هذا ما حث عليه العثماني وزرائه من أجل إعداد ميزانية 2020

الكاتب : الجريدة24

10 أغسطس 2019 - 03:30
الخط :

أصدر رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، منشورا يخص إعداد مشروع قانون مالية 2020 تم تعميمه على مختلف القطاعات الحكومية.

ويتضمن المنشور سياق إعداد المشروع وكذا أولوياته والإجراءات الواجب التقيد بها لإعداد المقترحات برسم سنة 2020 من قبل القطاعات الحكومية.

كما لفت رئيس الحكومة الانتباه إلى ضرورة التقيد بالأولويات والتوجهات والآجال المحددة حتى يتسنى إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020 وتقديمه للبرلمان داخل الآجال القانونية والدستورية.

ويأتي مشروع قانون المالية برسم سنة 2020 في إطار الاستجابة للتوجيهات الملك والاستمرار في تنزيل البرنامج الحكومي، والتجاوب مع الانشغالات اليومية للمواطنين، من أجل توطيد الثقة، وترصيد المكتسبات، ومواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وإحداث المزيد من فرص الشغل، وما يتطلبه ذلك من رفع لنجاعة المؤسسات، بالإضافة إلى رفع رهان العدالة الاجتماعية والمجالية لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع.

وفيما يلي النص الكامل للمنشور:

يتزامن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020 مع تخليد بلادنا للذكرى العشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه الميامين. وهي مناسبة للوقوف على ما حققته بلادنا من منجزات تحت القيادة الرشيدة لجلالته. ويأتي على رأسها ترسيخ المسار الديمقراطي الذي تُوِّجَ بإقرار دستور 2011، وتعزيز مكانة المؤسسة التشريعية، وترسيخ ورش استقلال القضاء، وتعزيز حقوق الإنسان، وتكريس ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، وتعزيز مكانة المرأة، وتثبيت الطابع المتعدد للهوية الثقافية الوطنية.

كما حققت بلادنا تحت القيادة النيرة لجلالته إنجازات هامة على مستوى إطلاق الأوراش الكبرى، والاستراتيجيات القطاعية، والتوطين الفعلي للاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. وقد كان لهذه الإنجازات وقع إيجابي على مستوى تغيير بنية النمو والتشغيل وجلب استثمارات خارجية كبرى.

وقد رافقت هذه التحولات والمنجزات، سياسة انفتاح ساهمت في تعزيز مكانة المغرب الدولية والاندماج التدريجي لاقتصاده في المحيط العالمي، وهو ما تعكسه الشراكات المثمرة، خاصة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى اتفاقيات التبادل الحر مع عدد كبير من الدول، وكذا شراكات استراتيجية مع مختلف الأقطاب العالمية.

وإلى جانب الدينامية الاقتصادية، حظي الجانب الاجتماعي باهتمام خاص من خلال إطلاق مجموعة من برامج فك العزلة ومحاربة الفقر والهشاشة بالعالم القروي والأحياء الهامشية. ويأتي في مقدمة هذه البرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج المساعدة الطبية للمحتاجين (RAMED)، والبرنامج الملكي لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وبرامج السكن الاجتماعي ومحاربة دور الصفيح ودعم تمدرس الأطفال، ...

وقد حرصت الحكومة منذ أن حظيت بالثقة المولوية السامية على إعطاء أولوية قصوى لتفعيل التوجيهات السديدة لجلالة الملك حفظه الله، من خلال تنزيل مختلف الأوراش والإصلاحات الكبرى التي حظيت بعناية ودعم ملكيين وبإشراف مباشر من جلالته في العديد منها.

ويتعلق الأمر بالأساس بإصلاح التعليم والتكوين المهني، والصحة، والبرامج الاجتماعية، والماء، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وكان آخرها الاتفاق الذي توج الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف الموقع يوم 25 أبريل 2019، والذي يعد خطوة هامة في مسار تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنات والمواطنين وإرساء السلم الاجتماعي.

