الرميد يخرج عن صمته بمذكرة حول "الجنائي" العالق بالبرلمان

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

27 أبريل 2021 - 01:30
الخط :

بعدما ظل حبيس رفوف البرلمان حوالي ست سنوات، خرج المصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، عن صمته بخصوص مشروع يقضي بتعديل مجموعة القانون الجنائي، وهو المشروع الذي كان قد أعده الرميد وفريقه لما كان وزيرا للعدل والحربات بحكومة عبد الاله بنكيران.

وأصدر الرميد مذكرة توضيحية بشأن مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، يدعو فيها إلى إنهاء المشروع المذكور قبل اختتام الولاية التشريعية الحالية.

وشدد الرميد في ذنفس المذكرة على أنه "بالنظر لكون الولاية التشريعية الحالية على وشك الانتهاء، فإنه يتعين بذل المجهود اللازم في إطار ما يقتضيه ذلك من تعاون وثيق بين الحكومة والبرلمان وتفاعل إيجابي مع تطلعات مختلف الفاعلين، لإتمام الدراسة والتصويت على هذا النص الهام قبل اختتام الدورة التشريعية الحالية".
واعتبر وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان أن دعوته لإنهاء مشروع القانون المتعلق بمجموعة القانون الجنائي يأتي حرصا على تنفيذ أحكام الدستور، وتحقيقا للمصلحة الوطنية، وتعزيزا للحقوق والحريات في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك".

وتعثر هذا المشروع بالبرلمان بسبب الخلاف الحاد الذي اندلع بين البيجدي من جهة وبين بعض مكونات الأغلبية بسبب بعض مقتضيات المشروع التي تشدد العقوبات بشأن الإثراء غير المشروع بالصيغة التي جاء بها المصطفى الرميد، وهي العقوبات التي تصل حد العقوبات السالبة للحرية.
واشتد الخلاف بعدما أعدت مكونات الأغلبية البرلمانية تعديلات مشتركة على المشروع، قبل أن يعلن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب تمسكه بالصيغة التي جاءت بها الحكومة دون تعديل، وبالتالي سحب توقيعه على التعديلات.

وذكر الرميد في مذكرته بما سماه السياق العام لإعداد مجموعة القانون الجنائي، وإبراز مرتكزاته، وأهم مستجداته قبل التطرق لأهم المراحل التي ميزت مسار دراسته بالبرلمان.

وأوضح الوزير ذاته أن السياق العام لإعداد مشروع القانون، جاء خلال الولاية التشريعية التاسعة، وذلك بناء على استشارات موسعة مع مختلف الفاعلين في المجال الحقوقي والقانوني، لافتا إلى أن الوثيقة تساير التطور الحقوقي الكبير الذي عرفته بلادنا خاصة بعد اعتماد دستور 2011، وما رافقه من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية ترتبط بإعمال مقتضيات الدستور والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان ومجال مكافحة الجريمة، فضلا عن متابعة تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة والتوصيات المنبثقة عن الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التي أكدت على أن مراجعة وتطوير القانون الجنائي يعد من المرتكزات الأساسية للإصلاح الشامل للعدالة الوطنية.

