الأحرار يصفع البيجيدي.. "الانضباط السياسي" ضروري في خطاب الوحدة الترابية

في سياق سياسي محتقن يتقاطع فيه الخطاب الحزبي بالمقدس الوطني، فجّر النائب البرلماني محمد شوكي، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، نقاشًا ساخنًا داخل قبة البرلمان، اليوم الإثنين 7 يوليوز 2025، بعد أن ردّ بقوة على تصريحات سابقة لعبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، والتي أثارت جدلاً واسعًا حول كيفية التعاطي مع جبهة البوليساريو وخطاب الوحدة الترابية.
وأكد شوكي في مداخلته، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الموجهة إلى رئيس الحكومة، أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن التساهل فيه أو تحويله إلى موضوع للمزايدات السياسية أو الاجتهادات الحزبية، خاصة في ظل الإجماع الوطني الذي يتقاطع فيه الجميع حول قدسية الوحدة الترابية.
واعتبر أن التلميحات أو التصريحات التي تتجاوز هذا الإجماع، تمثل خروجا خطيرا عن الثوابت، وتمس في عمقها الشعور الوطني العام، مضيفًا أن المرحلة تفرض خطابًا رصينًا يزن الكلمات قبل أن يطلقها، ويتعامل مع القضايا المصيرية بما تستحقه من وعي ومسؤولية.
وهاجم النائب البرلماني عن الأحرار بشدة ما وصفه بـ"الضعف العاطفي" و"الخطاب الحالم"، الذي يفرغ السياسة من بعدها الجاد والمسؤول، مشيرًا إلى أن التعامل مع جبهة انفصالية تهدد أمن الوطن وسلامة أراضيه لا يمكن أن يتم بلغة التسامح أو التبرير، بل بخطاب الحزم والصرامة.
وقال إن الذين يلقون المقذوفات على منطقة السمارة لا يمكن مخاطبتهم بوصفهم "إخوة مغاربة مخطئين"، بل يجب التعامل معهم كتهديد حقيقي للوطن، لا مكان فيه للتساهل أو العبارات الملتبسة.
وجاءت كلمات شوكي، كرد مباشر على المواقف التي كان قد عبّر عنها عبد الله بوانو، في ندوة حزبية نُظمت في 29 يونيو الماضي، ضمن أشغال المؤتمر الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة درعة تافيلالت.
وكان بوانو قد خاطب عناصر جبهة البوليساريو بوصفهم "إخوة مغاربة"، داعيًا إياهم إلى حل تنظيمهم والعودة إلى الوطن، لكنه رفض تصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية.
معتبراً أن هذا التصنيف لا يخدم المسار الذي تبنته الدولة المغربية، رغم تأكيده على دعم حزبه التام لمواقف الدولة في ما يتعلق بقضية الصحراء.
كما وصف بوانو الهجوم على منطقة السمارة بـ"العمل الصبياني"، داعياً إلى مواجهة هذه الأفعال بالحكمة والصرامة في آن واحد، دون التفريط في الخطاب الوحدوي.
تصريحات بوانو، رغم ما حملته من دعم للموقف الرسمي، فتحت الباب أمام انتقادات حادة من داخل المؤسسة التشريعية، حيث اعتُبرت غير منسجمة مع السياق الوطني المتأهب، وموضعاً للغموض في ملف لا يحتمل الالتباس أو المواقف الرمادية.
وجاءت مداخلة شوكي كرسالة واضحة مفادها أن هناك سقفاً وطنياً جامعاً لا يمكن لأي فاعل سياسي تجاوزه مهما اختلفت المرجعيات أو الحسابات الحزبية.
من جهته رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أكد في كلمته داخل الجلسة ذاتها، أن الاستقرار والأمن الذي تنعم به البلاد يثير انزعاج البعض، وأن هناك محاولات ممنهجة لاستهداف سيادة المغرب ووحدته الترابية.
وشدد على أن الحكومة، بتوجيهات ملكية، ستظل مجندة بكل مكوناتها ومؤسساتها للدفاع عن هذه الثوابت، ولن تسمح بتحويل الوحدة الترابية إلى مادة للتأويل أو الجدل السياسي.
كما نوّه بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها القوات المسلحة الملكية والمؤسسات الأمنية والسلطات العمومية للحفاظ على أمن الوطن واستقراره، مؤكداً أن التلاحم بين القيادة والشعب هو الضامن الأساسي لصد كل المحاولات اليائسة التي تستهدف المغرب من الخارج أو الداخل.
ويعكس الجدل الحاصل بوضوح الحاجة الملحة إلى إعادة ضبط بوصلات الخطاب السياسي في البلاد، والتمسك الصارم بالثوابت التي تحكم الحياة السياسية والدستورية المغربية.