وهذه كلها أوراش استعجالية تهدف إلى التجاوب السريع مع انتظارات المواطنين وإعادة الثقة للمقاولة والمستثمرين بشكل عام من أجل المساهمة في الرفع من وتيرة النمو وإحداث فرص الشغل للشباب، في أفق صياغة نموذج تنموي جديد يكون أكثر حرصا على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ويوفر لبلادنا ظروف الانضمام إلى ركب البلدان الصاعدة.

وفي هذا الإطار، ستعمل الحكومة على التعاون والتجاوب مع اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي سيقوم صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بتنصيبها. وذلك حتى يتأتى لها الأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى، للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي، وذلك بهدف تقديم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها، كما أكد على ذلك جلالته في خطاب العرش المجيد.

وموازاة مع ذلك، ستُواصل الحكومة العمل، تحت القيادة النيرة لجلالة الملك حفظه الله، بمزيد من الالتزام والمسؤولية في تدبير الشأن العام، والتجاوب مع الانشغالات اليومية للمواطنين.

كما ستحرص الحكومة على تفعيل التوجيهات الملكية السامية، بالشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، تقوم على التكامل والانسجام. وذلك في إطار المساهمة الفاعِلة في إعادة صياغة نموذجنا التنموي والتأسيس للمرحلة الجديدة التي يصبو جلالته لإدخال المغرب إليها.

ولبلوغ هذا الهدف، تؤكد الحكومة عزمها على رفع التحديات والرهانات الداخلية والخارجية التي حددها جلالة الملك حفظه الله في خطابه الساميبمناسبة الذكرى العشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، وبخاصة توطيد الثقة وترصيد المكتسبات، وتعزيز الانفتاح على الخبرات والكفاءات العالية، ومواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وإحداث المزيد من فرص الشغل، وما يتطلبه ذلك من رفع لنجاعة المؤسسات. هذا إضافة إلى رفع رهان العدالة الاجتماعية والمجالية لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع.

  1. سياق إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020

يأتي إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020 في سياق يتميز بتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، الذي من المتوقع أن يتراجع من 3,6% سنة 2018 إلى 3,2% سنة 2019. ويرجع ذلك إلى تصاعد التوترات التجارية بين كبريات القوى الاقتصادية العالمية، واستمرار تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة وتأثيراتها على أسعار الطاقة، فضلا عن تراجع الاستثمار والطلب على السلع الاستهلاكية على مستوى الاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة.

وعلى المستوى الوطني، سجلت جل المؤشرات الماكرو اقتصادية تحسنا ملحوظا خلال النصف الأول من سنة 2019. فقد واصلت الأنشطة الفلاحية ذات القيمة المضافة العالية ديناميتها، حيث تم تسجيل محصولين قياسيين للحوامض والزيتون يقدران على التوالي بـ 2,6 و 2 مليون طن. ومن المتوقع أن تسجل محاصيل الأشجار المثمرة عموما تحسنا للقيمة المضافة بـ9,8%، مما من شأنه الحد من أثر التراجع الكبير في محصول الحبوب على القيمة المضافة الإجمالية للقطاع الفلاحي التي ستتراجع فقط بـ -0,6% برسم سنة 2019.

في حين واصلت الأنشطة غير الفلاحية ديناميتها مسجلة نموا بـ 3,6% مقابل 3,5% خلال الفصل الأول من سنة 2018، نتيجة للأداء الجيد لقطاعات الصيد والطاقة والمعادن والخدمات.

هذا، بالموازاة مع استمرار تحسن ظروف تمويل الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت القروض البنكية بـ 1,3% خلال سنة 2019، نتيجة تزايد القروض الممنوحة للأسر بـ 2,7% والمقاولات غير المالية الخاصة بـ 1,1%، نظرا لانخفاض معدلات الفائدة من 5,3% إلى 4,89%.

ومن جهته، تراجع معدل التضخم لينحصر في 0,1% خلال النصف الأول من السنة، وانخفض معدل البطالة بـ 0,5% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2018 ليستقر في حدود 10%.

