هكذا تورطت جبهة تندوف بالكركرات

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

13 نوفمبر 2020 - 11:00
الخط :

بعدما باتت الجبهة الانفصالية البوليساريو، وراعيتها النظام العسكري الجزائري، متأكدين تماما من الخسارة الديبلوماسية القاتلة التي تلقتها أمام المغرب في السنوات الأخيرة، وجّه زعيم الجبهة الانفصالية، ابراهيم غالي، رسالة تحذيرية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يطالب فيها بضرورة اتخاذ إجراءات وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام" لـ"تمكين الصحراويين من ممارسة تقرير المصير".

كما كثفت الجبهة، تحركاتها الميدانية هناك، حيث عززت وجودها في منطقة ما وراء المعبر، وبدأت تخطط لبناء مزيد من المنشآت العسكرية والمدنية هناك، في إطار محاولتها المستمرة لفرض سياسة الأمر الواقع.

سارعت القيادة العسكرية الجزائرية وقيادة الجبهة الانفصالية "البوليساريو"، الى الدفع بعدد من العناصر الانفصالية الى الكركرات حيث المنطقة العازلة التي من المفروض تحرصها بعثة المينورسو، وذلك من أجل دفع المغرب لارتكاب أخطاء أملا في أن تجد حيزا لها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وذلك في الاجتماعين الأخيرين.

وهكذا، دفعت جبهة تندوف والعسكر الجزائري بمجموعة من العناصر الى معبر الكركرات، وذلك في ال 21 من أكتوبر الماضي، في الوقت الذي كان الكل يترقب ما سيتضمنه تقرير الأمين العام ومجلس الامن الدولي في ال 31 من اكتوبر وبعده.

وبالفعل "تسللت" العناصر البلطجية الانفصالية وعددها حوالي 50 عنصرا، الى معبر المركرات الحدودي بين النغرب وموريتانيا وذلك عبر تراب هذه الاخيرة.

وأمام مرأى بعثة المينورسو، التي تعد عين الأمم المتحدة ومجلس الامن بالصحراء، أقدمت العناصر البلطجية، على إغلاق معبر الكركرات الحدودي وتم إلحاق خسائر مالية واقتصادية واجتماعية كبيرة بالسوق الموريتاني بالأساس، أمام صمت حكومة هذه الأخيرة، ووسط تنديد بعض القوى السياسية والمدنية المورتانية بهذا الصمت.

ولم يكتف البلطجية بقطع المرور عبر المعبر، بل واصلوا عملهم الاستفزازي بحفر الطريق بعدما وضعوا بها اطارات السيارات والشاحنات والاحجار.

وبعدما لم يستجب المغرب لاستفزازات البلطجية، ومع اقتراب موعد اجتماع الامم المتحدة الذي كان مقررا في ال 31 من أكتوبر الماضي، عمدت قيادة تندوف بدعم من النظام العسكري الجزائري إلى ارسال عناصر مسلحة من مليشيات الانفصاليين الى المعبر لاستفزاز النغرب أكثر دون أن تتحرك المينورسو ولا موريتانيا التي سمحت لكل هذه العناصر باسعمال اراضيها من أجل العبور الى الكركرات.

وبعد تمادت هذه المليشيات في قطع معبر الكركرات، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، “البوليساريو” الانفصالية ومليشياتها، بمغادرة المنطقة العازلة بالكركارات، وعدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة في هذه المنطقة.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي في نيويورك، “نذكر بأن حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة لا يجب أن تتعرض للعرقلة “بالكركارات”، ولا يجب اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يشكل تغييرا للوضع القائم في المنطقة العازلة” بالكركارات.

لكن هذه التنبيهات لم تجد أي صدى من قبل العناصر الانفصالية، فواصلوا قطع الطريق بالمنطقة وخرق المنطقة العازلة المنزوعة السلاح.

وأحدث هذا السلوك البلطجي خلافا سياسيا بين الحكومة المورتانية وبعض الأحزاب والقوى الندنية والفاعلين السياسيين بمورتانيا، اذ طالب بعض السياسيين حكومة بلادهم بضرورة التدخل لمواجهة قطع الطريق الذي قام به مليشيات البوليساريو لاسينا بعدما الحق هذا السلوك أضرارا اقتصادية واجتماعية بفعل نظرة الخضر والفواكه وبعض السلع الاخرى التي كان تصل من المغرب، بل اعتبر البعض الاخر ان صمت حكومة موريتانيا يعد تواطئا مع جبهة تندوف ضد الشعب الموريتاني.
وفي المقابل، رفض المغرب الاستجابة للاستفزازات، وعند الى فتح بعض القنصليات بالعيون، اخرها قنصلية دولة الامارات العربية المتحدة، لتكون اول دولة عربية فتحت تمثيليتها الديبلوماسية بالاقاليم الجنوبية، كرد ديبلوماسي قوي من جانب المغرب على مختلف مناورات الجزائر والانفصاليين وداعميهم على قلتهم.

لكن مواصلة مليشيات البوليساريو العبث بالكركرات وببعض المناطق شرق الجدار الأمني، وأمام اكتفاء الأمم المتحدة وبعثتها بالصحراء بوضع المتفرج وتحرير التقارير عن حجم الخروقات والتجاوزات التي ترتكبها جبهة تندوف، جعل الملك محمد السادس يوجه رسائل تهديد مباشر ومشفرة في خطابه الذي القاه يوم السبت 7 نونبر الجاري، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء.
الملك محمد السادس بعدما اكد انه يثق في الامم المتحدة وبعثتها بالصحراء، نبه بالمقابل الى ان المغرب لن يقف مكتوف الايدي ازاء التجاوزات التي تروم تغيير الواضع القائم بالصحراء.
هذه السائل وغيرها التي بعث بها ملك المغرب، جعل الأمم المتحدة تراسل اسبانيا من أجل ان تستضيف بعثتها المينورسو باسبانيا في حال حصل اي تطور عسكري، لاسيما بعدما علمت ان المغرب احدث غرفة عمليات عسكرية بالداخلة، ونشر اليات عسكرية بمختلف كناطق الصحراء، استعدادا للتدخل من اجل ازالة البلطجية الذين خروقوا اتفاق اطلاق النار وتجاوزوا تلمنطقة العازلة التي تعتبر اراض مغربية صرفة، والتي "تحرصها" بعثة المينورصو.
ويبدو ان المغرب اتخذ القرار السياسي بخصوص هذا التدخل، في الوقت الذي تقوم فرنسا بمساع لحل المشكل دون وجود اي تدخل عسكري.
وتبدو التحركات العسكرية المغربية، تبعث برسالة مفادها ان المغرب لن يتوانى في حماية مقدساته والدفاع عن اراض، ووضع حد لكل سلوك يروم تغيير المعطيات على الواقع بالصحراء.
وبعد هذه التحركات، وجدت "البولسياريو" نفسها في ورطة فبدات تدعي انها سمحت للموريتانيين بالعبور عبر الكركرات، من اجل الخروج من الورطة، وفي المقابل جاول النظام الحاكم في موريتانيا الدخول على الخط من اجل انقاذ هؤلاء البلطجية من الورطة.
فهل ستنجح مختلف المساعي في اخراج "البوليساريو" والجزائر من ورطة الكركرات، والحيلولة دون الوقوع بيد الجيش المغربي؟

آخر الأخبار