عندما تبنى القناعة بثمن تذكرة طائرة وغرفة فندق !

الكاتب : الجريدة24

26 ديسمبر 2020 - 04:30
الخط :

عجبا لمن يبني قناعاته بخصوص القضية الفلسطينية، بثمن تذكرة طائرة وإقامة بفندق غير مصنف بإحدى الدول التي تطلق على نفسها بالممانعة، يريد أن يفرض مواقفه على صانعي القرار الخارجي بالمغرب.

فجأة نسي أصحاب أطروحة مناهضة التطبيع، أن هذا السلاح كان يستعمله نظام صادم حسين قبل الإطاحة بحكمه من قبل الأمريكيين، وكان يغدق على ذلك أموال طائلة، كانت تصرف في طبع المنشورات والتظاهرات والكتب والمجلات والجرائد التي تنتصر لهذا الطرح.

اعتمد الراحل صدام حسين سياسة إرشاء نخب واسعة داخل عدد من الدول العربية التي لعبت دور الترويج لهذا الطرح الذي لم يقدم للقضية الفلسطينية أي فائدة ترجى، اللهم ما كان يدره من أموال سخية على المطبلين لذلك الطرح.

ذهب نظام صدام حسين، لكن الأطروحة التي كان يدعو إليها سيتسلم مشعلها النظام السوري المتحالف مع إيران وحزب الله، حيث بقي مناصرو القضية الفلسطينية بالمغرب ، اليساريون منهم والإسلاميون، أوفياء لنفس الطرح، بدون أن يكلفوا أنفسهم عناء إجراء تقييم أو تحديث للموقف بناء على المستجدات الطارئة.

عدد من النشطاء المناهضين للتطبيع، قناعاتهم مبينة على اللقاءات التي تعقد بين الفينة والأخرى داخل ما يسمى بمحور دول "الممانعة" التي تتكفل بدفع ثمن تذكرة السفر لهم ومكان الإقامة، وهؤلاء معدودون على رؤوس الأصابع، لكنهم حولوا القضية الفلسطينية إلى بضاعة يسترزقون من خلالها داخل تنظيماتهم.

لتكن لدى هؤلاء الشجاعة الكاملة ويكشفوا حجم الأموال التي يتلقونها من هنا وهناك للترويج لما يسمى بثقافة مناهضة التطبيع؟ وما هو المقابل الذي يتلقونه في كل مقابلة يجرونها مع قناتي الميادين والعالم الايرانتين؟

لقد تحول هؤلاء إلى شبه مراسلين، كل تصريح يدلون به له مقابل مادي، مستغلين انصراف الجمهور المغربي وانشالغه بقضايا أخرى للتفرد في تصريف مواقفهم التي تعود الى القرن الماضي أي ما قبل غزو أمريكا للعراق.

نسي هؤلاء أن السياسات الخارجية للدول تبنى وفق مستجدات ومتغيرات، وفق معطيات جد معقدة، وهي غير محكومة بقناعات أناس عقارب الساعة عندهم لم تعد تتحرك منذ الإطاحة بنظام صدام حسين بالعراق.

أسطوانه مناهضة التطبيع لا تعدو ان تكون مجرد بضاعة كانت رائجة خلال فترة التسعينات من القرن الماضي وكان لها مفعولها السحري عند الجمهور المغربي.لكن بعد سقوط بغداد وشنق زعيم تلك الأطروحة الراحل صدام حسين، لم يعد من المقبول الاستمرار في ترويج نفس البضاعة. لهذا حكم عليها بالأفول والزوال.

ففي الوقت الذي كان يرتدي فيه هؤلاء الكوفية الفلسيطنية كعلامة "نضالية"، كانت اسرائيل تحقق انجازات على ارض الواقع حيث استثمرت في جيل جديد من الشباب العربي، الذي كان خير سفير لها في تقديم صورة مشرقة عن إسرائيل.

كل ما أنفقه صدام حسين ونظام الأسد أو نظام الملالي بايران على المطبلين لخطاب مناهضة التطبيع، ذهب أدراج الرياج بفضل السياسة الناعمة والهادئة التي كانت تتهجها إسرائيل.

السياسة الخارجية للدول تقوم على المصالح، وهي متغيرة ومتقلبة أكثر من تقلبات أحوال الطقس.

وكان على الإسلاميين المتحمسين زيادة لمناهضة التطبيع، ان يستحضروا في هذا الاتجاه، القول  المأثور ": أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما"

وهو ما ينطبق على الزعيم الاخواني سعد الدين العثماني الذي كان بالأمس القريب من أشد مناهضي التطبيع، وشاء القدر أن يكون أول زعيم إخواني يطبع مع الإسرائيليين.

آخر الأخبار