وفيما يخص المبادلات الخارجية، ساهم ارتفاع الواردات، خاصة مواد التجهيز والمواد النصف مصنعة في ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 5,2 %، بالرغم من ارتفاع الصادرات بنسبة 2,7%. في حين عرفت عائدات السياحة ارتفاعا يقدر بـ 4% مقابل تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، الشيء الذي مكن من تغطية 62% من العجز التجاري.

وقد ساهمت هذه العناصر مجتمعة في ارتفاع الاحتياطات الدولية لبلادنا لتصل نسبة تغطيتها للواردات من السلع والخدمات إلى أكثر من 5 أشهر. كما ظل سعر الصرف شبه مستقر منذ البدء في العمل بالنظام الجديد.

وبخصوص تنفيذ قانون المالية الجاري إلى غاية 30 يونيو2019، سجلت المداخيل عموما ارتفاعا بـ 8,9 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2018، في حين ارتفعت النفقات بـ 4,7 مليار درهم. وكنتيجة لهذه التطورات، بلغ عجز الميزانية 16,6 مليار درهم مقابل 21,1 مليار درهم في متم يونيو 2018 مسجلا بذلك انخفاضا بمبلغ 4,5 مليار درهم، منها 3,3 مليار درهم بفضل مداخيل الخوصصة. وتتم مواصلة التتبع الدقيق لوضعية المالية العمومية خلال النصف الثاني من السنة مع اتخاد ما يلزم من تدابير من أجل حصر عجز الميزانية في حدود التوقعات الأولية لقانون المالية.

  1. أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2020

لقد أكد جلالة الملك حفظه الله في خطابه السامي، بأن آثار التقدم والمنجزات التي تم تحقيقها خلال العقدين الأخيرين، لم تشمل بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي. ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى.

ومن هذا المنطلق، أعطى جلالة الملك حفظه الله توجيهاته السامية لإيلاء أهمية خاصة للنهوض بالسياسات الاجتماعية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمواطنين.

وتفعيلا للتوجيهات السامية لجلالته، تعمل الحكومة على مواصلة دعم السياسات الاجتماعية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإرساء آليات الحماية الاجتماعية.

ومن منطلق إيمانها بأن تحقيق هذه الأولويات الاجتماعية

وبموازاة ذلك ستُعطى الأولوية لتسريع تنزيل الإصلاحات بهدف تحسين آليات التوزيع العادل للثروة (القضاء، الجهوية المتقدمة، الإصلاح الضريبي،)، وتقوية نجاعة تدبير السياسات العمومية (إصلاح الإدارة، إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، التدبير الناجع للاستثمار).

وتنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، والتزاما بالمشاريع والإجراءات التي يتضمنها البرنامج الحكومي الذي قدمته الحكومة أمام البرلمان عند تنصيبها، خصوصا والأمر يتعلق برابع قانون للمالية خلال هذه الولاية الحكومية، مما يستدعي تظافر جهود القطاعات الحكومية لتحقيق ما تبقي من الالتزامات.

وعليه، فإنه تم تحديد الأولويات التالية لمشروع قانون المالية لسنة 2020:

أولا: مواصلة دعم السياسات الاجتماعية من خلال:

   تسريع تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين عبر الشروع في التنزيل الفعلي للقانون الإطار الذي يعتبر إنجازا هاما لبلادنا يمكنها من التوفر على إطار مرجعي يجسد تعاقدا وطنيا ملزما      مواصلة التعميم التدريجي للتعليم الأولي وتعزيز الدعم الاجتماعي للتمدرس بهدف تجاوز المعيقات التي تحول دون تمدرس أبناء الفئات المعوزة، وخاصة بالعالم القروي، أو تتسبب في انقطاعهم عن الدراسة.

   تعزيز دور التعليم في تأهيل الشباب لولوج سوق الشغل، خاصة فيما يرتبط بتطوير الحس المقاولاتي، وإذكاء روح المبادرة لدى التلاميذ في جميع مستويات وأسلاك التعليم والتكوين، وتعميم إحداث المسارات المهنية وتعزيز تملك اللغات، وتحقيق التكامل بين مستويات التعليم والتكوين المهني.

