فضائح مستشفى بالبيضاء ...مولدات يبتزن النساء الحوامل

الساعة تشير إلى التاسعة ليلا، رجال ونساء ينتظرون بكل أسى مصير أقاربهم بعدما حجوا من مناطق مختلفة ونائية أمام الباب الداخلي لمستشفى سيدي عثمان، تحت موجة البرد القارص تلحظ في أشد ساعات الليل حلكة وجوه كئيبة ومتذمرة، في انتظار سماع أخبار جيدة عن مرضاهم وعدد المنتظرين بالخارج يتزايد دقيقة بعد أخرى، في فضاء وسط المستشفى لا وجود فيه لكراسي الانتظار ولا مكان مغطى خاص يحمي أقارب النساء الحوامل من الشتاء والبرد وحتى أشعة الشمس الحارقة بالنهار .
كريمة أم شابة تنتظر مولدوها الثاني وافدة من ضواحي العاصمة الاقتصادية في سيارة الإسعاف بسبب سوء وضعها الصحي الذي اقتضى إحالتها على المركز المذكور سالفا، وهي في فترة المخاض، في ليلة دامسة، استقبلها رجال الحراسة الذين يصولون ويجولون بين مرافق المستشفى وكأنهم "سلاطين" المكان.
قاعة الانتظار ممتلئة عن آخرها بالنساء الحوامل، الذين حجوا منذ ساعات ينتظرن دورهن للولادة وسط صراخ ممزوج بالألم وطلب الرأفة، يزعزع نفسيتك، لا كلمة تعلو فوق صوت رجال الحراسة الخاصة، الذين تحولوا من مستخدمين يتسلمون الوثائق من المرضى ويرافقونهم إلى "مستنزفي" جيوب الفقراء بأسلوبهم الفج الذي تغلب عليه الفظاظة والعدوانية لجني مبالغ أكثر.
تستغيث، كريمة، بالممرضات لمساعدتها " هانينا صدعتيني من الصباح دابا تسالي الطبيبة وتعيط ليك والا سيري لمورسكو وهانينا" نهرتها إحدى المولدات، الأمر الذي زادها معاناة أكبر مما تعيشه جراء سوء المعاملة دون مراعاة لظروفها النفسية والاجتماعية الهشة، والتي دفعتها للجوء لمرفق عمومي يفتقد للإنسانية، انتظرت طويلا ليصل دورها بعد مناداة إحدى المولدات لها، تتوجه وهي عاجزة عن المشي، صوب الغرفة المجاورة، تستلقي على السرير وتسألها بصوت حاد وخشن" شكون جا معاك، تجيبها راجلي وماما واختي" وتطلب المولدة من الحارس مناداة والدتها بدعوى التحدث معها حول حالة ابنتها العشرينية الصعبة وهو الأمر الذي يبدأ فيه دور الوسيط الذي يقوم بتهيئة السيدة بأن الطريفة المفروضة من قبل المولدات لاجراء الولادة العادية هي 500 درهم، وابتداءا من 1000درهم للعملية القيصرية، تجيبه الأم بكل حسرة بأنها لا تتوفر على المبلغ كاملا وأنها تكلفت بمصاريف نقلها بالإسعاف من مدينة بعيدة وأن ظروفها المادية مستعصية لا تسمح لها بأداء المبلغ، مشيرة إلى انها تتوفر على 200 درهم، تضع الأم المبلغ في جيب المولدة التي ألفت جيوبها مبالغ مهمة، ليبدأ جحيم كريمة، لتجري لها عملية التقطيب بالغرز بكل قساوة، وتتركها في غرفة مجاورة وبجانبها جنينها وهما عاريين ملطخين بالدماء بغرفة باردة ومعزولة، انتقاما منها " في الوقت الذي لازالت فيه عائلتها في الخارج تترقب بقلق كبير وبنفسية مكسورة، تنقطع الأخبار إلا حين مد الحراس بمبلغ 20 درهم فما فوق، لمعرفة ما يقع بالداخل، خاصة أن هؤلاء يخشون أن ينتقم المولدات من قريباتهن بطريقتهن الخاصة.
بات يعرف مستشفى سيدي عثمان المتواجد فوق تراب عمالة مولاي رشيد بمرتع للرشوة والارتشاء، بصفة عامة، خاصة في قسم الولادة بمستويات جد مرتفعة من خلال تلقي مبالغ مالية مقابل منح خدمات صحية جيدة وتقديم المساعدة اللازمة للمرتفقات على الرغم من مجانية الولادة التي تعد مبدأ من مبادئ نظام التكفل بالنساء الحوامل بالمغرب، الغرض منه التقليص من وفيات الأمهات والأطفال، إلا أن المركز الصحي المذكور يبرز خللا خطيرا من ناحية انتشار الفساد.