يوتيوبرز شاردة.. تتوعد المغاربة

الكاتب : الجريدة24

17 ديسمبر 2020 - 03:29
الخط :

خاطبت اليوتيوبرز دنية مستسلم (الفيلالي) موقعا إخباريا مغربيا بأسلوب القذافي عندما كان يدنو بثبات من جحره الأخير، مرددة في أكثر من مرة " من أنتم؟"، مُتوهمة حجمها في العالم الافتراضي أكثر من هيئتها الحقيقية في الواقع، إذ ظهرت وكأنها تتجسم صورتها الانطباعية في انعكاسة الظل، أو في ارتداد الصورة عندما يتلمّس الإنسان سطح بركة آسنة.

وإمعانا في تضخم هذه "الأنا" في العالم الافتراضي، أوغلت دنية مستسلم الفيلالي في خرجتها الأخيرة في الشعبوية المطبوعة بالسطحية والسذاجة، واجترت في العديد من المناسبات نفس الكلام الذي ظل يلوكه باستمرار النقيب السابق محمد زيان، متسائلة بأسلوب الإحالة على لسانه: أين هي عائدات الفوسفاط؟ ومتوعدة بالكشف عن مآل هذه العائدات!

في شعبوية دونية، تتشابه حد التطابق مع مشتقات اسمها. فالمغاربة لا يحتاجون لمن يبعد عنهم بعشرات الآلاف من الأميال، ولمن يقبع خلف الحواسيب ويستوطن صفحات العالم البديل، ليشعرهم بحجم عائدات الفوسفاط ومآل صرفها، والتي يمكن الولوج إليها بسهولة من خلال الاطلاع على التقارير السنوية للمكتب الشريف للفوسفاط، دونما حاجة للاستعانة بوسطاء افتراضيين، يدّعون أنهم يتوفرون على مصادر معلومات في الوسائط المفتوحة.

زيان.. بتاء التأنيث

لا يمكن لمن شاهد خرجة اليوتيوبرز الفيلالي، التي تتوعد فيها المغاربة بالثبور وويلات الأمور، أن لا يستنبط بسهولة متناهية  نبرة النقيب محمد زيان تخرج من أفواه اليوتيوبرز.

فعندما شرعت المعنية بالأمر تتساءل عن الفوسفاط والنقرة والذهب بكثير من الشعبوية، يتراءى خلفها بكل جلاء النقيب السابق محمد زيان، الذي انبرى في السنوات الأخيرة يُؤسّس لرأسمال "كلامي" لمهاجمة زعماء بعض الأحزاب السياسية الوطنية، وذلك في محاولة مجهضة لرتق "بكارته" السياسية والحقوقية التي افتضها بسبب مواقفه وتصريحاته التي يعلمها القاصي والداني، إلا من في قلوبهم وحواسيبهم المحمولة زيغ من الشيطان.

ومن عبث الصدف، أنه في الوقت الذي كانت فيه دنية مستسلم الفيلالي تُسجي أردية النزاهة والاستقامة على من ظلت تصفه ب"الأستاذ"، كان أعضاء حزبه السياسي ومنسقيه الجهويين يطلقون حملة تصحيحية بالدار البيضاء للحجر عليه سياسيا وحزبيا، بعدما صار عبئا ثقيلا ووشم خطيئة يُلطّخ صورة الحزب وبنياته التنظيمية.

فاليوتيوبرز الشاردة ما انفكت تسدل أوصافا مجازية على الرجل، وكأنه سيزيف العصر الراهن، بيد أن رفاقه في الحزب باتوا يتعاطون معه ك "الشاة الجرباء" التي لا تقترب من أحد ولا يقربها أحد.

الفيلالي.. تتظلم من "التشهير المضاد"

أقرت اليوتيوبرز مستسلم الفيلالي بأنها اضطرت مرغمة للخروج من خلوتها في عطلة أعياد السنة الميلادية الجديدة، لتعقب على مقال نشره موقع إخباري مغربي يتناول شذرات من حياتها الشخصية.  وقد بدت المعنية بالأمر وكأنها "تتشارع في راس الدرب"، متراشقة بالاتهامات مع المنبر الإعلامي الناشر للخبر، ومع الدولة وأجهزتها الأمنية أحيانا، ومع الشعب المغربي في كثير من الإيحاءات والإيماءات العرضية.

