كثرة التعديلات تثير التساؤلات.. ومعزوز يراهن على مشاريع ضخمة لتطوير جهة البيضاء-سطات

في إطار ديناميكية التنمية المستدامة التي تسعى جهة الدار البيضاء-سطات لتحقيقها، تم عقد الدورة العادية لمجلس الجهة لشهر يوليوز 2025، والتي شهدت مناقشة مجموعة من المشاريع الكبرى التي ستغير وجه الجهة في مختلف المجالات، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية.
وتم التصويت على مشاريع استراتيجية ترتكز على تعزيز البنية التحتية والنقل المستدام، بالإضافة إلى عدة مشاريع طموحة تهم تحسين جودة الحياة لسكان الجهة.
كما كانت الدورة المنعقدة برئاسة عبد اللطيف معزوز مناسبة لتدارس العديد من النقاط التي تهم المرحلة المقبلة، بما في ذلك الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030.
من أبرز المشاريع التي تمت المصادقة عليها، مشروع إحداث خط قطار فائق السرعة (LGV) لربط مراكش بالقنيطرة، وهو مشروع يحمل في طياته تطورًا كبيرًا في بنية النقل السككي الوطني، ويهدف إلى تسهيل التنقل بين أكبر المدن المغربية.
كما تم الموافقة على مشاريع في مجال الماء وتخزين المياه المحلاة لتأمين احتياجات السكان من المياه الصالحة للشرب، خصوصًا في المناطق التي تعاني من نقص حاد في هذه المادة الحيوية.
هذه المشاريع تأتي في وقت حساس، حيث أن المغرب يستعد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030، ما يستدعي تحسين البنية التحتية على جميع الأصعدة استعدادًا لهذا الحدث العالمي الضخم.
وتعد المشاريع البيئية التي تضمنها جدول الأعمال أحد أبرز النقاط التي تم تسليط الضوء عليها في هذه الدورة. من بين هذه المشاريع، تبرز جهود تحسين طريقة إدارة النفايات وتثمينها، وذلك من خلال بناء مراكز حديثة لمعالجة النفايات المنزلية.
كما تمت المصادقة على مشاريع تهم تهيئة المناطق الصناعية في سيدي البرنوصي والدار البيضاء، إلى جانب تحديث المجازر الجماعية في سطات، في إطار السعي لتعزيز السلامة الصحية وجودة الخدمات العمومية.
أما على مستوى تحسين التنقل داخل الجهة، فقد تم المصادقة على اتفاقيات طموحة تتعلق بتطوير البنية التحتية للنقل الحضري، من خلال مشاريع تهدف إلى إحداث قطار حضري (RER) وقطار جهوي (LR) بالإضافة إلى تعزيز الربط بين مختلف المدن الكبرى.
هذه المشاريع تسعى إلى خلق بيئة حضرية مريحة ومستدامة، مما سيساهم بشكل كبير في رفع مستوى النقل العام داخل الجهة ويعزز من تموقع الدار البيضاء كمحور اقتصادي هام في المملكة.
إلى جانب المشاريع الكبرى في مجال النقل، تطرقت الدورة أيضًا إلى تحسين الوضع الاجتماعي للسكان، من خلال الاتفاق على تمويل مشاريع لتوسيع شبكة الخدمات الصحية والتعليمية في المناطق الحضرية والقروية.
تم الإعلان عن اتفاقيات تخص بناء وتجهيز قاعات رياضية ومراكز ترويض طبي، بما في ذلك إنشاء مركز جهوي لتحاقن الدم في الدار البيضاء. كما تم الاتفاق على إنشاء مركز ريادي للشباب والنساء لدعم ريادة الأعمال الرقمية في الجهة.
من جانب آخر، شملت المشاريع التنموية المقررة بناء وتنظيم أسواق محلية، حيث تمت المصادقة على اتفاقية لإعادة تأهيل سوق الخيام بعين الشق، وهو مشروع يهدف إلى تحسين ظروف العمل للتجار وتطوير هذه الفضاءات التجارية الحيوية. هذا التحول يتماشى مع رؤية الجهة لتعزيز النشاط الاقتصادي وتوفير بيئة مناسبة للعمالة المحلية.
وتسعى الجهة من خلال كل هذه المشاريع إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعزز من القدرة التنافسية للمنطقة على الصعيد الوطني والدولي.
ومع ذلك، لم تخلُ الدورة من التوترات السياسية. فقد اشتكى العديد من الأعضاء من كثرة التعديلات والإلغاءات التي شملت العديد من الاتفاقيات التي تم المصادقة عليها سابقًا.
البعض أشار إلى أن هذه التعديلات تعكس "ضعف التخطيط القبلي" و"غياب الرؤية الاستراتيجية" في بعض المشاريع، مما يؤثر سلبًا على مصداقية المجلس ويهدر الزمن التنموي للمؤسسات.
وقد عارض بعض الأعضاء هذه التعديلات بشكل قوي، مؤكدين أنها قد تؤثر على قدرة المجلس على تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد.
كما أعرب عدد من المتدخلين عن استيائهم من عقد اجتماعات اللجان الدائمة بصيغة "مشتركة"، مما أدى إلى عدم احترام مبدأ تخصيص كل لجنة لاجتماع منفصل.
واعتبروا ذلك بمثابة "إضعاف لروح النقاش المتخصص"، مما سيعيق مبدأ التنمية في الجهة ويزيد من الفوارق المجالية.
في ظل هذا التطور، تبقى الحاجات المتعلقة بالبنية التحتية والمشاريع الاجتماعية على رأس أولويات مجلس الجهة، خاصة في ظل الاحتضان المرتقب لكأس العالم 2030. سيكون لهذا الحدث تأثير كبير على الدينامية التنموية في الجهة، ما سيعزز من البنية التحتية للنقل والسياحة والصحة.
من المنتظر أن تسهم هذه المشاريع في تطوير مدن الجهة، مما سيعزز من مكانتها كمركز اقتصادي هام على المستوى الوطني.