا فيه إلى بلورة استراتيجية واضحة وشاملة لمواجهة موجات الحرارة المرتفعة، خاصة في المناطق الداخلية والجنوبية التي تعرف مناخاً قاسياً خلال فصل الصيف.
وأبرز أومريبط أن هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يُعد أحد أبرز مظاهر التغيرات المناخية التي تضرب البلاد، ويشكل تهديداً حقيقياً للصحة العامة، لا سيما بالنسبة للأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
وأشار النائب إلى أن فئات واسعة من المغاربة، خاصة القاطنين في القرى والدواوير النائية، لا تملك الوسائل التقنية أو المالية لمواجهة هذه الظاهرة، في ظل غياب وسائل التبريد داخل منازلهم.
كما نبّه إلى أن هذا الوضع يكرّس التفاوتات الاجتماعية والمجالية، ويزيد من هشاشة الأسر الفقيرة أمام التغيرات المناخية المتسارعة.
ودعا أومريبط الحكومة إلى اعتماد جملة من الإجراءات العاجلة، من بينها تخفيض فواتير الكهرباء خلال أشهر الصيف لفائدة الأسر القاطنة في المناطق المعروفة بشدة حرارتها، وتوفير مكيفات بأسعار مناسبة وباستهلاك منخفض للطاقة، مع تشجيع استخدام التكنولوجيات المعتمدة على الطاقات المتجددة.
كما شدد على ضرورة تجهيز المؤسسات العمومية، كالمراكز الصحية والمدارس والإدارات، بأنظمة تبريد فعالة وذات كفاءة طاقية عالية، والعمل على تطوير بدائل بيئية للتبريد، من بينها تعزيز المساحات الخضراء داخل المدن، وإنشاء مسطحات مائية، واعتماد تصميم عمراني يقوم على الأرصفة العاكسة والأسطح الباردة، إضافة إلى تحسين عزل المباني لتقليص الحاجة المستمرة إلى التبريد.
في ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحة إلى مقاربة وطنية شاملة تجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، لضمان عدالة مناخية حقيقية وتمكين جميع المواطنين من حقهم في بيئة سليمة وعيش كريم، حتى في أكثر الفصول قسوة.