   تفعيل خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني المقدمة أمام جلالة الملك حفظه الله في 04 أبريل 2019، خاصة فيما يتعلق بالشروع في إنشاء مدن الكفاءات والمهن، وتحديث الطرق التربوية عبر التكوين بالتناوب والتكوين بالتدرج، وتعزيزتلقين اللغات الأجنبية، والمهارات السلوكية، وروح المقاولة في جميع التكوينات. بالإضافة إلى تحسين المهارات المهنية واللغوية بالنسبة للشباب المنتمين للقطاع الغير مهيكل.

ثانيا: تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإرساء آليات الحماية الاجتماعية عبر:

   مواصلة تفعيل وتسريع وتيرة إنجاز برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي الذي حقق نتائج هامة على مستوى فك العزلة عن مجموعة من الدواوير، وربطها بشبكة الماء والكهرباء، وتأهيل المؤسسات الصحية.

   مواكبةالمرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفق التوجه الجديد لبرامجها التي تهدف إلى النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.

   تنزيل التزامات اتفاق الحوار الاجتماعي باعتبار أثره الإيجابي والفوري على القدرة الشرائية للمواطنين.

   مواصلة دعم بعض المواد الأساسية في إطار صندوق المقاصة، مع الحرص على مراقبة وتتبع الأسعار ومحاربة الممارسات المنافية للمنافسة وعمليات التركيز الاقتصادي.

   توسيع التغطية الصحية من خلال تصحيح الاختلالات التي يعرفها تنفيذ برنامج المساعدة الطبية "RAMED"، موازاة مع تحسين منظومة الولوج إلى الخدمات الصحية، إضافة إلى تفعيل التأمين الصحي للمستقلين، وتوسيع التغطية الصحية الإجبارية للطلبة وأصول الأشخاص المؤمن عليهم.

   تحسين استهداف المواطنين في وضعية هشاشة والتطوير التدريجي للمساعدات المباشرة لفائدتهم من خلال اعتماد الإطار القانوني وإطلاق العملية التجريبية للسجل الاجتماعي الموحد، بالإضافة إلى مواصلة دعم الأرامل والنساء المطلقات والأمهات المعوزات والكفيلات والأشخاص في وضعية إعاقة.

   إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، بما فيها البرامج الموجهة لدعم الأسرة وحماية الطفولة والاعتناء بالأشخاص المسنين. فضلا عن مواصلة المجهودات المبذولة على مستوى تحديث وتيسير الخدمات المقدمة لأفراد الجالية المقيمة بالخارج، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.

ثالثا: إعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة من أجل رفع وتيرة النمو وإحداث فرص الشغل، وذلك من خلال:

   دعم الاستثمار العمومي وتعزيز فعاليته في دعم النمو وإحداث فرص الشغل، من خلال الشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى تقوم على الانسجام والتكامل، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المُنْتِج والمُحْدِث لِفُرص الشغل. وفي هذا الإطار، ينبغياستغلال الإمكانيات التي يتيحها الإطار القانوني الجديد للشراكة مع القطاع العام والخاص، لبلورة آليات بديلة ومبتكرة للتمويل وتفعيل شراكات مُثْمِرة تمكن من جلب استثمارات داخلية وخارجية ونقل المعرفة والاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية في خطاب العرش.

   تحفيز الاستثمار الخاص الوطني والأجنبي عبر مواصلة تفعيل الإصلاحات المؤسساتية الرامية لتحسين مناخ الأعمال وبالأساس الرفع من نجاعة الإدارات والمؤسسات العمومية وتبسيط المساطر، وإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، ومواصلة تفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها في تحفيز الاستثمار على المستوى الجهوي وإحداث فرص الشغل.

