سلامة "الدلاح" تثير جدلا في الصيف.. وأونسا توضح إجراءات المراقبة الصارمة

تشهد الأسواق المغربية، مع بداية فصل الصيف، انتشارًا واسعًا لفاكهة البطيخ الأحمر، المعروفة محليًا بـ"الدلاح"، التي تعد من أكثر الفواكه استهلاكًا خلال هذا الموسم، نظرا لما توفره من انتعاش طبيعي في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب سعرها المناسب وتوفرها بكثرة في الأسواق الشعبية وعربات الباعة المتجولين.
ورغم الإقبال الكبير على هذه الفاكهة، تزايدت في الآونة الأخيرة المخاوف المرتبطة بسلامتها وجودتها، عقب تسجيل حالات متفرقة من التسمم الغذائي في عدد من المناطق، نتيجة تناول بطيخ فاسد أو معرّض لعوامل تخزين غير صحية، وهو ما أثار تساؤلات لدى الرأي العام حول مدى احترام شروط السلامة الصحية في مراحل نقل وبيع هذا المنتوج، خاصة في الأسواق غير المهيكلة.
وتم تسجيل حالات تسمم غذائي لدى مواطنين، مؤخرا بإقليم تارودانت خاصة من الفئات الهشة والأطفال، ظهرت عليهم أعراض حادة كالقيء والمغص والإسهال وارتفاع درجة الحرارة، مباشرة بعد استهلاكهم لفاكهة البطيخ.
وتُعزى هذه المخاوف إلى طريقة عرض البطيخ في عدد من نقاط البيع، حيث يُعرض تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، أو يُخزن في ظروف غير ملائمة، فضلاً عن نقله من الضيعات الفلاحية إلى الأسواق دون اعتماد وسائل تبريد تحفظ جودته وتُقلل من احتمالات فساده، ما يجعله عرضة للتلف ونمو البكتيريا الضارة.
وفي هذا الإطار، أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) أنه يُواصل عمليات المراقبة الميدانية المنتظمة لفاكهة البطيخ الأحمر على الصعيد الوطني، ضمن برنامج وطني يمتد على طول سلسلة الإنتاج والتوزيع.
وشددت رئيسة قسم مراقبة المنتجات النباتية وذات الأصل النباتي بـ"أونسا"، خديجة عاريف، في مقطع توعوي عبر الصفحة الرسمية للمكتب، أن مصالح أونسا تقوم بأخذ عينات دورية من الضيعات الفلاحية ووحدات التلفيف وأسواق الجملة ومحلات البيع بالتقسيط، وإخضاعها لتحاليل مخبرية دقيقة للتأكد من خلوها من المبيدات المحظورة ومطابقتها للمعايير الصحية.
وأوضحت خديجة عاريف، أن المكتب أخذ خلال الموسم الماضي ما يزيد عن 5700 عينة من الخضر والفواكه والنباتات العطرية، من بينها أكثر من 850 عينة من فاكهة البطيخ الأحمر، مؤكدة أن عمليات المراقبة ستُعزَّز هذا الموسم من خلال رفع عدد العينات وتحسين أدوات الرصد والتتبع.
وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن نتائج التحاليل المخبرية تُشكل معيارًا أساسيًا لتحديد مدى مطابقة المنتجات الزراعية، وفي حالة تسجيل تجاوزات أو عدم احترام المعايير، يتم اتخاذ إجراءات فورية تشمل سحب المنتجات من السوق، إتلاف الكميات غير الصالحة، وتحرير محاضر في حق المخالفين تُحال على الجهات المختصة.
وفي الجانب التوعوي، دعت ذات المتحدثة، المواطنين إلى اقتناء فاكهة البطيخ من نقاط بيع معروفة وموثوقة، واحترام شروط النظافة والتخزين داخل المنازل. كما نصح بعدم ترك الفاكهة المقطعة في درجة حرارة الغرفة، وإدخالها مباشرة إلى الثلاجة بعد فتحها، مع استهلاكها خلال فترة لا تتجاوز أربعة أيام.
وفي الوقت الذي تؤكد فيها الجهات المختصة سلامة المنتوج الوطني واحترامه للمعايير الصحية في الغالبية العظمى من الحالات، تُطرح إشكالية مراقبة قنوات التوزيع غير المهيكلة كأحد أبرز التحديات، خصوصًا في الأسواق الشعبية والأحياء الهامشية، حيث تغيب شروط العرض السليم، ما يجعل المنتوج عرضة للتلف والتلوث.
ويرى مهنيون ومراقبون أن ضمان سلامة الفواكه الصيفية، وعلى رأسها البطيخ الأحمر، يتطلب تكاملاً في الأدوار بين الفلاحين والموزعين والسلطات الرقابية والمستهلكين، مع ضرورة تنظيم الأسواق وتعزيز المراقبة على البيع العشوائي، خاصة في الفترات التي تزداد فيها درجات الحرارة، والتي تُعد بيئة مثالية لنمو الميكروبات وتكاثرها في الأغذية الحساسة.