سبعة أسباب توجب على الشركات دعم العمل المرن

لقد تغيرت طبيعة العمل التي عهدناها سابقاً. ففي ظلّ التكنولوجيا الجديدة التي سهّلت العمل من أي مكان وفي أي زمان، انتهى الآن نمط الدوام التقليدي من الساعة التاسعة إلى الخامسة فعلياً.
وقد غدت المرونة في مواعيد العمل أولوية قصوى عند الموظفين في الوقت الحاضر، لكونها تساعدهم على إدارة مسؤولياتهم الشخصية والعملية بنجاح.
في الواقع، وحسب استطلاع رأي أجرته "Sage People"، أولى 80% من بين 3500 موظف على مستوى العالم مقداراً أكبر من الأهمية والقيمة للعمل المرن أو عن بعد.
كما يزداد الاهتمام بالموازنة بين العمل والحياة اليوم- سواءً في سبيل تلبية متطلبات العائلة أو الالتزامات الشخصية أو لمجرد تفادي الازدحام ساعة الذروة- ومن الواضح أن منح الموظفين حرية أكبر في إدارة مواعيد العمل يزيد من سعادتهم وإنتاجيتهم، وبالتالي يعود ذلك بالنفع على الشركات.
مع أخذ ما سبق بالحسبان، يعرض لنا منصور سروار، المدير الإقليمي في "سايج الشرق الأوسط فيما يلي سبعة أسباب تدفع قادة الأعمال إلى الاستفادة من مزايا العمل المرن.
طبيعة العمل تتغير
ذابت الفوارق بين الحياة العملية والحياة الشخصية بشكل أكبر مما كانت عليه قبل بضعة سنوات. على سبيل المثال، بات مألوفاً لدى الموظفين اليوم أن يطالبوا أرباب العمل بتسهيل إقامة الاجتماعات الافتراضية وبإتاحة خيارات العمل من المنزل، بل وبمنحهم أياماً إضافية للراحة عند الحاجة، بدلاً من اضطرارهم إلى التنقل عبر وسائط المواصلات المكتظة كل يوم. علاوة على ذلك، تمتاز مسؤوليات العمل الحديثة بالتنوع غالباً، مما يقتضي من الموظفين التعامل مع مزيد من الأشخاص في مناطق زمنية شتى ومجالات خبرة متفاوتة.
ضمن هذا السياق، ينبغي إعادة النظر في القيود الموضوعة على طريقة العمل وموعده ومكانه لكي يتناسب كل ذلك مع هذه القفزة الثقافية. وعلى الشركات أن تستعد لتقبّل ما تشهده طبيعة العمل من تغيرات وأن تتأقلم مع المعايير الجديدة إن هي أرادت مواكبة روح العصر وتحفيز موظفيها بحقّ.
المنافسة الشديدة على جذب المواهب
مع تزايد الصعوبة في استقطاب أصحاب الكفاءات المتميزة واستبقائهم، تواجه العديد من القطاعات نقصاً كبيراً في عدد العمال الماهرين. وهذا يعني أن لدى الموظفين المرغوبين فرصة أكبر للمفاضلة- ولا شك بأن الرغبة في المرونة تؤثر بقوة على ما يتخذونه من قرارات بشأن اختيار أماكن العمل في المستقبل. على سبيل المثال، كشفت دراسة حديثة أن 54 بالمائة من موظفي اليوم يرغبون في الانتقال إلى وظائف تتمتع بمقدار أعلى من المرونة. وسيتمكن أصحاب الشركات الذين يتيحون أسلوب العمل المرن من جذب الكفاءات المتميزة إلى جانب استبقاء هؤلاء الموظفين لمدة أطول.
العمل المرن يرفع مستوى الإنتاجية
لقد أصبحت إنتاجية القوى العاملة قضية عالمية. يُظهر بحثنا أن الموظفين يعملون عادة لمدة 30 ساعة في الأسبوع فقط، وهذا يعني أنهم يقضون ما يعادل يوماً كاملاً في المكاتب، ولكن دون ممارسة أي عمل فعلياً. علاوة على ذلك، يشعر معظم الأفراد الذين يعملون لمدة 40 ساعة في الأسبوع بأن إنتاجيتهم تستمر لمدة 3.75 يوم خلال أسبوع العمل المكون من 5 أيام.
إن تحفيز الإنتاجية بطرق جديدة، مثل منح الموظفين الحرية للعمل بالأسلوب الذي يناسبهم، سيسهم إسهاماً ملحوظاً في سد الفجوة الحاصلة على صعيد الإنتاجية ويتيح للشركات الاستفادة من طاقة كوادرها استفادة مثلى.