وقد تجلى منسوب النزق والنرفزة واضحا على محيا وفي كلام اليوتيوبرز الفيلالي، وكأنها تنضح داخليا بعبارات " ابتعدوا من حياتي الشخصية"، و"لا تتحدثوا عن والدي المقعد وحياتي الأسرية"، معتبرة ذلك بكثير من (تخراج العينين) عملا صحفيا تشهيريا! فهل تبخيس صورة منبر إعلامي مغربي بسبب مقال، وتحريف هويته البصرية بكثير من الإسفاف، لا يعد عملا تشهيريا؟ وهل نشر أخبار زائفة وتضليلية ضد المؤسسات والأشخاص بدون دليل أو حجة، لا يعتبر تشهيرا وقذفا صريحا؟ أم أن النشر يكون تشهيريا عندما يستهدف اليوتيوبرز الفيلالي وعائلتها، ولا يكون كذلك إن صدر عنها؟ فالدفع الزاعم بأن اليوتيوبرز يمارسون حقهم في التعبير، يقتضي أن يتقبلوا هم أيضا النقد والمقالات التي لا تسير وفق الأهواء الشخصية.

إنها معادلة النشر والنشر المضاد أو كما يسمى في الإعلام بالرأي والرأي الآخر. إذ لا يمكن لليوتيوبرز أن يستهدف جريدة أو شخصا معينا بعبارات وأخبار مجانبة للحقيقة والواقع، ويجتر مزاعم طرف دون الآخر، بينما ترتفع درجة حرارته وتعلو محياه سخونة النرفزة عندما يتناول صحفي أو منبر إعلامي جوانب من حياته.

فالمفروض في مثل هكذا حالات، أن يتحلى اليوتيوبرز بسعة الصدر التي تفرضها حرية التعبير، وأن يكتفي بنشر بيان حقيقة أو تكذيب بدلا من الخروج للتهديد والوعيد بسياسة الأرض المحروقة، التي لا تحرق بلدا أو شعبا، بقدر ما تُدمي أنامل من يرشق الناس بلهيب الاتهامات المغرضة في قنوات اليوتيوب.

تهديدات.. ساذجة

عندما يُمعن المرء في الإصغاء لكلام دنية مستسلم الفيلالي، الذي تم تفريغه في خرجتها الأخيرة، يُدرك جيدا بأن هذه اليوتيوبرز إما أنها تحاول الانتحار افتراضيا أو أنها ساذجة قانونيا. ونأسف لمثل هذا الكلام الذي ليس فيه انتقاص من قيمتها ولا تشهير بها. لكن الحقيقة تقتضي أن لا يهدد المرء دولة ما بما يسمعه من كلام متداول في الصفحات الفايسبوكية ومواقع الإعلام الجديد.  أكثر من ذلك، فالانخراط في تبخيس لقاح  معين قد يعتبر من الناحية القانونية نوعا من الإشهار السلبي الذي يدخل في إطار المنافسة غير المشروعة.

ولئن كانت المعنية بالأمر قد هددت المغرب والمغاربة بالركون للمحاكم الدولية ضد ما وصفته بالتشهير بحياتها الشخصية، متوعدة بترجمة خرجاتها الافتراضية في منصة يوتيوبرز إلى عدة لغات للتعريف بذلك، فإن ترجمة تهديداتها ضد اللقاح إلى اللغة الصينية، سوف تمنح أيضا الفرصة للشركة الصينية المنتجة لمتابعتها من أجل المنافسة غير المشروعة، وربما مطالبتها بتعويضات مالية فلكية، دون تذكيرها طبعا بسوابق الصين الشعبية ضد المهاجرين والمقيمين وحتى الوطنيين الذين يمسون بالنظام الاقتصادي للتنين الآسيوي الجديد.

والمؤسف أن سذاجة وشعبوية اليوتيوبرز الفيلالي لم تقف عند هذا الحد فقط، بل بلغت مستوى "التشرميل" الإعلامي، عندما انخرطت في سجال مع خصم غير مرئي، متوعدة بالتشهير بمن يستفيد من ثروات الصحراء المغربية، وبمن يتولى استغلال "النقرة والذهب ورواسب أركيولوجيا المغرب الغنية بالأسمدة الطبيعية. أكثر من ذلك، فقد تجاسرت بالتهديد باللجوء للمحاكم الدولية والآليات الأممية والجمعيات الحقوقية الدولية، ناسية أو متناسية بأن القضاء الدولي تحكمه قواعد اختصاص استثنائية في كل ما يتعلق بالصفة والمصلحة في التقاضي، والتي لا تتوافر فيها أصلا كيوتيوبرز،   وجاهلة أو متجاهلة أيضا بأن سيادة الدول، والمغرب على وجه التحديد، لا تهيبها تقارير المنظمات والجمعيات المخدومة التي تتحكم فيها عطايا المانحين.

ألم أقل لكم أن منسوب الشعبوية والسذاجة كان مرتفعا في كلام دنيا مستسلم الفيلالي؟

آخر الأخبار