التمويل التشاركي في المغرب.. بين تحديات السيولة وفرص النمو

الكاتب : انس شريد

03 يوليو 2025 - 07:30
الخط :

دافع والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن دور البنوك التشاركية (الإسلامية) في تمويل المشاريع التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب، خاصة في إطار الاستعدادات لتنظيم كأس العالم 2030.

وفي كلمته خلال منتدى الاستقرار المالي الإسلامي، أشار الجواهري إلى أن البنوك التشاركية يمكن أن تكون شريكًا مهمًا في تمويل مشروعات البنية التحتية اللازمة لهذه التظاهرة العالمية، رغم التحديات التي قد تواجهها، ولا سيما في ما يتعلق بمشكلة السيولة.

وأوضح الجواهري أن المقاولات التي تشارك في مشاريع كأس العالم 2030 سيكون لديها الخيار بين اللجوء إلى البنوك التشاركية أو البنوك التقليدية.

وبينما أبدى تفاؤله بشأن إمكانية مشاركة البنوك التشاركية في هذا المجال، أشار إلى أن المشكلة الرئيسية التي قد تواجه هذه المؤسسات هي ندرة السيولة المالية، وهو ما قد يعوق قدرتها على تمويل المشاريع الكبرى في البلاد.

البنوك التشاركية: بداية متعثرة ونمو تدريجي

في سياق متصل، اعتبر الجواهري أن البنوك التشاركية في المغرب لا تزال في مرحلة التأسيس، حيث لم تتجاوز نسبة تمثيلها 2 في المئة من إجمالي القطاع البنكي.

ورغم تلك البداية المتعثرة، أكد الجواهري أن البنوك التشاركية بدأت تسجل نموًا تدريجيًا، وهو أمر واعد رغم التوقعات التي كانت تشير إلى تقدم أسرع.

ورغم التحسن البطيء، قال الجواهري إن هذا النمو يعد إيجابيًا ويدل على استقرار القطاع تدريجيًا.

وأشار إلى أن التوقعات بشأن نمو البنوك التشاركية كانت أكثر تفاؤلاً مما تحقق على أرض الواقع، وهو ما يعكس التحديات الهيكلية التي يواجهها هذا القطاع.

ومع ذلك، أكد أن هذه البنوك بدأت تحرز تقدمًا ملحوظًا في ظل المناخ المالي الصعب، داعيًا إلى إجراء دراسات معمقة لتحديد العوائق التي تقف في طريق تطوير هذا النوع من البنوك.

التحديات الشرعية والسيولة

وتطرق الجواهري إلى أحد أبرز التحديات التي تواجهها البنوك التشاركية، موضحا أن كل منتج أو خدمة تقدمها البنوك التشاركية يجب أن تمر عبر فتوى من المجلس العلمي الأعلى، الذي أصدر بالفعل أكثر من 200 فتوى شرعية بشأن هذه الأنشطة.

هذا الإجراء، حسب المتحدث ذاته، يضمن أن جميع المعاملات المصرفية التي تتم عبر هذه البنوك تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وبالإضافة إلى هذه التحديات الشرعية، أشار الجواهري إلى ندرة السيولة كأكبر عقبة في طريق نمو البنوك التشاركية.

وقال إن الأدوات المالية المتاحة لهذه البنوك غير كافية لتلبية احتياجات السوق، مشيرًا إلى أن السيولة أصبحت أكثر ندرة في ظل السياسات النقدية المشددة وارتفاع التضخم في بعض الأسواق.

وأوضح أن هذه التحديات دفعت السلطات النقدية إلى وضع آليات لضبط السيولة وتوفير أدوات مالية أكثر مرونة للبنوك التشاركية.

التوجهات المستقبلية: التمويل الأخضر والرقمنة

فيما يتعلق بالتوجهات المستقبلية للتمويل التشاركي، أكد الجواهري أن التمويل المستدام يشكل فرصة حقيقية للبنوك التشاركية لتعزيز مكانتها.

وأشار إلى أن التوجه نحو التمويل الأخضر يفتح أمام هذه البنوك بابًا واسعًا للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما سيمكنها من تقديم حلول تمويلية موجهة نحو المشاريع التي تعزز من حماية البيئة.

وعلى صعيد آخر، لفت الجواهري إلى التحديات الرقمية التي تواجه البنوك التشاركية، في ظل ازدياد الابتكارات التكنولوجية في القطاع المالي.

وقال إن الرقمنة أصبحت ضرورة ملحة للبنوك الإسلامية لتعزيز قدرتها التنافسية وتوسيع عروضها. وأوضح أن الرقمنة تتيح لهذه البنوك الوصول إلى شرائح أكبر من العملاء وتقديم خدمات مصرفية أكثر تنوعًا وسهولة.

ومع ذلك، حذر الجواهري من المخاطر المحتملة التي قد ترافق التحول الرقمي، مؤكدًا ضرورة تعزيز الرقابة المالية ومواكبة التطورات التكنولوجية بشكل يحفظ سلامة النظام المالي.

القطاع البنكي التشاركي في المغرب.. خطوات نحو المستقبل

على الرغم من التحديات الكبيرة، أكد الجواهري أن مستقبل البنوك التشاركية في المغرب يبدو واعدًا.

وأضاف أن بنك المغرب، بالتعاون مع باقي الفاعلين، قد بدأ في وضع الأسس اللازمة لدعم هذا القطاع، مشيرًا إلى أن الإجراءات التشريعية والتنظيمية التي تم اتخاذها منذ عام 2015 تهدف إلى إنشاء بيئة ملائمة للنمو المستدام للبنوك التشاركية.

ورغم أن البنوك التشاركية لا تمثل سوى نسبة صغيرة من القطاع البنكي في المغرب، فإن الجواهري أكد أن السنوات القادمة ستكون حاسمة في تعزيز هذا القطاع، لاسيما في ظل المشاريع الكبرى التي يخطط المغرب لتنفيذها في المستقبل، بما في ذلك الاستعدادات لتنظيم كأس العالم 2030.

وفي الختام، قال الجواهري إن التمويل التشاركي يعد جزءًا أساسيًا من المشهد المالي في المغرب، وسيكون له دور محوري في دعم المشاريع الاقتصادية والتنموية في المستقبل، شريطة التغلب على التحديات التي تواجهه اليوم، وتوفير بيئة تمويلية مستدامة وآمنة تساهم في تحقيق أهداف البلاد التنموية.

آخر الأخبار