لاعبون كبار طالهم النسيان والتناسي

الكاتب : الجريدة24

08 مارس 2021 - 12:30
الخط :

 سعاد القماري

يعيش لاعبون قدامى بفرق مختلفة، أوضاعا اجتماعية صعبة في غياب أي التفاتة دعم رسمية ومن فرقهم تنقدهم مما هم فيه من فقر وتهميش ونسيان وتناسي وقلة اعتراف بجميل أسدوه في زمن لم تكن كرة القدم مصدرا للغنى والثراء عكس ما عليه الأمر حاليا.

باحيم وحموصة وأوكادي والفني وحضري... نماذج لاعبين لم تنصفهم الكرة رغم إنجازاتهم وتضحياتهم من أجل أقمصة بللوها دون طمع في المال وعلى حساب دراستهم وعائلاتهم. يعيشون خارج دائرة الاهتمام وفي غياهب الفقر والحاجة، في انتظار من يرأف لحالهم المبكي.

عزة النفس

لم يجد عبد الرحيم النقراشي، الملقب ب"باحيم"، لاعب سابق للراسينغ والرجاء البيضاويين، معينا في محنته الصحية وحياته رغم إنجازاته مع الفريقين والمنتخب الوطني للشبان الفائز ببطولة دولية في لوهافر بفرنسا في 1972، مع المرحوم الظلمي والحارس الشاوي من الكوكب وبابا لاعب الدفاع الجديدي.

أجرى النقراشي عمليتين على القلب ويعاني في صمت، ويتسلح بالصبر ولا يقبل الصدقة أو شفقة أحد، و"ما كنبكيش وما كنشكيش على أحد. واخا خصني أكثر من للي خاصني، ما كنقولهاش"، مضيفا "كنصبر حتى يفرج الله" كما قال في تصريح لموقع "العين الثالثة".

"المشاكل موجودة ومن طبعي ألا أمد يدي حتى لأفراد العائلة" يؤكد عبد الرحيم الفائز مع الرجاء بالمرتبة الثانية في البطولة وكأس العرش في 1975 أمام المغرب الفاسي، في نفس موسم التحاقه به بعد نزول الراك للقسم الثاني، بعدما تأهل الراسينغ لنهاية نفس الكأس في 1972 وخسارته بالقرعة أمام شباب المحمدية.

حياة باحيم لا يحسد عليها، فإضافة لمرضه فهو يعيش ظروفا اجتماعية صعبة لبطالته وفي غياب مدخول قار باستثناء 1500 درهم شهريا واجب تقاعده من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حالة تتشابه في الكثير من تفاصيلها مع لاعبين آخرين أبلوا البلاء الحسن في مسيرتهم الرياضية.

مللت حياتي

"مللت الحياة ووصلت لمرحلة أتساءل فيها مع نفسي: ومن بعد ومع من؟" يكشف اللاعب الفاسي حميد حموصة عن معاناته، وهو أصغر لاعب لعب في صفوف المغرب الفاسي للكبار وعمره لا يتجاوز 15 سنة، لما دخل احتياطيا في 1984 في مباراة الفريق الفاسي بقيادة المدرب كنايير، المؤجلة أمام الوداد البيضاوي.

يعيش حموصة الذي سجل حينها هدفا تاريخيا في مرمى بادو الزاكي، بدون عمل أو دخل قارين وحالته الاجتماعية مزرية، حتى العملية الجراحية التي أجراها على عينه، تكلف بها صديقه، في غياب أي التفاتة رسمية اعترافا بجميله على الماص الذي قضى به 13 سنة، والوداد الفاسي الذي لعب له 6 سنوات.

يتذكر حميد الحاصل على دبلوم تدريب من فئة "ب"، بحسرة رد فعل مسؤول بالماص، قصده لمساعدته فذاب وعده وذاك لوالي سابق بتشغيله المنتظر إلى الآن. أما الولاية ف"منحتني رخصة الثقة لم أستغلها"، ليكتفي بتدبير أمره بنقل البضائع في سيارة "هوندا"، قبل أن يؤسس فريق هلال طريق عين الشقف.

