"أبو النعيم" .."الرقاص" بين مطيع ودهاقنه السلفية الوهابية

الكاتب : الجريدة24

20 مارس 2021 - 05:30
الخط :

على بعد خطوات من باب سجن عكاشة، ظهر "الشيخ" أبو النعيم بلحيته التي أطلقها وعمها البياض بعد توقفه عن إخضابها بالحناء وهو "يربرب" ويتوعد ويتأسف على ضياع حكم الشريعة، ويتوعد اليهود على خلفية إعادة العلاقة بين المغرب واسرائيل.

كان لافتا أن يكون أول تصريح يدلي به الشيخ الذي قضى عاما خلفا القضبان على خلفية تمرده على قرارات السلطات المحلية برفض إغلاق المساجد في إطار الاجراءات للتصدي لوباء كورونا، للذراع الإعلامي التابع لتيار السلفية الوهابية بالمغرب.

تصريحاته عنوانها التناقض والتخبط، مرة يقول أن السجن رحمة وخارجه هو العذاب وفي نفس التصريح يشتكي فيه من غياب حقوق الإنسان داخل السجن.

أبو النعيم رجل التعليم المتقاعد، ابتدأ مشواره الحركي داخل التنظيمات الإسلامية بالمغرب من خلال حركة الشبيبة الإسلامية المنحلة، وكان احد قادتها البارزين في معقلها الرئيسي بدرب الكبير ودرب السلطان.

لما وقعت جريمة اغتيال الزعيم النقابي الاتحادي عمر بنجلون نهاية السبعينات من القرن الماضي، وكان التنظيم ضالعا فيها، اضطر زعيم الحركة حينها عبد الكريم مطيع إلى الهروب خارج المغرب حيث استقر به المقام في ضيافة السعودية التي كان حينها التيار السلفي الوهابي هو المسيطر على بنية الحكم في بلاد الحرمين.

من بين قيادات الحركة التي كانت صلة الوصل بين زعيمها الهارب مطيع وباقي عناصر التنظيم المطارد كان ابو النعيم وقيدي آخر يدعى بكار، الذين وقع عليهما الاختيار ليقوما بهذه المهمة.

قصة ارتماء ابو النعيم في أحضان السلفية الوهابية السعودية، ابتدأت عندما كلفه مطيع الهارب، بالتواصل مع شيوخ هذا التيار داخل بلاد الحرمين، بهدف البحث عن مصادر التمويل.

دأب ابو النعيم على حضور المجالس التي كان يقيمها دهاقنة الفكر الوهابي بالسعودية وبخاصة مجالس العثيمين وابن باز بالإضافة إلى احد ابرز محدثي التيار ناصر الدين الألباني.

في نهاية السبعينات سيعلن كل من ابو النعيم ومرافقه بكار، الذي اعتقل في ملف إرهابي بعد أحداث 16 ماي بالدار البيضاء، عن تخليهما عن مطيع وتبنيهما للفكر الوهابي، معتبرين مطيع مخالفا لتعاليم الشرعية وان هدفه ليس هو الكتاب والسنة.

مع تبينهما للفكر الجديد ضمن ابو النعيم لحركته الجديدة تمويلا ماليا ضخما ومظلة دعوية من بلاد الحرمين، حيث نجا من عواصف الاعتقالات التي ستطال رموز الحركة الإسلامية بالمغرب بداية الثمانينات من القرن الماضي.

لعب ابو النعيم دورا كبيرا في استقطاب عدد كبير من الأشخاص والرموز الإسلامية المغربية وجعلهم تابعين للمؤسسات الرسمية الوهابية السعودية، التي ستتفتق عنها السلفية الجهادية بمباركة  مساعدة من أنظمة استخباراتية سعودية وأمريكية بهدف توجيهم للحرب ضد الاتحاد السوفياتي بأفغانستان.

داخل التيار الوهابي نفسه كانت هناك منافسة شرسة فيمن يكون له الحظوة الكبرى لدى دهاقنة الفكر بالسعودية، حيث كانت الأموال تنفق بدون حسيب ولا رقيب.

مشكلة ابو النعيم انه لم يعرف كيف يحافظ على مكانته وسط  وهابي السعودية، حيث سيوكلون مهة الناطق باسمهم داخل المغرب لشخص اخر هو عبد الرحمان المغراوي، ليجبر أبو النعيم على الرجوع إلى الوراء.

غاب عن ابو النعيم ان الفكر الوهابي هو فكر لحظي كانت السعودية في حاجة اليه لفرض هيمنتها الدينية والروحية على العالم الإسلامي، واختار لنفسه ان يكون مجرد صدى لهذا الفكر بدون أن يعي وغيره من ضحايا هذا الفكر انه كان مجرد أداة لأجندة للمخابرات السعودية، لفرض هذه الهيمنة.

بعد استنفاذ السعودية أهدافها من الفكر السلفي الوهابي، كان على أتباع هذا التيار ان يبحثوا لهم عن مصادر تمويل أخرى، حيث تأسست السلفية الجهادية على أنقاض هذا الفكر، وكان الملياردير السعودي أسامة بن لادن احد ابرز ممولي هذا التيار عبر العالم.

بعد حادثة 11 شتنبر 2001 التي هزت الولايات المتحدة الأمريكية، وتحميل التيار السلفي الوهابي السعودية المسؤولية الأخلاقية لهذا الحادث الإرهابي، بدأت السعودية تتخلص من هذا التيار رويدا.

تيار أبو النعيم داخل المغرب سيجد نفسه كالأطرش وسط الزفة، بعد أن فقد كبار مموليه، لكن مشكلته انه لم يستوعب طبيعة المرحلة، أو كيف يتصرف بعد أن تم التخلي عنه بعد خدمات أسداها للتيار السلفي الوهابي السعودي داخل المغرب.

الكلام الذي فاه به أبو النعيم وهو يغادر أسوار سجن عكاشة تكشف شيئا واحدا أن الشخص أصيب بمرض العته على كبر، بعد أن استطاب تعدد الزيجات كيف لا وهو محرم ارتداء التبان لأنه بحسبه سبب فقدان فحولة الرجال.

آخر الأخبار