عندما تدفع الأزمة المقاولين إلى الابتكار

الكاتب : الجريدة24

16 نوفمبر 2020 - 02:30
الخط :

صفاء بنور (ومع)

تعد روح المقاولة حالة معنوية تطغى عليها القدرة على التكيف مع التغيير وثقافة المخاطرة. وهذا ما أثبتته أزمة (كوفيد- 19) بشكل واضح وجلي. فرغم أن هذه الأخيرة أثرت بشدة على المقاولات وتسببت في إفلاس بعض المشاريع التجارية، إلا أنها دفعت أيضا العديد من المقاولات الأخرى إلى الابتكار وإظهار مرونة غير مسبوقة.

وهذا ما أكده الأستاذ المتخصص في التكنولوجيا الرقمية بجامعة الحسن الأول بسطات، محسن لخديسي، قائلا "أظهرت العديد من المقاولات فعالية عالية ومرونة في مواجهة الأزمة، إذ راهنت عدة مقاولات صغيرة جدا وصغرى ومتوسطة، على الفور، على تفعيل خدمة التوصيل المنزلي للتكيف مع التدابير الوقائية، فيما تأقلمت مقاولات أخرى، على وجه السرعة، مع العمل والتعليم عن بعد".

ومن أبرز تجليات روافع هذه المرونة، تسريع الانتقال إلى التكنولوجيا الرقمية، والتي تعد أحد مفاتيح تحسين مناخ الأعمال، وفقا للمركز المغربي للظرفية الذي أبرز، في منشوره الشهري الأخير، حقيقة إفلاس العديد من المقاولات بسبب جائحة (كوفيد-19) وتدهور مناخ الأعمال أكثر مما يبدو اليوم.

وأضاف المركز المغربي للظرفية أن هذه الأزمة الصحية أظهرت، بالأساس، للمقاولين أن الانتقال الرقمي يعد، في كثير من الحالات، "الحل الوحيد لمواصلة ممارسة الأعمال التجارية وتحقيق النمو في المستقبل". وبالنسبة للسيد لخديسي، فإن الرقمنة قد تكون بمثابة "طوق النجاة"، وذلك على اعتبار أن القدرة على الابتكار بشكل تعاوني يمكن أن تساعد بشكل كبير على "تجاوز تداعيات الجائحة".

وبدون الانتقال الرقمي، لم تكن معظم المقاولات، خاصة الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة منها، مستعدة لمواجهة هذه الأزمة. وفي المقابل، قال لخديسي إن بعض المقاولات "تمكنت من الوصول إلى بر الأمان دون أضرار جسيمة".

وأوضح قائلا "أعتقد أن السر يكمن في الاستعداد والتكيف واعتماد المقاربة الإيجابية" لاغتنام الفرص التي يمكن أن تقدمها وضعيات معقدة وغير مسبوقة، على غرار الأزمة الصحية الراهنة، مشيرا إلى أن المقاولات المغربية الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة غالبا ما تكون معتادة على منطق الابتكار لمواجهة التغيرات التي تشهدها السوق للبقاء ومواصلة المغامرة.

ومن أجل استغلال الإمكانات الكامنة في حالات الأزمات هاته -يضيف الأستاذ المتخصص في التكنولوجيا الرقمية-، ينبغي اعتماد "مقاربة إيجابية وموجهة لتحقيق النتائج" لرصد "الفرصة التي تكمن في كل تهديد".

أمين، وهو مسير شركة مغربية لتلفيف الشاي عالي الجودة، يحكي تجربة مقاولته في مواجهة الأزمة، حيث قررت الشركة تنويع منتجاتها من خلال الاستثمار في مجال جديد، وهو القطاع الطبي وتصنيع كمامات عالية الجودة.

وفي هذا الصدد، أكد مدير الشركة أن (كوفيد-19) يفرض واقعه، ولكن في المقابل هناك الشغف وروح المجازفة والرغبة في المساهمة في الجهود الوطنية لمكافحة الجائحة، مضيفا أنها "مغامرة جديدة تعلمنا منها الكثير من خلال استكشاف هذا القطاع الجديد، ونحن عاقدون العزم على مواصلة تعزيز مكانتنا".

وسجل أمين أنه انطلاقا من مراكش، وبعد ثلاثة أشهر فقط من بدء هذا النشاط الجديد لتصنيع الكمامات الواقية من (كوفيد-19)، تصدر الشركة حاليا 85 في المائة من إنتاجها إلى كوت ديفوار والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا، وقريبا إلى سويسرا.

أما بالنسبة ليوسف، الذي يشغل منصب المدير العام لسلسلة كبرى من المطاعم ومحلات الجزارة، فإن "الثقة عنصر أساسي لتسهيل التغيير". إذ أفلحت مقاولته، التي تأقلمت بسرعة مع المتطلبات الصحية الجديدة بسبب تفشي جائحة (كوفيد-19) بالمغرب، في التطور بكل مرونة في قطاعات أخرى.

وقال المقاول الشاب إنه "بالموازاة مع نشاطنا الرئيسي، ونزولا عند طلب زبنائنا والثقة التي يضعونها في منتجاتنا وخدماتنا، شهدت المقاولة في مارس الماضي ولادة منتوجها الجديد، وهو خدمة التوصيل المنزلي بالرباط وسلا والقنيطرة، مشيرا إلى أن القائمة تضم، بالإضافة إلى منتجات اللحوم، مجموعة كاملة من المنتجات الغذائية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات الطازجة.

وأضاف يوسف أنه، لهذه الغاية، جهزت المقاولة كل نقطة من نقاط البيع الخاصة بها بسيارة وهاتفين محمولين لاستعمال تقنية تحديد المواقع (GPS)، مسجلا أن الشركة تعمل حاليا على تطوير نظام جديد لتفعيل التوصيل المنزلي في جميع أنحاء المغرب.

آخر الأخبار