مرصد "عيون نسائية": مذكرة مندوبية التخطيط حول العنف ضد الرجال خلقت لبسا وسوء تأويل

أمينة المستاري
استنكر مرصد "عيون نسائية" اللبس الذي أثارته صيغ تقديم المندوبية السامية للتخطيط خلال شهر أبريل 2021 لمذكرة إخبارية حول حجم العنف في أوساط الرجال، وطرق تأويلها وتوظيفها من طرف بعض وسائل الإعلام الوطنية.
المذكرة اعتمدت على عينة من 3000 رجل وفتى (ما بين 15 و74 سنة)، وتلاها منشور تم تعميمه يوم الأربعاء المنصرم، يتضمن إحصائيات مقارنة بين أشكال ومعدلات انتشار العنف الذي استهدف كل من النساء والرجال.
واعتبر المرصد الذي كان مساهما في نتائج البحث الوطني الثاني حول العنف ضد النساء المنجز خلال سنة 2019، أن التعليقات التي رافقت المذكرة اتجهت عموما نحو "ترويج خطاب تعتيمي يتعارض مع هدف توفير معلومات تساعد على فهم العنف القائم على النوع الاجتماعي، عبر توجيه صناع القرار نحو وضع سياسات عمومية مناسبة لمناهضته والوقاية منه....وأن نشر المندوبية لمعلومات حول العنف الذي يعاني منه الرجال، ربطت بينه وبين العنف القائم على النوع الاجتماعي، دون توضيح الإطار المفاهيمي والمنهجي الذي استدعى إدراج الرجال كفئة مبحوثة ضمن البحث الوطني الثاني حول العنف ضد النساء. "
وانتقد المرصد عدم إجراء نقاش تشاوري مع المجتمع المدني ومع باقي الفاعلين المؤسسيين المعنيين بالسياسات وبإنتاج المعرفة، عند اختيار توسيع مجال البحث الوطني الثاني حول العنف ليشمل الرجال، وتم تجاهل الجمعيات النسائية في مختلف مراحل الإعداد القبلي للبحث الوطني، ولم يتم استدعاؤها للمشاركة في لقاءات تشاورية بشأن محاور البحث وبروتوكوله المنهجي وتوجهاته وفئاته المستهدفة، ولم يتم إشراكها بشكل من الأشكال خلال مراحل معالجة المعطيات.
واعتبرت أنه إذا كان الهدف من توسيع مجال البحث الوطني الثاني حول العنف ليشمل الرجال إضافة إلى النساء هو توفير عناصر فهم أوضح حول ارتباط العنف بعلاقات النوع الاجتماعي، وحول اختلاف سياقاته وآثاره بالنسبة لكل من النساء والرجال، فإن النتائج المعممة إلى الآن بشأن البحث الميداني الذي أنجزته أطر المندوبية السامية للتخطيط لدى عينة الرجال، لم يرفق بتوضيح الإطار المفاهيمي والمنهجي المعتمد، مما ساهم في خلق لبس، ونشر معطيات قابلة لتأويلات مخالفة للهدف المعلن من طرف المندوبية.
وأكد المرصد أن العنف الموجه ضد النساء كنوع اجتماعي، والعنف الذي يستهدف الرجال كأفراد داخل المجتمع في سياقات مختلفة وخلال مختلف مراحل العمر، ليسا متطابقين كما توحي بذلك معالجة الأرقام المعممة حول درجة انتشار العنف وتجلياته بالنسبة للجنسين، إضافة إلى أن الفارق بينهما ليس فارقا إحصائيا يتعلق بمعدلات الانتشار، أو بتفاوت نسب الأشكال المصنفة لأعمال العنف، كما أن المقارنة لا تتعلق بالأرقام بل بظروف ودواعي وآثار العنف على كل من النساء والرجال.
ويختلف كذلك تعريف العنف القائم على النوع الاجتماعي، عن العنف الذي يتعرض لها الأفراد عموما داخل المجتمع ويتعرض لها الرجال خلال مختلف مراحل العمر خارج إطار علاقات النوع الاجتماعي.
ودعا المرصد إلى فتح نقاش علمي رصين حول الإطار المفاهيمي والمنهجي للبحوث المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وحول نتائج البحث الوطني الثاني في شقه المتعلق بوقائع العنف وبتمثلات المبحوثين والمبحوثات، وكذلك بتمثلات الباحثين والباحثات المعنيين والمعنيات بتجميع المعلومات.
وطالب بتعزيز المقاربة التشاركية في إنجاز البحوث الوطنية المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتوسيع فرص التبادل والتشاور مع المجتمع المدني بشأن توجهات البحوث الوطنية، بوضع بروتوكول خاص بتلك البحوث، وفق المعايير العلمية والتوجيهات الأممية، وتخصيص برامج لتكوين وتأهيل الباحثين والباحثات في مجال تسجيل المعلومات؛ وتشجيع إنجاز بحوث كيفية مكملة للبحوث الإحصائية ومساعدة على فهم وتفسير ما لا تفسره الأرقام.