كارثة جديدة في سوق السالمية.. ألسنة اللهب تفضح ملف العشوائيات بالدار البيضاء

في مشهد يتكرر بشكل مأساوي ويعيد إلى الواجهة إشكالية الأسواق العشوائية في كبريات المدن المغربية، اندلع اليوم الأحد حريق مهول بسوق السالمية لبيع قطع غيار السيارات بمدينة الدار البيضاء، متسببًا في خسائر مادية جسيمة وحالة من الذعر وسط التجار والساكنة المجاورة.
ووفقا لما توصلت به "الجريدة 24"، فقد التهمت ألسنة النيران عدداً كبيراً من المحلات التجارية، خاصة تلك المتخصصة في بيع قطع غيار العربات المستعملة، في حين امتدت ألسنة اللهب إلى بعض السيارات المتوقفة قرب السوق، ما ضاعف من حجم الأضرار.
وتدخلت عناصر الوقاية المدنية بشكل عاجل مدعومة بعدد من شاحنات الإطفاء للسيطرة على الحريق.
وعبر عدداً من التجار في تصريحات مختلفة، عن استيائهم من استمرار تجاهل الجهات المعنية لمطالب تأهيل السوق وتوفير شروط السلامة الأساسية.
كما طالبت ساكنة السالمية مرارا بإزالة هذا السوق العشوائي، حيث تسببت الروائح الكريهة المنبعثة من هذه الورشات العشوائية في خلق معاناة يومية للساكنة، وسط شعور بالإحباط من غياب تدخل حاسم من الجهات المنتخبة.
ويأتي هذا الحريق بعد أقل من أسبوع على اندلاع حريق بسوق “المسيرة” التابع لمنطقة حي مولاي رشيد، ما يسلط الضوء مجدداً على هشاشة البنيات التحتية بهذه الأسواق العشوائية، ويطرح تساؤلات حادة حول نجاعة التدخلات المؤسساتية لحماية هذه الفضاءات.
في السياق ذاته، قام والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، مؤخراً بزيارة تفقدية لسوق المسيرة عقب حريق الأسبوع الماضي، حيث ترأس اجتماعاً طارئاً أكد خلاله على ضرورة وضع حد للفوضى والعشوائية التي تسم هذه الأسواق، مع التفكير في حلول هيكلية من قبيل إعادة إيواء التجار في فضاءات مؤهلة ونسخ تجربة "سوق الصالحين" بمدينة سلا.
وقد باشرت السلطات الأمنية، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، تحقيقاً فورياً لتحديد ملابسات هذا الحريق الجديد، حيث حلّت مصالح الشرطة التقنية والعلمية بعين المكان لجمع الأدلة والقيام بالمعاينات الضرورية في انتظار تقرير الخبرة التقنية الذي سيكشف عن الأسباب المحتملة.
وطالبت فعاليات محلية بضرورة توسيع نطاق التحقيق ليشمل أوجه القصور في مراقبة البنية الكهربائية، والتراخيص، وتوفير أدوات الوقاية والسلامة داخل هذه الأسواق التي تُركت، وفق تعبيرهم، "تحت رحمة العشوائية والإهمال الإداري".
وتعيد هذه الحادثة فتح النقاش حول واقع الأسواق العشوائية بجهة الدار البيضاء الكبرى، التي تعاني من غياب التنظيم وضعف البنية التحتية، ما يجعلها عرضة لمخاطر متكررة، في ظل بطء واضح في تنفيذ مشاريع التأهيل الحضري رغم تواتر الوعود والتوصيات السابقة.
ودعا عدد من المتابعين للشأن المحلي الجهات المنتخبة إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في هذا الملف، والعمل على إخراج حلول واقعية ومنصفة للتجار المتضررين، بما يضمن سلامة الأرواح والممتلكات، ويضع حداً لتكرار مثل هذه الكوارث التي تُهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لفئات واسعة من المواطنين.