"دار التلميذ ويوان" مبادرة لتعزيز التمدرس بالعالم القروي

محمد حميدوش- و.م.ع
إذا كان هناك مشروع يجسد بحق التزام وعمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لصالح التمدرس في المناطق النائية بإقليم خنيفرة، فسيكون حقيقة مشروع “دار التلميذ ويوان” التي تستقبل كل سنة ، في جو ملؤه الدفء والود، أزيد من 80 تلميذا ينحدرون من الجماعة القروية أم الربيع.
ويعكس هذا المشروع ، الذي تم إحداثه سنة 2012 من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببلدة ويوان الواقعة بأعالي جبال الأطلس المتوسط على ارتفاع 1400 متر على بعد أكثر من 66 كم من مدينة خنيفرة، بشكل جلي المساهمة الأكيدة والمتنامية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مجال تشجيع التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي بالوسط القروي.
وتستقبل “دار التلميذ ويوان”، النشطة في مجال العمل الاجتماعي كل سنة ، ومنذ انطلاقتها قبل أكثر من تسع سنوات، مئات التلاميذ من المناطق الجبلية.
ويتمثل الهدف الرئيسي لهذه الدار في ضمان أفضل ظروف استقبال وإيواء التلاميذ المقيمين بها، حتى يتمكنوا من متابعة دراستهم واستكمالها بسلك التعليم الابتدائي.
ويستفيد الأطفال داخل هذه البناية الاجتماعية، التي تمتد على مساحة تقدر ب1400 متر مربع وتضم جناحين لإيواء البنين والبنات يتسع كل منهما ل 40 طفلا، مجانا من الإقامة والتغذية الجيدة بالإضافة إلى تأطير ومتابعة تربوية ومدرسية من قبل طاقم إداري وتربوي يتكون من 14 شخصا.
وتوسعت الخدمات التي تقدمها “دار التلميذ ويوان” سنة 2019 لتشمل النقل المدرسي من خلال الاستفادة من خدمات حافلة جديدة تماما قدمتها المبادرة الوطنية في إطار برنامجها الرابع المتعلق بالدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة.
وهكذا، يستفيد التلاميذ غير المقيمين في “دار التلميذ ويوان”، الذين يرتادون المدرسة الجماعاتية بهذه البلدة ، يوميا من النقل المدرسي على مسافة تقارب 20 كيلومترا.
وخلال هذه السنة يستفيد حوالي 46 تلميذا من خدمة النقل المجانية ذهابا وإيابا على مدى 9 كيلومترات باتجاه عين اللوح و8 كيلومترات باتجاه منابع أم الربيع.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أشارت حسناء (10 سنوات) ، المقيمة بدار التلميذ ويوان، إلى أنها تحظى بكامل العناية والرعاية داخل هذه المؤسسة التي من دونها كان ربما سيستحيل بالنسبة لها متابعة دراستها.
وقالت في هذا الصدد “أنا مقيمة بدار التلميذ ويوان. وتوفر لي هذه الدار الإيواء والنقل من منزلي إلى المدرسة والعكس مرتين في الأسبوع”، مضيفة أنه قبل إنشاء هذه الداخلية ، كان أطفال من قريتها يقطعون مسافة 15 كيلومترا مشيا على الأقدام من أجل الوصول إلى أقرب مدرسة جماعاتية.
وأشارت إلى أن الأمر لم يكن سهلا دائما ، خاصة في فصل الشتاء عندما تنخفض درجات الحرارة تحت الصفر ، ويغطي الثلج الطريق بالكامل.
وفي تصريح مماثل ، أكدت السيدة ماجدة بومخالد، المكلفة بمتابعة مشاريع مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة إقليم خنيفرة، أن الهدف من إنشاء “دار التلميذ ويوان” يتمحور حول معالجة المشكلة التي يعاني منها جزء كبير من المناطق القروية المعزولة، والمتمثلة في تشتت بيوت الساكنة وتوزعها على رقعة شاسعة، مما يعقد تمدرس الأطفال ، ويمكن أن يشكل عقبة حقيقية أمام متابعة دراستهم.
وأبرزت أن هذه المنشأة، التي تحتوي على مطبخ ومقصف وغرفة متعددة الأنشطة وملعب رياضي صغير وتشرف على تدبيرها جمعية “أطلس ويوان” للتنمية، تم تشييدها في إطار برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المتعلق بمحاربة الهشاشة (المرحلة الثانية)، بغلاف استثماري يفوق 2.46 مليون درهم.
وأوضحت السيدة بومخالد أن هذا البرنامج يهدف إلى محاربة الهدر المدرسي، وتشجيع التمدرس، وخلق الظروف الملائمة والضرورية لتحقيق النجاح المدرسي.
من جهته أكد محمد أبحمان رئيس “جمعية أطلس ويوان للتنمية”، أن الأهداف التي كانت دافعا لإنشاء هذا المؤسسة الاجتماعية التربوية قد تحققت بالكامل، مشيرا إلى أنه بفضل الاستقرار الذي يتمتع به المقيمون بها، انخفض معدل الهدر المدرسي في المنطقة بشكل جلي.
وأشار إلى أن “دار التلميذ ويوان تضم حاليا 85 تلميذا تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 سنة. وبفضل هذه المنشأة لم يعد هؤلاء الأطفال يعانون من مشاق التنقل بين المدرسة ومنازلهم، الأمر الذي كان له تأثير إيجابي على نتائجهم وتحصيلهم الدراسي”.
ولكي تتمكن من تنفيذ هذه المهمة ، تستفيد جمعية “أطلس ويوان” التي تم إحداثها سنة 2005 ، من دعم مالي سنوي يقدر ب 120 ألف درهم من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، بالإضافة إلى دعم العديد من الشركاء خصوصا المديرية الإقليمية للتعاون الوطني، والمديرية الإقليمية للتربية الوطنية وجهة بني ملال خنيفرة والمجلس الإقليمي لخنيفرة.