تورط وزير النقل الإسباني السابق في الفساد يدفع مدريد للتحقيق في رحلته إلى المغرب

في تطور مفاجئ لقضية الفساد التي تورط فيها وزير النقل الإسباني السابق خوسيه لويس أبالوس، أصبحت التحقيقات القضائية الإسبانية تركز على رحلة رسمية كان قد قام بها إلى المغرب في عام 2019.
ووفقا للتقارير الإعلامية الإسبانية، فإن الرحلة التي كانت تهدف إلى تعزيز التعاون بين إسبانيا والمغرب في مشاريع بنية تحتية، أصبحت الآن محور تحقيقات بشأن احتمال تورط الوزير في عمليات فساد تتعلق بمنح عقود لشركات إسبانية في المملكة المغربية.
وحسب التقارير ذاتها، فقد التقى أبالوس خلال زيارته مع رئيس الحكومة المغربية حينها، سعد الدين العثماني، بالإضافة إلى عدد من الوزراء المغاربة المعنيين بمجالات النقل والبنية التحتية.
وتمحورت المناقشات خلال تلك الزيارة حول مشاريع ضخمة مثل القطار فائق السرعة بين مدن مغربية، إضافة إلى تحسين شبكة الطرق السريعة، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الإسبانية.
كما تطرقت المحادثات إلى إمكانية تنفيذ مشروع جديد للترامواي في مدينة الدار البيضاء، وهو مشروع كانت تأمل العديد من الشركات الإسبانية في الفوز بعقده.
ورغم ذلك، تشير التحقيقات إلى أن أياً من الشركات الإسبانية لم تحصل على أي من هذه العقود، وهو ما يطرح تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه المشاريع والمناقشات التي جرت خلال اللقاء.
وبحسب ما أوردته تقارير إعلامية إسبانية، بدأت التحقيقات بعد اكتشاف محادثات صوتية بين كولدو غارسيا، مستشار أبالوس السابق، الذي تحدث عن إمكانية دفع عمولات لشركات من أجل الحصول على عقود مشاريع في المغرب.
هذه التسجيلات التي تعود إلى أبريل 2019، حسب التقارير، جاءت بعد أشهر من الزيارة الرسمية لأبالوس إلى المغرب، وفتحت الباب أمام المحققين الإسبان للتركيز على هذه الزيارة بشكل أكبر.
وكان الحديث في التسجيل الصوتي، حسب التقارير يشير إلى احتمال وجود صفقات مشبوهة تتعلق بتسهيل منح عقود في المغرب، وهو ما يعكس مدى تورط الشخصيات السياسية في هذه الشبكة.
بينما تركز التحقيقات على التفاصيل الدقيقة للمشاريع التي تم التفاوض بشأنها، يشير المحققون إلى أن هناك محاولات مستمرة للتلاعب بالصفقات من خلال الدفع المسبق لعمولات لشركات معينة.
ويعتقد المحققون، حسب التقارير ذاتها، أن أبالوس كان قد زار المغرب ممثلاً عن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في محاولة لضمان فوز الشركات الإسبانية بهذه العقود، لكن بسبب غياب الشفافية والممارسات المشبوهة، لم تُمنح أي من هذه المشاريع لشركات إسبانية في النهاية.
وبالتوازي مع التحقيقات في هذه القضية، طلبت المحكمة العليا الإسبانية من السلطات المغربية تقديم جميع البيانات المتعلقة بحساب مصرفي يعتقد المحققون أنه مرتبط بشبكة الفساد، بعدما جرى فتحه في فرع بنك إسباني في مدريد عام 2011، وتمت بعدها تحويلات مالية عبر فروع البنك في المغرب.
هذا الحساب، وفقًا لتقارير إعلامية إسبانية، قد يكون مفتاحًا مهمًا في فضح المزيد من التفاصيل حول الفساد المالي المشتبه فيه، وأُغلق في مارس 2021، أي قبل أشهر من مغادرة أبالوس الحكومة الإسبانية، مما يثير المزيد من الأسئلة حول توقيت إغلاق الحساب والعلاقة بينه وبين الفساد المالي الذي يتم التحقيق فيه.
وتوسعت التحقيقات، حسب التقارير، لتشمل 479 حسابًا مصرفيًا موزعة بين 35 مؤسسة مالية، بما في ذلك 12 بنكًا أجنبيًا، وتركز التحقيقات على تحديد جميع الأصول المصرفية المرتبطة بهذا الحساب، بما في ذلك صناديق الأمانات.
ويُعتقد أن هذه الحسابات كانت جزءًا من شبكة من الفساد التي استفادت من صفقات عمومية وتمويلات غير قانونية.
وفي خطوة تكشف عن عمق التحقيقات، طلبت وحدة الحرس المدني الإسبانية من السلطات المغربية الكشف عن كافة المعلومات المرتبطة بهذه الحسابات المصرفية المشتبه فيها.
لكن فضائح من هذا النوع قد تضع عقبات أمام التعاون المستقبلي، خصوصًا في مجال تنفيذ المشاريع الكبرى في المغرب. التحقيقات تكشف عن تفاصيل معقدة لشبكة فساد قد تكون امتدت على سنوات، حيث تم تلاعب بأموال عامة لتمويل صفقات مشبوهة لصالح شركات بعينها، وهو ما يجعل هذه القضية واحدة من أهم القضايا التي يشرف القضاء الإسباني على التحقيق فيها حاليًا.