ما هي خلفيات تحرك العناصر الانفصالية بالكركرات ؟

في الوقت الذي تعيش الجبهة الانفصالية البوليساريو أزمة سياسية خانفة، بسب الانتصارات الديبلوماسية التي يحققها المغرب دوليا، وكسبه لتعاطف دولي كبير لصالح أطروحة الحكم الذاتي، من جهة، وبسبب الاحتجاجات والتمرد الذي يقوم بها المحتجزون بمخيمات تندوف ضد قيادة الجبهة، من جهة ثانية، لجأت هذه الأخيرة لخيار تصدير الأزمة وخلق ضجيج ومشاكل بالمنطقة العازلة بالكركارات.
هذا الضجيج والمخطط السيء الذي تروم العناصر الانفصالية القيام به من خلال خلق مخيم جديد في المنطقة العازلة، شبيه بمخيم اكديم ازيك الذي تسبب في الكثير من القتلى، من عناصر القوات الأمنية والمدنية المغربية، قابله المغرب بتحرك عسكري بالمنطقة لبعث رسالة كون المغرب مستعد لكل الاحتمالات أمام توالي الاستفزازات من قبل الجبهة الانفصالية وعرابتها الجزائر، وأيضا لتفادي تكرار السيناريو المذكور، ولذلك حلّ الجنرال دكور دارمي عبد الفتاح الوراق، المفتّش العام للقوّات المسلحة، أمس الخميس، بالمنطقة الجنوبية وبالضّبط بالجدار الأمني، مرفوقا بعدد من المسؤولين العسكريين بالمنطقة وآخرين تابعين للقيادة العليا، للاطلاع عن كثب على الوضع بالمنطقة.
وتأتي استفزازات العناصر الانفصالية المؤلفة من حوالي 50 شخصا حاولوا نقل عتاد وخيم لمسافة 2000 (ألفي) كلم بالصحراء بمنطقة منعدمة الماء والاشجار، وهو الفعل الذي لا يمكن أن يتم إلا بمباركة قيادة الجبهة الانفصالية البوليساريو، بالرغم من أنها تحاول أن تسوق للرأي العام الدولي أن محاولات الشباب الخمسين إقامة مخيم قرب المنطقة العازلة مجرد "فعل احتجاجي مدني" للمطالبة بإغلاق معبر الكركارات.
ووازى هذا الفعل الاستفزازي الذي لم يراعي تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة، أونطونيو غوتريس، سلوك آخر يتمثل في اعتراض الحركة التجارية والمدنية في الكراكاراتن حيث تم مؤخرا الاعتداء على سائقي الشاحنات بالضرب، وسرقة شاحنتاهم محملة بالخضراوات والفواكه التي انطلقت من المغرب نحو دول جنوب الصحراء، كموريتانيا والسينغال وغيرهما.
ورجح عبد الرحمان مكاوي، أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن قيادة الجبهة الانفصالية تسعى لخلق بؤرة توتر جديدة بالمنطقة، من أجل تصدير أزمتها الداخلية،ولاسيما في ظل الأزمة السياسية التي تعاني منها عرابتها الجزائر، من جهة، ومن جهة ثانية من أجل السعي نحو كسب نقط حقوقية جديدة عبر هذه الاستفزازات، في أفق عرض التقرير الأممي حول الصحراء المرتقب في 31 أكتوبر المقبل.
ومن جانب آخر، يرى عدد من المهتمين بقضية الصحراء، أن الضجيج الأخير الذي تحاول الجبهة الانفصالية وعناصرها المحسوبة عليها خلقها بالكركارات، تروم تحقيق الانفلات الأمني بالمنطقة الذي طالما كان هدفا للجماعات المتطرفة، منها البوليساريو، لتيسير عمليات نقل الأسلحة والمخدرات ومختلف الممنوعات بالمنطقة ، وبالتالي خلق ظروف مناسبة لنشاط المنظمات الارهابية التي تهدد منطقة الساحل والصحراء ككل.