   دعم المقاولة وبالأساس المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، من خلال مواصلة التدابير الرامية لتصفية دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم خلال السنوات الماضية وتسريع آجال استرجاع هذه الضريبة، وتَقْليص آجال الأداء، وتَحْسِينِ الوُلُوجِ للتمويل، والمواكبة التقنية للمقاولات خصوصا منها الصغيرة والصغيرة جدا، وعقلنة آليات الدعم التقني والمالي المتاحة، وتفعيل مقتضيات الإصلاحات القانونية والتنظيمية التي صادقت عليها الحكومة لدعم ومواكبة هذه المقاولات.

   دعم التصدير والمقاولات المصدرة والرفع من قدراتها وتنافسيتها، وذلك للاستفادة من اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية والتبادل الحر التي عقدتها بلادنا مع محيطها العربي والمتوسطي والأوربي وكذا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوية دورهذه المقاولات في التعاون جنوب-جنوب بفضل السياسة الرشيدة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بما يعزز موقع المغرب ويرصد علاقاته المتميزة مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء.

   تحفيز القطاع غير المنظم على الاندماج التدريجي في الدورة الاقتصادية وتشديد المراقبة الجبائية والجمركية واستثمار كل الآليات القانونية والجبائية والجمركية المتاحة لمحاربة الغش والتملص الضريبيين ومحاربة التهريب والإغراق والتصريحات الجمركية الناقصة واستيراد المواد المقلدة والحرص على تطبيق معايير الجودة والسلامة للسلع المستوردة، بما يضمن حماية المستهلك والشفافية والمنافسة الشريفة بين الفاعلين الاقتصاديين ويحمي النسيج الاقتصادي الوطني.

رابعا: مواصلة الإصلاحات الكبرى عبر:

   مواصلة ورش إصلاح منظومة العدالة؛ من خلال ترسيخ استقلالية السلطة القضائية، ومواصلة تبسيط المساطر والإجراءات وتوحيدها بما يساهم في تقليص الآجال وتسريع إجراءات البت في القضايا وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم وتحسين ظروف استقبالهم والعمل على تسريع وتيرة تنفيذ الأحكام القضائية.

   تعزيز منظومة النزاهة ومواصلة محاربة الرشوة، ولا سيما بتسريع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وتفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومة.

   مواصلة تنزيل الجهوية المتقدمة وإرساء منظومة التعاقد مع الجهات؛ حيث تواصل الحكومة مجهوداتها لتعبئة الإمكانيات المالية للجهات وتعزيز مواردها البشرية والمالية مع الحرص على تعزيز القدرات التنفيذية والتدبيرية لكافة الجماعات الترابية. وبالموازاة، يتم إعطاء الأولوية لتفعيل آلية التعاقد بين الدولة والجهات عبر مواكبتها في إعداد برامجها المتعلقة بالتنمية الجهوية، وتفعيلها في إطار عقود برامج بين الدولة والجهات، ومواصلة المشاورات مع كافة الشركاء لتمكين الجهة من ممارسة اختصاصاتها الذاتية والمشتركة. وذلك مع اعتماد نموذج متجدد لسياسة إعداد التراب الوطني ووضع مرجعياته على المستويين الوطني والجهوي.

   تنفيذ ميثاق اللاتمركز الإداري؛ وذلك من خلال العمل على تنزيل مقتضيات هذا الميثاق لا سيما في شقه المتعلق بالتصاميم المديرية المرجعية، حيث يجب على مختلف القطاعات الوزارية التعجيل بعرض تصاميمها المديرية على اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري قصد المصادقة عليها. وفي هذا الإطار، يجب أن تتضمن هذه التصاميم تصورا واضحا حول تنزيل ورش اللاتمركز الإداري بشكل تدريجي خلال الثلاث سنوات المحددة بمقتضى الميثاق الوطني للاتمركز، وكذا رؤية واضحة حول نقل الاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي. إذ يجب أن يقترن ذلك بنقل الموارد البشرية والمادية من المصالح المركزية إلى المصالح اللاممركزة.

