الحكومة التي تجرأت على الساعة البيولوجية للمغاربة ليس غريبا عليها تكميم الأفواه!

فاس: رضا حمد الله
يبدو أن الحكومة تسير عكس طموح ورغبة وإجماع المغاربة، بما تتخذه من قرارات غير محسوبة العواقب، تأجج الغضب، كما يحدث مع محاولتها تمرير القانون 20-22 المتعلق بتقنين وسائل التواصل الاجتماعي ضدا على إجماع الناس، وقبلها قرارات سابقة فرضت رغم عن أنف الجميع بما في ذلك زيادة ساعة للتوقيت المغربي.
لم يكن القانون الجديد الذي يجد فيه المغاربة محاولة لتكميم أفواه المغاربة خدمة لشركات وأشخاص، أول ما أثار غضب المغاربة من حكومتهم المفروض أن تتعامل باللباقة والاتزان والتعقل اللازم في مثل هذه المرحلة الدقيقة التي يمر منها المغرب في ظل الإجماع الكامل وانصياع المغاربة وتنفيذهم للطوارئ حفاظا على سلامتهم وسلامة البلد.
ويبدو أن حكومة سعد الدين العثماني، تسعى لدغدغة أعصاب المغاربة أكثر من اللازم، دون أن تراعي تضحياتهم وانضباطهم وقبولهم بكل شيء من أجل مصلحة البلاد والعباد، فما أن تمر موجة وضجة حتى تزداد أخرى من رحم حكومة غير متجانسة حتى في التفاعل والتعامل مع ما تقره من قوانين أو تحاوله أن تمررها ولو ضدا على الإجماع.
أقرت ساعة زائدة على الساعة البيولوجية، وتحملها المغاربة على مضض رغم معاناتهم من أجل التأقلم معها ومع التوقيت المفروض، خاصة بالنسبة للتلاميذ والموظفين، الذين لم تراعي حقوقهم وأجهزت على حقهم في الراحة والنوم اللازمين خاصة في الفترة الصباحية والأيام الشتوية، فتحملوا شيئا فوق طاقتهم، ورضخوا للأمر الواقع.
غضب المغاربة من إضافة ساعة ضدا على رغبتهم، لكنهم لم يثيروا القلاقل والبلبلة، كانوا أكثر انضباطا لقرار الحكومة التي يبدو أنها حكومة الكوارث والقرارات الفوقية المعارضة لطموح المغاربة، كما انضباطهم النموذجي بكل التدابير والإجراءات التي أقرتها الدولة تفاعلا مع الجهود المبذولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
تحملوا كل شيء وقبلوا بالحجر الصحي وكل القرارات وفي انضباط تام، فكانوا نموذجا يحتدى به دوليا، وصفق الجميع لهذا الانضباط والإجماع غير المسبوق حتى بين الأطياف السياسية فذابت المعارضة من أجل مصلحة البلد. لكن يبدو أن الحكومة تسبح دائما ضدا التيار وتفكر بشكل مغاير عن تفكير المغاربة وربما ضدا على رغباتهم.
لقد صبر المغاربة أكثر مما توقع الجميع، لما مررت الحكومة الساعة وفي قرارات أخرى تضرروا منها. لكنهم رفضوا تكميم أفواههم ليست بكمامات طبية تقيهم شر فيروس كورونا، بل بقانون تسابق الزمن لتمريره مستغلة جمع الإجماع الوطني، يروم خدمة أشخاص أو شركات أو هيئات، ضدا على القوانين الدولية المقرة بحرية التعبير.
أي أجندة تخدم حكومة سعد الدين العثماني؟. هذا هو السؤال المحتاج جوابا مقنعا بعدما زادت ضرباتها تحت الحزام لشعب مسالم يغلب مصلحة البلد على كل المصالح، خاصة أن قانون "ملجم" للتدوين والتعبير في صفحات التواصل الاجتماعية، قد يوتر الأوضاع بعدما اشتعلت الصفحات الفيسبوكية بشارات الغضب من محاولة إقراره.
لا حاجة للمغاربة بقانون يفرمل حقهم في تعبير معقول عن موقفهم، إن بالدعوة لمقاطعة منتجات أو غيرها، فقانون الصحافة والقانون الجنائي المغربي حابل بكل الفصول والتشريعات التي لا تحتاج إلا لتكييف صحيح من طرف مؤسسة النيابة العامة التي لا تدخر جهدا في حماية الحق العام في مختلف القضايا والجرائم إن ثبتت.
ولا يجد المغاربة مبررا لإقرار قانون ضد إجماعهم على الأقل افتراضيا بعدما خطت صفحات فيسبوك بردود فعل رافضة للقانون المعتبر لجاما غير مقبولا، أو قد يدخل في إطار "إعادة التربية" التي سبق لمسؤول أن نطق بها وتضررت شركاته من قرار المقاطعة. لكن المغاربة "مربيين" ومنضبطين، ولا يحتاجون لمن يعيد تربيتهم.