4.العمل المرن يعكس مدى الثقة بالموظفين
أظهر بحثنا أيضاً أن الموظفين يرغبون في الشعور بالتقدير والاحترام، إذ يرى ثلثا المشاركين في الاستطلاع (66%) أن ذلك يعدّ أهم جانب من جوانب حياتهم المهنية. ويعتبر الكثيرون أن هذا الجانب أهم من الأنشطة المعتادة مثل ممارسة اللعب في المكاتب أو تناول الطعام المجاني. إن تمكين الموظفين من العمل بالطريقة التي تعجبهم يُظهر أنهم موضع ثقة وتقدير في الفريق. كما أن ذلك يسهم في رفع مستوى أدائهم وإنتاجيتهم إلى أعلى حد ممكن.
زيادة راحة الموظفين
أصبحت صحّة الموظفين وراحتهم موضع اهتمام كبير لدى الشركات حول العالم في السنوات الأخيرة، فضلاً عن تزايد أهميتها للموظفين أنفسهم. يعتقد أكثر من ثلث الموظفين المشاركين في الاستطلاع (39 بالمائة) أن على قسم الموارد البشرية وشوؤن العاملين فعل المزيد من أجل تحسين مستوى الراحة في العمل، في ظلّ الرواج الذي تلقاه مبادرات مثل تقديم الفواكه الطازجة أو دعم الاشتراكات في الأندية الرياضية. ومع تزايد اكتظاظ المدن واضطرار الأفراد إلى تأدية مهام متعددة في المنزل والمكتب، قد يلعب العمل المرن دوراً حيوياً في تخفيف الإجهاد (فلا مزيد من المعاناة مع حركة المرور البطيئة)، مما يستوجب على الشركات الاهتمام بهذا الجانب بشكل أكبر.
الموظفون يرغبون بالمرونة في العمل
من بين الأسباب الهامة التي تدعو الشركات إلى المرونة في العمل أنها مطلب أساسي من مطالب موظفيها. حسبما أفادت مؤسسة (Fuze)، يرغب نحو 50 بالمائة من الموظفين من مختلف الأجيال بمزيد من القدرة على الحركة أثناء العمل، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 70 بالمائة بين من أعمارهم من 16-44 سنة.
فالموظفون يرغبون في التمكن من إعادة أطفالهم إلى المنزل عقب انتهاء الدراسة، والبدء والانتهاء باكراً في حال تلقي مكالمات دولية خلال الصباح، والتوجه إلى عيادة الطبيب دون الخشية من وصمهم بالكسل. وبناءً عليه، يجدر بالشركات أن تصغي لما يطمح إليه موظفوها وأن تستجيب لمطالبهم.
معالم التكنولوجيا آخذة بالتغير
تتمثل أهم الحجج التي تؤيد ضرورة العمل عن بعد في أن الموظفين لم يعودوا بحاجة إلى التواجد في المكاتب من أجل أداء مهامهم بكفاءة.
يتوافر لدى معظم الموظفين اليوم جميع الأدوات التي تلزمهم على هواتفهم الذكية وألواحهم الرقمية، وهذا يعني أنهم قادرون على العمل كيفما شاؤوا من أي مكان- من المقهى أو المنزل أو أي مكان يتيح لهم العمل بهدوء. على سبيل المثال، تمنح التكنولوجيا السحابية للموظفين إمكانية فتح الوثائق من موقع خارجي، بينما تتيح أدوات التعاون والاتصال عمل الكوادر سوياً من مواقع متباعدة في العالم.
ألم يحن الوقت لكي نغير أسلوب عملنا بما يتماشى مع هذه الإمكانات؟
في نهاية المطاف، يتعين على كافة الشركات تركيز اهتمامها على إتاحة أسلوب العمل المرن. فابتداءً من استبقاء أصحاب الكفاءات، وانتهاءً بخلق تجربة عمل إيجابية- التي تحظى باهتمام 92 بالمائة من الموظفين- تعدّ المزايا التي يتيحها هذا الأسلوب على المدى القريب والبعيد قيّمةً إلى أبعد الحدود. والأهم من ذلك، كما ذكرنا سابقاً، تسهم المرونة التي تُعطى للموظفين في إيجاد بيئة عمل تسودها السعادة والنشاط والإنتاجية العالية.
لا يجدر بالشركات أن تغفل عن ذلك، لا سيما وأننا نعيش في عصر يمتاز بالمنافسة المتزايدة والتطور المستمر.