   مواصلة تحديث الادارة العمومية؛ لإحداث قطيعة حقيقية مع التصور النمطي الذي يجعل من الإدارة عائقا أمام التطور والتحديث،والعمل على إحداث ثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد: ثورة في التبسيط، وثورة في النجاعة، وثورة في التخليق تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية. وعلى هذا الأساس، يجب العمل على تحسين وتجويد الخدمات التي تقدمها المرافق العمومية لفائدة المواطنين وتكريس شفافية المرفق العام ودعم النزاهة والمصداقية والحياد وربط المسؤولية بالمحاسبة. كما ينبغي دعم التحول الرقمي للإدارة وتعميم الخدمات الرقمية وتيسير ولوج المواطن والمقاولة إليها.

   مواصلة إصلاح منظومة التقاعد؛ من خلال إطلاق المرحلة الثانية من ورش الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد الوطنية، وذلك عبر استثمار نتائج الدراسة الجارية، التي ستمكن من بلورة اقتراحات دقيقة لتفعيل الاصلاح البنيوي والمندمج لأنظمة التقاعد بما يضمن ديمومتها، وذلك وفق مقاربة تشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين وفق ما تم الاتفاق عليه في إطار الحوار الاجتماعي.

   مواصلة تنزيل مقتضيات إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، وتكريس الترابط بين نجاعة الأداء ومبادئ التقييم والمحاسبة. وفي هذا الإطار، تتميز سنة 2020 باستكمال دورة نجاعة الأداء، إذ ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من هذه السنة مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية المتعلقة بإعداد التقرير السنوي لنجاعة الأداء والتقرير السنوي حول افتحاص نجاعة الأداء.

   تفعيل المقاربة الجديدة لتدبير المشاريع الاستثمارية العمومية؛ من خلال وضع إطار موحد لتدبيرها يروم تحسين عملية اختيار وانتقاء المشاريع الاستثمارية بناء على تعميم إنجاز دراسات التقييم السوسيو-اقتصادي لهذه المشاريع خاصة فيما يتعلقبأثرها على التشغيل، وتقليص الفوارق، والنوع الاجتماعي وتحسين ظروف عيش المواطنين بشكل عام. كما يروم هذا الإصلاح توحيد آليات تتبع إنجاز المشاريع الاستثمارية، والشروع في استخدام نظام معلوماتي ممركز لدى وزارة الاقتصاد والمالية لتتبع هذه المشاريع.

   مواصلة الإصلاح الضريبي؛ وذلك عبر اعتماد القانون الإطار الذي سيُشَكِّلُ مرجعا لقوانين المالية للسنوات المقبلة، من خلال تجميع مختلف التوصيات التي انبثقت عن المناظرة الوطنية حول الجبايات وتنزيلها وفق جدولة زمنية محددة.

   تعزيز التنمية المستدامة والتأهيل البيئي وتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يضمن تحسين عيش المواطنات والمواطنين حالا ومستقبلا والحفاظ على الموارد الطبيعية وتنميتها.

III. التوقعات الاقتصادية لسنة 2020

بالاستناد إلى الأولويات التي سبق تفصيلها ومعطيات الظرفية الوطنية والدولية، وأخذا بعين الاعتبار فرضيات سعر غاز البوتان بمعدل 350 دولار للطن، ومحصول زراعي متوسط في حدود 70 مليون قنطار، يروم مشروع قانون المالية لسنة 2020 تحقيق نمو للاقتصاد الوطني في حدود 3,7%، مع توقع استمرار دينامية القطاعات غير الفلاحية بتسجيل تطور للقيمة المضافة بـ 3,6%، مقابل 3,3% سنة 2019 و 2,6% سنة 2018.

