بيانات التضامن مع الريسوني.. تفجر حربا كلامية بين الموقعين

الكاتب : الجريدة24

11 يونيو 2020 - 05:14
الخط :

 

عرفت المنتديات الإعلامية والفضاءات التي تجمع عددا من الزملاء الصحفيين نقاشات حادة، تخللتها أحيانا اتهامات وتراشقات لفظية خطيرة بين بعض الموقعين على بيانات التضامن مع سليمان الريسوني.

ومرد هذا السجال الإعلامي الحاد إلى أن بعض المحسوبين على الجماعات الدينية يرفضون التوقيع على بيان التضامن الأول المذيل بتوقيعات الصحفيات والصحفيين، بدعوى أن " بعض فقراته تدعم المثلية"، وأن الموقعين عليه هم من "المساندين لحقوق المثليين بحكم ارتباطاتهم وخلفياتهم اليسارية"، وهي الاتهامات التي أثارت ردود أفعال رافضة ومستهجنة من جانب بعض قدماء الصحفيين، الذين رفضوا الانزلاق وراء هذه الحوارات الجانبية، مؤكدين على أن" الانتماءات الإيديولوجية لدى بعض التيارات الدينية هي التي تفرز لديها حساسيات مفرطة إزاء مواضيع الحريات الفردية"، مع التشديد في المقابل "على أن توقيعاتهم لا علاقة لها بأية مناصرة أو استهداف للأقليات الجنسية".

وقد تجاوزت هذه الاتهامات حدود اللياقة والكياسة المعهودة في نقاشات الزملاء، خصوصا عندما رفض أحد الصحفيين "ممارسة الحجر عليه من أي شخص أو جهة"، نائيا بنفسه عما وصفه ب"نقاش راس الدرب"، وذلك في سياق تطور النقاش الذي حاول فيه المحسوبون على جماعة دينية "التحريض على عدم التوقيع على البيان التضامني الخاص بالصحافيين والصحافيات، والدعوة بالاكتفاء بالتوقيع على بيان التضامن الثاني، بدعوى أنه جامع مانع، وأنه لا يتضمن أية إشارة لحقوق الأقليات الجندرية".

ولعلّ هذه الخلفية هي التي تحكمت في "مقص الرقابة" الذي استعملته جماعة العدل والإحسان في معرض نشرها لبيان التضامن المذيل بتوقيعات الصحافيات والصحافيين، حيث اكتفت بنشر شذرات من عريضة التضامن غير المشروط واستنكفت في المقابل، وبشكل مقصود، عن ذكر الفقرة التي تقول صراحة" رفضنا لحملات التحريض والتشهير بالمصرح واستهدافه بسبب ميولاته الجنسية. ونستغل هذه المناسبة لتجديد الدعوة إلى إلغاء جميع القوانين التي تميز بين المواطنين على أساس الميولات أو الهويات الجنسية...".

فالموقع الرسمي لجماعة العدل والإحسان، لم ينشر هذه الفقرة التي تتحدث عن حقوق الضحايا والأقليات الجنسية، رغم أنها وردت في صلب البيان، وتعامل معها بمنطق" كم حاجة قضيناها بتركها"، في إعمال مقصود للرقابة على المحتويات المنشورة.

وما يؤكد حضور واستحضار "الخلفية الدينية" في بيانات التضامن مع سليمان الريسوني، هو مسارعة بعض الوجوه الإعلامية والحقوقية من الجماعات والأحزاب الدينية إلى توقيع البيان التضامني الثاني الذي لا يتضمن أية إشارة لحقوق الأقليات الجنسية، ولا يعترف بحقوق الضحية محمد آدم، إذ نجد من بين الموقعين كلا من بلال التليدي وحسن بناجح وعبد العالي حامي الدين وشخصيات أخرى تقتسم معهم نفس الانتماء الديني.

لكن التساؤلات المطروحة اليوم في النقاش الحقوقي هي: هل تحكم أعضاء لجنة التضامن المنتمين للجماعات الدينية، في أدلجة البيان وتوضيبه وممارسة الرقابة عليه حتى لا يحرج التيارات الإسلامية؟ وهل وقّع صاحب كتاب "الشيخ والمريد" ودهاقنة اليسار أمثال أحمد الحريف وعلي بوطوالة والمصطفى البراهمة.. على البيان دون أن يفطنوا للأيادي الخفية للإسلام السياسي التي تحركت في الخفاء واستعملت مقص الرقابة؟ وهل تم التغرير بأحمد عصيد للتوقيع على بيان مكتوب على مقاس الإسلاميين ؟

إن المتمعن في البيان التضامني الأول الصادر عن الصحافيات والصحافيين، الذي نزع نحو تحقيق نوع من التوازن بين طرفي الدعوى، والبيان الثاني المذيل بتوقيعات وجوه من الإسلام السياسي وشخصيات من مشارب وروافد متعددة، يدرك جيدا بأن "محبرة الرقيب الديني" قد تحركت جيدا في البيان الثاني في غفلة من الموقعين، مما جعل العديد منهم يتناقضون مع مرجعياتهم المشهودة. فكيف لثلة كبيرة من الحقوقيين أن يوقعوا على بيان هو أقل تحرر وتقدمية وانتصار لحقوق الإنسان من البيان الذي وقعه الصحفيون والصحافيات؟ وكيف برهن الصحافيون عن وسطيتهم وجنوحهم للموازنة بين مصالح طرفي الدعوى، رغم أن أحد أطرافها زميل صحفي، بينما انساق وزراء سابقون وشخصيات أنتربولوجية وماركسية ويسارية وراء "طلاسم" و"تعاويذ" المتدثرين بعباءة الدين.

فهل نجحت جماعة العدل والإحسان في اختراق لجنة التضامن مع سليمان الريسوني، واستطاعت التغرير بأحمد عصيد وعبد الله حمودي وسدنة اليسار.. وتمرير بيانات التضامن على مقاسها وبمداد محبرتها؟ الجواب هو الذي كشفته وتكشفه الحروب الكلامية التي اندلعت حاليا في الصالونات والمنتديات الإعلامية.

آخر الأخبار