"كي تعيش يجب أن تقبل بواقع المحسوبية والزبونية، ولست من هذا النوع" يجيب حميد عن سؤال ل"العين الثالثة" حول عدم وضع الثقة فيه لتدريب فرق، مشيرا لتجربته مع الواف الذي حقق معه الصعود، دون أن تحرك إنجازاته المتعددة، "شعرة" في رؤوس فرق لعب لها ومسؤولي مدينة تناسوا أبطالها.

أوضاع مزرية

ليس حموصة وباحيم وحدهما اللذين يعيشان أوضاعا صحية واجتماعية مزرية، بل اللائحة طويلة ومنهم عبد المجيد حضري ظهير أيمن المنتخب الوطني بين 1972 و1975، والذي شارك في أولمبياد ميونيخ وراكم إنجازات مهمة مع الرجاء التي فاز معها بلقبي كأس العرش في السبعينات. لكنه يعيش وضعا لا يحسد عليه.

وليس زميله عبد الكريم أوكادي ابن فريق الرجاء البيضاوي وقلب هجومه، الذي لعب لنهضة سطات وهلال الناظور، أحسن حالا. فصحته متدهورة ومعاناته الاجتماعية متواصلة إلى الآن في غياب أي مورد يضمن العيش الكريم ومحدودية الدعم اللازمين ف"ليس هناك أي التفاتة" أو "والو أختي" كما قال ل"العين الثالثة".

"الأوضاع المادية المزرية. مكرفصين، ما كاين والو، كنسلكو وصافي" عبارات أبلغ فاه بها عبد الكريم أوكادي الفائز مع الرجاء البيضاوي بلقب كأس العرش في سنة 1982 أمام النهضة القنيطرية رفقة أشهر لاعبي الفريق الأخضر في تلك الفترة من أمثال المرحومين عبد المجيد الظلمي وعبد اللطيف بكار ومحمد فاخر.

أوكادي المميز بقذفاته القوية وأهدافه التي كان يسجلها من بعيد، انتهى به المطاف بعد اعتزاله، "فراشا" يبيع الأواني في درب عمر بالدار البيضاء، ويعاني من الفقر المدقع يختصره في قوله "أتحاشى الظهور في الملاعب كي لا يراني زملائي على هذه الحالة" في أبلغ كلام دون أن ينظر إليه المسؤولون بعين الرحمة.

نسيان وتناسي

عبد المجيد المتوكل لاعب الماص السابق، يعيش أوضاعا مماثلة، لكنها أخف وطأة عليه عكس عبد الرحيم فني الملقب ب"الكوشي"، زميله بنفس الفريق، والصديق الحميم لحميد حموصة الذي يشاركه المعاناة ذاتها في غياب التفاتة مسؤولي الفريق للاعبين أبلوا البلاء الحسن وأعطوا الشيء الكثير للفريق الفاسي الأول.

لاعبين "نفوسهم حارة" لا يمدون أياديهم استجداء ولا يرضون بصدقة من أحد، مهما كانت ظروفهم صعبة وكونهم "تكرفسوا بزاف. وكاينين شي وحدين دايزة فيهم السعاية" على رأي خالد خلابي لاعب سابق وأستاذ مادة التربية البدنية ومدرب بأكاديمية الأدارسة بمقاطعة أكدال بفاس، التي يديرها لحسن الصنهاجي.

ويضيف في اتصال مع "العين الثالثة": "واخا كتكون واصلة فيهم للعظم، ما كيرضاوش"، متسائلا حول واقع الإجحاف في حق اللاعبين القدامى بالعاصمة العلمية الذين تعيش نسبة مهمة منهم "عدة مشاكل اجتماعية متنوعة ومختلفة"، "علاش الماص والواف ما يهزوش ولادهم؟"، سؤال ينتظر جوابا مقنعا على أرض الواقع.

في انتظار مبادرات رسمية داعمة للاعبين محتاجين للاعتراف بالجميل، تستحق التفاتة بعض اللاعبين رأفة بزملائهم، التنويه، من قبيل محاولة زملاء حموصة تنظيم مباراة تكريمه. لكن تدابير فيروس كورونا، فرملت الفكرة وأجلتها في انتظار الانفراج والتفاتات مماثلة تعيد الاعتبار للاعبين طواهم النسيان والتناسي.

 

آخر الأخبار