  1. التدابير التي ينبغي التقيد بها لإعداد المقترحات برسم ميزانية 2020

لقد بذلت بلادنا في السنوات الأخيرة جهودا كبيرة للمحافظة على التوازنات الاقتصادية والمالية، لكن يبقى تعزيز الاستقرار والتطور الاقتصادي لبلادنا والحفاظ على هذه التوازنات محفوفا بمجموعة من المخاطر تكمن أساسا في تباطؤ النمو العالمي وتقلبات أسعار الطاقة بالنظر للمخاطر الجيوسياسية القائمة. كما تنضاف إلى هذه المخاطر، كلفة تحمل أعباء مالية إضافية مرتبطة أساسا بـالآتي:

  1. تفعيل مضامين الحوار الاجتماعي، الذي سيكلف ميزانية الدولة 5,3 مليار درهم خلال السنة الجارية و6 ملايير درهم سنة 2020 و 2,9مليار درهم برسم سنة 2021، ليصل مجموع ما ستتحمله الدولة 14,2مليار درهمسنويا، انطلاقا من سنة 2021، أي ما يفوق 1% من الناتج الداخلي الخام سنويا.
  2. تحملات المقاصة، حيث تتحمل ميزانية الدولة برسم سنة 2020 حوالي 13,6مليار درهم في إطار مواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين، مع اعتماد نظام للتأمين ضد الارتفاع الكبير للأسعار.
  3. تنزيل الجهوية المتقدمة، حيث ستواصل الحكومة برسم مشروع قانون المالية لسنة 2020 المجهود المالي الموجه لدعم الجهات في إطار تنزيل القانون التنظيمي. وعليه، سترتفع الموارد المرصودة لفائدة الجهات إلى 9,6 مليار درهم سنة 2020 مقابل 8,5 مليار درهم برسم سنة 2019، ومن المتوقع أن يصل المبلغ إلى 10 مليار درهم سنويا ابتداء من 2021.

وتتأتى هذه الموارد من 5 % من حصيلة الضريبة على الشركات و 5% من حصيلة الضريبة على الدخل و 20% من حصيلة الرسم المفروض على عقود التأمين، تضاف إليها اعتمادات مالية من الميزانية العامة للدولة تقدر بـ 3,7مليار درهم سنة 2020.

  1. ضرورة مواصلة مختلف الإصلاحات والأوراش والاستراتيجيات: العدل، التعليم، الصحة، السكن، المراكز الجهوية للاستثمار، الفلاحة، الصناعة، الصيد البحري، السياحة، الاستراتيجية الطاقية، استراتيجية التنمية المستدامة، الاستراتيجية الجديدة للماء، الاستراتيجية المينائية (الداخلة، الجرف الأصفر، الناظور غرب المتوسط....)، ....

في ظل هذه الرهانات، يبقى الحفاظ على التوازنات الاقتصادية والمالية لبلادنا رهينا بدعم معدل النمو وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، وبمواصلة مجهودات التحكم في النفقات وخاصة تلك المرتبطة بالسير العادي للإدارة، والرفع من نجاعتها واللجوء للتمويلات المبتكرة لتمويل الاستثمار، وتفعيل الإصلاحات الضرورية وخاصة الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد، والإصلاح التدريجي لنظام المقاصة بالموازاة مع تفعيل آليات الاستهداف والدعم الاجتماعي عبر التعميم التدريجي للسجل الاجتماعي الموحد.

كما ينبغي تكثيف المجهودات على مستوى تعبئة الموارد الجبائية وغير الجبائية، مع البحث عن موارد إضافية عن طريق تثمين الرصيد العقاري للدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية.

وبناء عليه، يجب التقيد بالتوجهات الرئيسية التالية لإعداد مقترحاتكم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2020:

   التحكم في نفقات الموظفين؛ من خلال:

  • عقلنة المقترحات بشأن إحداث المناصب المالية، وحصرها في الحاجات الضرورية الكفيلة بضمان تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مع العمل على استغلال الإمكانات المتعلقة بإعادة انتشار المناصب المالية لتغطية العجز الفعلي على المستوى المجالي والقطاعي.
  • ترشيد النفقات المرتبطة بتسيير الإدارة ومواصلة التحكم في نمط عيشها، وخاصة فيما يتعلق بـاستهلاك الماء والكهرباء من خلال تشجيع استعمال الطاقات المتجددة وتكنولوجيات النجاعة الطاقية. وكذا ترشيد استعمال النفقات المتعلقة بالاتصالات، والنقل والتنقل داخل وخارج المملكة، وكراء وتهييء المقرات الإدارية وتأثيثها، والاستقبال والفندقة وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات ومصاريف الدراسات، واقتناء وكراء السيارات.

