السموني: هذه بعض الأسباب وراء تجميد المغرب لعلاقاته مع ألمانيا

الكاتب : الجريدة24

04 مارس 2021 - 10:00
الخط :

قررت المملكة المغربية تجميد علاقاتها مع السفارة الألمانية بالرباط مع وقف جميع آليات التواصل معها والمنظمات الألمانية التي تنشط بالمغرب ، وذلك بناء على رسالة وزير الخارجية و التعاون الموجهة إلى رئيس الحكومة. قرار تجميد العلاقات لم يوضح الأسباب الكامنة وراء ذلك.

الناشط الحقوقي و الأكاديمي خالد الشرقاوي السموني يشرح للجريدة 24 بعض الأسباب التي كانت وراء الموقف المغربي ، وذلك من خلال مقاله الذي سبق أن تداولته مجموعة من المنابر الاعلامية: يقول في هذا الصدد:

بداية، من المفيد التذكير بعمق العلاقات التاريخية بين ألمانيا و المغرب ، إذ يرجع تاريخ العلاقات بين البلدين إلى سنة 1506م ، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء آسفي بالمغرب.

ومنذ عام 1781 م بدأت المحادثات بين المغرب ومدينة بريمن الألمانية من أجل عقد اتفاقية تجارية ، وقد تم التوقيع على أول اتفاقية بين المغرب ومدينة هامبورج لتنظيم سير السفن في الموانئ المغربية في عام 1802م . و في أواخر القرن التاسع عشر بادر المستشار الألماني بسمارك باتخاذ قرار بفتح القنصلية الألمانية بطنجة في عهد السلطان المولى محمد بن عبد الرحمن .

وتعززت بعد ذلك العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية و الاقتصادية و الثقافية ، خاصة في عهد المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله تراه.

و قد ازدهرت العلاقات الألمانية-المغربية أكثر في عهد جلالة الملك محمد السادس ،  حيث توسع نشاط العديد من المؤسسات الألمانية التي تنشط في مجال التنمية السياسية في المغرب أهمها "مؤسسة كونراد ادناور"، و"مؤسسة "فريدريش ايبرت"، و"مؤسسة فرديدريش ناومان"،  بالإضافة إلى مؤسسات ثقافية أخرى ، فضلا عن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ،  و شركات ألمانية تستثمر في المغرب و تحضى بجميع الضمانات و الامتيازات القانونية في إطار تعاون اقتصادي مثمر حقق نموا كبيرا في السنوات الأخيرة ، استفادت منه بالدرجة الأولى هذه المقاولات .

فكيف يعقل أن تتحرش ألمانيا على المغرب الذي تربطه معه علاقات تاريخية ، تعززت على جميع الأصعدة ، كان المغرب دائما خلالها حريصا على تمتين هذه العلاقات و السعي إلى تطوريها إلى ما هو أفضل ، بل كان مساندا للحكومة الألمانية و متعاونا معها في  ملف محاربة الإرهاب و مكافحة الهجرة غير الشرعية .

فمباشرة بعد قرار اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال ديسمبر 2020  بسيادة المغرب على الصحراء ،  طالب السفير الألماني في الأمم المتحدة بجلسة مغلقة لبحث هذا النزاع ، وكان ذلك يوم 22 ديسمبر ، خاصة و انه أبدى تعاطفا مع جبهة البوليساريو بدعم جزائري ، مما اعتبره البعض تشكيكا علنيا لألمانيا في شرعية القرار الأمريكي و تحيزا واضحا لجهة معادية للمغرب.

لم تقف ألمانيا عند هذا الحد ، بل سعت من خلال دورها المؤثر في الاتحاد الأوروبي إلى معارضة مساعي فرنسية داخل الاتحاد لبلورة موقف مساند للسيادة المغربية على الصحراء لدعم الموقف الأمريكي ، خاصة أن كثيرا من الدول الأوروبية نوهت بالموقف الأمريكي  الرصين و كانت على وشك اتخاذ موقف موحد على نطاق واسع ، لولا الضغط الألماني.

ثم لم تكتف ألمانيا بمناوراتها داخل أروقة الأمم المتحدة و الاتحاد الأروبي ، بل وضفت بعض مؤسساتها تنشط في المغرب للقيام بأنشطة استخباراتية تضر بالمصالح العليا للمغرب.

تحرشات ألمانيا ، في الحقيقة ، لم تبدأ منذ إعلان الرئيس الامريكي السابق عن قراره بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية ، بل بدأت منذ يناير سنة 2020 ، عندما سعت ألمانيا إلى إقصاء المغرب من خلال عدم دعوته لحضور مؤتمر برلين حول ليبيا ، علما بأن المغرب كان له إسهام كبير في حل النزاع الليبي و تحقيق السلام بالمنطقة ، ويشهد على ذلك اتفاق الصخيرات التاريخي الذي وافقت عليه الأطراف الليبية شهر ديسمبر من عام 2015، و الذي كان سيتحقق لولا إجهاضه مع الأسف من طرف دول عربية و أوربية .

مع الاشارة في هذا الصدد ، أن ألمانيا أصبحت منزعجة من الدور المغربي الرائد في افريقيا، خاصة على المستوى السياسي و الاقتصادي ، و أيضا من استثماراته في عدد من دول غرب و شرق افريقيا ، ناهيك عن موقعه الجيوستراتيجي بين أروبا و القارة الافريقية ، مما جعل المانيا ترى في المغرب منافسا لها على مستوى الاستثمارات في هذه القارة، و ما تدخلها في النزاع الليبي الا وسيلة لإقامة استثمارات بليبيا و بالتالي البحث لها عن منفذ لاكتساح أسواق أفريقية، انطلاقا من تشاد و النيجر .

فضلا عن ذلك ، لاحظنا أن السعار الألماني تجاه المغرب ازداد خلال الأيام الأخيرة ، عندما احتفت جبهة البوليساريو برفع علمها أمام البرلمان الألماني الجهوي في “ابريمن” بمناسبة الذكرى الـ 45 لإعلان “الجمهورية الوهمية” ، بإيعاز من السلطات الألمانية، وهو ما زاد الطين بلة.

و هذا التصرف يعبر بشكل واضح ، بما لا يدع أي مجال للشك ، على أن ألمانيا صارت تشن حربا سياسية ضد المصالح العليا للمغرب و على رأسها وحدته الترابية في خرق سافر للعلاقات و المصالح التي تجمع بين البلدين

آخر الأخبار