آلاف الشباب بدون سند قانوني.. هل تتجه الحكومة لحماية حقوق عمال التوصيل؟

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا كبيرًا في عدد الشركات المغربية التي تخصصت في تقديم خدمات توصيل الوجبات السريعة، البضائع، والمنتجات الغذائية عبر منصات التطبيقات الذكية، وهو ما أدى إلى خلق فرص عمل جديدة للعديد من الشباب المغربي.
وتعتبر هذه الشركات بمثابة حلقة وصل بين الزبائن والمنتجات، حيث تعتمد بشكل أساسي على شباب يمتلكون دراجات نارية أو هوائية لتنفيذ عمليات التوصيل. ورغم الإقبال الواسع على هذه الخدمة، إلا أن العاملين في هذا القطاع يواجهون العديد من التحديات القانونية والاجتماعية التي تؤثر على ظروف عملهم.
وبالرغم من أن هذه الشركات تحظى بنجاح كبير في السوق المغربي، إلا أن الشباب العاملين في مجال إيصال الوجبات السريعة لا يتوفرون على أي تغطية قانونية أو اجتماعية. كما أنهم لا يحصلون على أجور شهرية ثابتة، بل يعتمدون على الأجر المتغير المرتبط بعدد الطلبات التي ينجزونها.
هذا الوضع خلق حالة من عدم الاستقرار الوظيفي، وزاد من القلق بين العاملين، الذين لا يعرفون في الكثير من الأحيان ما إذا كانوا سيحصلون على دخل ثابت أم لا.
وأثار هذا الموضوع اهتمام نواب البرلمان، الذين ناقشوا وضعية هؤلاء العمال في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، حيث أكد بعضهم أن هؤلاء الشباب لا يتمتعون بأي حقوق قانونية أو اجتماعية تضمن لهم الحد الأدنى من الحماية.
كما أشاروا إلى أن هذه الوضعية تتطلب تدخلاً عاجلاً من قبل الحكومة من أجل إيجاد حلول قانونية ترعى حقوقهم وتوفر لهم الحماية التي يستحقونها.
وفي هذا السياق، تدخل وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، في اجتماع اللجنة ليؤكد أهمية معالجة هذا الوضع بشكل عاجل. شدد الوزير على ضرورة إيجاد حلول توازن بين النموذج الاقتصادي لهذه الشركات وبين حقوق العاملين.
وأكد أن التحدي الأكبر يكمن في تحديد ما إذا كان هؤلاء العاملون يعتبرون "أجراء" أم لا، وهو سؤال ليس محصورًا في المغرب فحسب، بل يمتد إلى مستوى عالمي.
وأوضح السكوري أن الهدف من التعديلات المرتقبة على مدونة الشغل ليس "كسر الاقتصاد" أو "عدم احترام النموذج الاقتصادي" لهذه المنصات، بل هو ضمان عدم تضرر الفئات العاملة في هذا القطاع.
وقد أكد الوزير على ضرورة ضمان شفافية الخوارزميات التي تحدد العوائد المالية للعاملين، خصوصًا عندما تكون الأجرة مرتبطة بشكل كامل بعدد الخدمات المنجزة.
واقترح الوزير أيضًا إمكانية اعتبار هؤلاء العاملين "مقاولين ذاتيين"، ولكن بشرط أن يكون هذا الخيار طوعيًا، ومنحهم في الوقت ذاته الحق في الحصول على الحماية الاجتماعية.
كما رفض السكوري أي شكل من أشكال "الاستبداد" في سوق العمل، مشددًا على ضرورة أن تكون ظروف العمل متوافقة مع حقوق العمال.
وأثار الوزير قضية أخرى مهمة، وهي ضرورة توفير تغطية اجتماعية لهؤلاء العمال، مشددا أن الحل يكمن في إيجاد آلية تساهم فيها الشركات بشكل مشترك، مثل إنشاء صندوق يضمن حقوق هؤلاء العمال.
ومن المتوقع أن تستمر هذه النقاشات في البرلمان خلال الفترة القادمة، حيث يهدف المسؤولون الحكوميون إلى التوصل إلى حلول قانونية عادلة تضمن حقوق العاملين في هذا القطاع، وتوفر الحماية الاجتماعية التي يحتاجونها في ظل ظروف العمل المتغيرة والمبنية على النموذج الرقمي.
وتعتبر هذه القضايا من أهم التحديات التي تواجه سوق العمل في المغرب في العصر الرقمي، وتستلزم تطوير إطار قانوني يتناسب مع هذه التحولات الاقتصادية والاجتماعية.