   ضرورة إعادة النظر في طريقة تدبير اعتمادات الاستثمار، من خلال:

  • ترشيد الطلبات المتزايدة على مستوى الاعتمادات، مع إعطاء الأولوية للمشاريع موضوع اتفاقيات وطنية ودولية موقعة أمام جلالة الملك حفظه الله، أو مبرمة مع المؤسسات الدولية أو الدول المانحة؛
  • الرفع من نجاعة الاستثمارات العمومية من خلال تبني المقاربة الجديدة التي يتم تفعيلها تدريجيا انطلاقا من السنة القادمة، والتي ترمي إلى اختيار المشاريع الأكثر مردودية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي وتحسين آليات تتبع تنفيذ هذه المشاريع وتقوية مراقبتها البعدية؛
  • اللجوء إلى آليات التمويل المبتكرة من خلال تفعيل الإطار القانوني الجديد للشراكة مع القطاع العام ومع القطاع الخاص. وفي هذا الإطار وجب التأكيد على أن تحديد اعتمادات الاستثمار سيكون رهينا بمدى التزام القطاع أو المؤسسة المعنية بتفعيل هذه الآلية الجديدة للتمويل.
  • التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقارات المخصصة للمشاريع الاستثمارية، وذلك في إطار احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
  • التدبير النشيط للرصيد العقاري للدولة مع تخصيص الموارد المُحَصَّلة لدعم الإصلاحات القطاعية.

   فيما يخص المؤسسات والمقاولات العمومية المستفيدة من موارد مرصدة أو إعانات من الدولة:

  • التقيد بنفس التوجهات المتعلقة بإعداد الميزانية العامة للدولة.
  • ربط التحويلات لفائدتها بضرورة التقيد بالتوجهات سالفة الذكر، وبالموارد المتوفرة في خزينتها وبوتيرة الإنجاز الفعلي للمشاريع الاستثمارية الموكولة إليها.
  • مواصلة العمل على حث المؤسسات العمومية المستفيدة من إعانة الدولة أو من موارد مرصدة، على إعداد ميزانياتها وفق تبويب ميزانياتي يحدد بشكل واضح البرامج والمشاريع المستفيدة من الاعتمادات المفتوحة، موازاة مع مسك محاسبة ميزانياتية لمواردها ونفقاتها ومحاسبة عامة لمجموع عملياتها، وذلك في إطار تعميم مبادئ الشفافية والنجاعة التي نص عليها القانون التنظيمي لقانون المالية بالنسبة للمؤسسات العمومية المستفيدة من إعانة الدولة.

انطلاقا من التدابير والتوجهات الواردة أعلاه والأولويات المسطرة لمشروع قانون المالية لسنة 2020 والإمكانات المتاحة ونسبة العجز المحددة، فإنه تم تحديد الأغلفة المالية القصوى المتعلقة بقطاعكم أو مؤسستكم، والتي تهم نفقات المعدات والنفقات المختلفة ونفقات الاستثمار كما هو مفصل في الوثيقة المرفقة. لذا فالمرجو منكم إرسال مقترحاتكم في هذا الشأن إلى مديرية الميزانية قبل تاريخ30 غشت 2019 على أقصى تقدير.

كما تجدون رفقته، الجدول الزمني للاجتماعات المزمع عقدها بمديرية الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية قصد تحديد التوزيع النهائي للأغلفة المالية المذكورة التي سيتم إدراجها في مشروع قانون المالية لسنة 2020.

وأهيب بقطاعكم أو مؤسستكم العمل على إيفاء مصالح وزارة الاقتصاد والمالية في أقرب الآجال بالوثائق والمعطيات والبيانات الضرورية لتمكينها من إنجاز التقارير والمذكرات المرافقة لمشروع قانون المالية لسنة 2020.

 

 

آخر الأخبار