العثماني والركمجة.. انتهازية سياسية مقيتة في الهزيع الأخير للحكومة

هشام رماح
يتقن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، الركمجة فالرجل "الصامت بسلامته" يخرج بين الفينة والأخرى ليتحفنا بإحدى نوادره مثل "حل الروبيني ينزل الما ورك على الساروت يشعل الضو".. وليصدق عليه لبوس من "صمت دهرا ونطق كفرا".
وليست آخر تحف رئيس الحكومة غير تغريدة على حسابه في "تويتر" وهو يورد مبيانا لتطور مؤشر إدراك الفساد بالمغرب، وقد نسب في هذه التغريدة بعد بيان سبق وذيله قبلها بيوم، هذا التطور إلى حكومته دون غيرها، محيلا على أن معدل هذه النقطة بلغ 41 أثناء ولايته بين 2017 و2020، بعد أن كان لا يتجاوز 33,2 خلال الولاية 2002-2006!!!
وقد تُفهم محاولة سعد الدين العثماني، تبني مبدأ "الانتهازية السياسية" المقيت، لكن جسارته في جعل محاربة الفساد حكرا على حكومته تبعث على التعجب، وقد استمرأ الرئيس الذي يمتح شعاراته من الدين، أن يمحو ويجُبَّ ما قامت به الحكومات التي تعاقبت على المغرب منذ مطلق الألفية الثالثة والتي أسست لمنصة الانطلاق صعودا في مؤشر إدراك الفساد، ويظهر نفسه بطلا افتراضيا استطاع تحقيق ما فشل فيه غيره.
ولا مراء في أن "الانتهازية السياسية" تظل أسلوبا مفضلا للضعفاء، وهذا ما برع فيه سعد الدين العثماني، الذي يزاحم من سبقوه في مثل منصبه بوصفه الأضعف بينهم والأكثر استدرارا للانتقاد وللشفقة وهو الذي سبق وصرح بعظمة لسانه أن من عجائب الدنيا أنه أصبح رئيسا للحكومة.
ولأن الحكومة الحالية تعيش الهزيع الأخير، فإن رئيس الحكومة المحسوب على الـ"بيجيدي" وبكل الضعف الأخلاقي الممكن يكابد للركوب على الأمواج في تسخينات انتخابوية سابقة لأوانها، مدعيا أن ما يجنيه المغرب من تقدم في قطاعات عدة هو نتاج عمل حكومته وحده دون الإشارة إلى الصيرورة التاريخية التي تعترف بالـ"ماكرو" لا الـ"ميكرو".
وقد يخفى على سعد الدين العثماني، أن المغرب وفي العديد من المجالات والقطاعات بلغ موسم الجني والقطاف وثمار استراتيجيات كثيرة أطلقت في عهد الملك محمد السادس، بدأت تتساقط رطبا جنيا، كما الشأن في مؤشر إدراك الفساد الذي استنزف عملا دؤوبا ومثابرة من لدن رجالات الدولة والقائمين عليها تحت قيادة عاهل البلاد منذ مطلع القرن الحالي.
ولا ضير هنا من تذكير سعد الدين العثماني، الذي طبل لنفسه ولحكومته وهو يصدر بيانا، أول أمس الاثنين، مفيدا بأن حكومته أعطت أولوية كبرى لورشتي الحوْكمة ومحاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة وإصلاح الإدارة، أن حكومته لم تبتدع جديدا وإنما حاولت تطبيق اليسير من التوجيهات الملكية التي تنتصر لمكافحة الفساد في الزمكان اللا محدود.
ولم يكلف سعد الدين العثماني، نفسه حتى الإشارة إلى الخطاب الملكي لـ14 أكتوبر 2016، الذي القاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، والذي كان أرضية لما يعرف بـ"الباب المتعلق بتعزيز قيم النزاهة والعمل على إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة" في البرنامج الحكومي.. لكن هكذا حال رئيس حكومتنا الـ"ميكيافيلي".. شفانا الله منه.