وأضاف أن الوثيقة حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان، وحماية السلامة الجسدية للمواطنين وتجريم التعذيب، وتجريم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وحظر التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف وتجريم الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان، وتقوية الحماية القانونية والقضائية لحقوق الأفراد، فضلا عن دعم النزاهة والشفافية وتجريم تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه والانحرافات الماسة بالمال العام، بالاضافة إلى توجيهات ملك البلاد وخاصة خطاب 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب.
ومن مستجدات مشروع القانون، النص على جرائم جديدة ومن بينها، تجريم الاختفاء القسري (الفصل 9-231 وما بعده)، وتجريم تهريب المهاجرين (الفصل 6-231 وما بعده)، وتجريم استفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 1-247)، وتجريم الإثراء غير المشروع لتعزيز منظومة مكافحة الفساد، وصورة ذلك هي الزيادة الكبيرة والغير مبررة للذمة المالية للشخص الملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح مقارنة مع مصادر دخله المشروعة دون استطاعته إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة (الفصل 8-256 وما بعده)،
كما جرم المشروع الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب للملاءمة مع اتفاقيات جنيف الأربعة المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني ونظام روما المحدث للمحكمة الجنائية الدولية (الفصل 1-448 وما بعده).
وسن المشروع مقتضيات عملت على مراجعة أركان بعض الجرائم أو تعاريفها، وكأمثلة على ذلك، مراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يستجيب للتعريف المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (الفصل 1-231)، وإعادة تنظيم جرائم الاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 245 وما بعده)، ومراجعة مفهوم العصابات الإجرامية وتمييزها عن المنظمة الإجرامية (الفصلين 293 و294)، ومراجعة تعريف الأسلحة بما يواكب خطورة هذه الظاهرة التي باتت تستدعي مزيدا من الحزم والصرامة في معالجتها (الفصل 303).
كما ضاعف النص العقوبة إذا كان حامل السلاح في حالة سكر أو تخدير (الفصل 1-303)، وأعاد تنظيم جريمة التمييز بتوسيع مجال التجريم وأهدافه بما يتلاءم والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (الفصل 431 وما بعده) وإعادة توصيف جرائم الاعتداء والاستغلال الجنسي عندما يكون الطفل ضحية لها واعتبارها جنايات (الفصلان 484 و497)، وشدد على عدم إمكانية تمتيع الفاعل بظروف التخفيف في جرائم العنف والاعتداء أو الاستغلال الجنسي التي تستهدف الأطفال (الفصول 1-422 و1-493 و1-504)، مع إعادة تنظيم المخالفات وإدماج مقتضيات قانون قضاء القرب (الفصل 608 وما بعد).
وفي مجال العقوبة، توخى المشروع، يقول الرميد، ما يحقق ردع مرتكب الجريمة وإصلاحه في نفس الوقت، ومن الاختيارات التي أخذ بها المشروع في هذا الإطار، منح المحكمة صلاحية التوقيف الجزئي للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز عشر سنوات دون أن تنزل عن نصف العقوبة المحكوم بها (الفصل 55)، وإعادة النظر في العقوبة المقررة للمحاولة بإقرار عقوبات أخف من العقوبة المقررة للجريمة التامة وتصل إلى حد النصف في الجنح (الفصلان 1-114 و115)، وإقرار المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري ، باستثناء الدولة ، مع التنصيص على هذه المسؤولية لا تنفي مسؤولية الشخص الذاتي مرتكب الجريمة بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا (الفصل 1-132)، والتنصيص على الغرامات التي تفرض على الشخص الاعتباري في الحالات التي لا ينص فيها القانون المجرم للفعل على العقوبة الواجبة التطبيق عليه (الفصل 1-18).

أما في مجال العقوبات، فجاء المشروع بمقتضيات جديدة من بينها تقسيم العقوبات إلى أصلية أو بديلة أو إضافية (الفصل 14)، ورفع الحد الأدنى للغرامة في الجنح إلى 2.000 درهم (الفصل 17)؛
-رفع الحد الأقصى للغرامة في المخالفات إلى أقل من 2.000 درهم وحذف الاعتقال (الفصل 18)، وإقرار عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجنح مع استثناء بعض الجنح الخطيرة، ويتعلق الامر بالجنح التي يحكم القضاء بشانها بعقوبة تقل عن سنتين حبسا،باعتبار أن سلب الحرية ليس هو الحل الوحيد للعقاب، ولا يجب اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة القصوى وبالنسبة للأفعال الخطيرة (الفصل 1-35 وما بعده).

وفي باب عقوبة الإعدام استبدل المشروع عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم المحاولة( الفصل 1-114) والمشاركة ( الفصل 130) حينما تكون عقوبة الجريمة الاصلية هي الإعدام بالعقوبة السجنية، وأضاف ثلاث جرائم خطيرة عاقب عليها بالإعدام هي : جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وذلك في إطار مقاربة تستهدف تثبيت عقوبة الإعدام بشأن الجرائم الأكثر خطورة دون سواها.
يذكر أن حكومة بنكيران أحالت المشروع موضوع الجدل على مجلس النواب بتاريخ 24 يونيو 2016، وبعد ذلك تم تقديمه من طرف وزير العدل والحريات بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 28 يونيو 2016. كما أنهت اللجنة مناقشته التفصيلية بتاريخ 14 يوليوز 2016، غير ان بعض الفرق النيابية ماطلت في إتمام مسطرته التشريعية، مما أدى إلى انتهاء الولاية التشريعية دون المصادقة عليه.

وفي مستهل الولاية التشريعية الحالية تم تقديم مشروع القانون الجنائي من جديد من لدن وزير العدل بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 06 يوليوز 2017 ، وبعد ذلك عقدت اللجنة 12 اجتماعا لمتابعة دراسته، حيث أنهت مناقشته التفصيلية بتاريخ 02 يوليوز 2019، ومنذ ذلك الحين برزت خلافات بين الفرق النيابية تتعلق بتقديم التعديلات، مما حال دون برمجة البت فيه ،بيد أنه عشية اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية الحالية بادر رئيس مجلس النواب بموجب رسالته المؤرخة بتاريخ 09 فبراير 2021 إلى إحاطة الحكومة علما برغبة السادة أعضاء مكتب اللجنة في التفاعل الإيجابي مع اقتراحهم بشأن تحديد تاريخ للتصويت على مشروع القانون.

آخر الأخبار