الحكومة تواجه الاستياء من أداء "مجلس الصحافة" بمستجدات في العضوية والتمثيلية

أفرجت حكومة أخنوش أخيرا على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على بعد حوالي أر بعة اشهر على تشكيل مجلس وطني جديد بعد انتهاء صلاحية المجلس الحالي منذ مدة.
وصادق المجلس الحكومي، خلال الاجتماع الأسبوعي اليوم الخميس، على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، والذي يأتي بمستجدات ينتظر أن تثير النقاش والجدل في الوساط المهنية والبرلمان، وهي مستجدات تطال بنية المجلس واختصاصاته وآليات انتخاب أعضائه.
أولى معالم المشروع، الذي سيحال على الحكومة بعد ساعات، تكمن في تقليص عدد أعضاء المجلس من 21 إلى 17 عضوا، موزعين على ثلاث فئات. وينتخب سبعة من هؤلاء الأعضاء من طرف الصحافيين المهنيين، مع تخصيص 3 مقاعد على الأقل للصحافيات، بينما ينتدب سبعة آخرون من قبل منظمات الناشرين، بشروط جديدة تضمن توازن التمثيلية بين الجنسين.
أما الأعضاء الثلاثة الباقون، فتعينهم مؤسسات دستورية، ويتعلق الأمر بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى جانب مندوب حكومي يحضر بصفة استشارية دون أن يكون له حق التصويت على القرارات.
ضوابط جديدة
من أبرز ما جاء به المشروع هو تخفيض شرط الأقدمية في الترشح لعضوية المجلس من 15 إلى 10 سنوات، مع إحداث لجنة إشراف مستقلة لتدبير العملية الانتخابية وضبط الحصص التمثيلية، وضمان الشفافية والنزاهة مع فتح المجال للطعن القضائي في آجال محددة.
ونص المشروع على إمكانية إحداث لجنة مؤقتة خاصة لتسيير شؤون المجلس في حالة تعذر تجديد هياكله، على أن لا تتجاوز مدة عمل هذه اللجنة 120 يوما، في انسجام مع مبدأ استمرارية المؤسسات.
ويرتقب أن يتم تقنين آلية تعيين ممثلي الناشرين وفق معايير دقيقة تشمل عدد المستخدمين ورقم المعاملات السنوي، بما يضمن عدالة التمثيل وانعكاسا واقعيا للخريطة الاقتصادية للمقاولات الإعلامية.
ويلزم مشروع القانون المجلس بنشر ميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي في الجريدة الرسمية، محاولة من المشرع صيانة مبدأ العلنية والشفافية في تدبير المجلس للقطاع، وتماشيا مع روح الدستور، خاصة الفصول 25 و27 و28 المتعلقة بحرية التعبير والحق في المعلومة والتنظيم الذاتي للمهنة.
وينص المشروع كذلك على منع أعضاء المجلس من اتخاذ مواقف علنية بشأن القضايا المعروضة عليهم، والتزامهم التام بسرية المداولات والسر المهني، تعزيزا للحياد والاستقلالية.
توسع في الاختصاصات
وبالإضافة إلى الصلاحيات الحالية للمجلس، مثل منح بطاقة الصحافة، والوساطة، والتأديب، وتطوير المهنة، يمنحه النص الجديد مهمة إحداث ومسك سجل خاص بالصحافيين المهنيين وآخر بالناشرين، كآلية لضبط القطاع وتحسين الرصد المهني والإحصائي.
كما تم تقنين آجال إبداء رأي المجلس بخصوص مشاريع القوانين والمراسيم المرتبطة بالمجال، مع إتاحة تقليص الأجل في الحالات المستعجلة، بما يعزز نجاعة المجلس كمؤسسة استشارية ذات وزن.
واقع التجربة
هذا المشروع، الذي يتوج خلاصات تجربة اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة، يسعى إلى معالجة الاختلالات البنيوية التي أبانت عنها التجربة السابقة، خصوصا تعذر تجديد هياكل المجلس نتيجة غياب الضمانات القانونية اللازمة.
ولم يخل النقاش المهني من انتقادات لطريقة تدبير المرحلة الماضية، حيث وجهت انتقادات لاذعة لبطء التفاعل مع التحولات الرقمية، وغياب حزم واضح في بعض القضايا التأديبية، فضلا عن عجز المجلس الحالي عن تجديد أعضائه في الآجال القانونية، ما استدعى تدخل الدولة عبر لجنة مؤقتة.
كما طالت الانتقادات تمثيلية المجلس، التي وصفت أحيانا بأنها غير متوازنة أو غير معبرة بدقة عن الدينامية الحقيقية للحقل الإعلامي.
وواجه المجلس انتقدات شديدة بسبب ضعف تدخله في قضايا مهنية بارزة شهدتها الساحة الصحافية، سواء فيما يخص احترام أخلاقيات المهنة أو الانتهاكات التي طالت بعض الصحافيين، خصوصا خارج المدن الكبرى.
كما طرحت تساؤلات عن غياب المجلس في محطات هامة، كالنقاشات حول حرية التعبير، أو مشاريع القوانين ذات الصلة بالإعلام.
انتقدت بعض الفرق النيابية تأخر المجلس في إصدار تقرير سنوي شامل حول وضعية الصحافة بالمغرب، رغم أنه منصوص عليه قانونا.
كما وجه المجلس بملاحظات حول غياب معايير واضحة وشفافة في منح بطاقة الصحافة وبطاقة القطار أو في اتخاذ قرارات تأديبية، مما أثار الشكوك حول مدى استقلالية المجلس عن الحسابات الفئوية أو السياسية.
بعض النقابات والبرلمانيين أكدوا أن المجلس لم ينجح في تفعيل دوره كوسيط نزيه وفعال في النزاعات التي نشبت بين الصحافيين والمؤسسات الإعلامية.
وأثرت نقاشات كثيرة في الأوساط المهنية والسياسية حول فعالية المجلس في حماية حقوق الصحافيين الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل هشاشة الأوضاع المهنية في العديد من المقاولات الصحفية، وهو ما جعل المجلس الوطني في وضعية شبهة باستمرار.
الأكثر من ذلك، وجهت بعض المكونات السياسية والمهنية انتقادات إلى ما وصفته بـ"الهيمنة النقابية أو الفئوية" داخل المجلس، مما أثر على موضوعية بعض قراراته وأضعف قدرته على لعب دور مرجعي ومؤسسي مستقل.