العيد بفاس.... طقوس من قلب التاريخ  

الكاتب : الجريدة24

12 مايو 2021 - 09:45
الخط :

فاس: رضا حمد الله

لا تختلف عادات وتقاليد الاحتفال بعيد الفطر لدى الفاسيين عن باقي المناطق، إلا في جزئيات بسيطة وغير ذات أهمية تتعلق باللباس وتبادل الزيارات التي قد تحد منها ظروف كورونا ولو بنسب متفاوتة، في انتظار رحيل الوباء وانفراج الأوضاع وعودة الأمور إلى سابق عهدها.

استعداد مبكر

يبدأ الاستعداد لعيد الفطر أو العيد الصغير بتعبير المغاربة، قبل أيام من حلوله، بإعداد الحلوى ومتطلبات وجباته ومستلزمات ضيافة الأقارب والأهل والمهنئين، وتشكل احتفالات ليلة القدر، وما يعقبها من عادات، إعداد قبلي لحلول هذه المناسبة الدينية، يتوج بإعداد ما لذ وطاب من شهيوات.

النساء الفاسيات يستعدن لتوديع كريوش والشباكية والحريرة وسلو، بحلويات خاصة بالعيد ويتفنن في صنع كعب الغزال ويتنافسن في إعداد أحلاه وأجوده، كما باقي الشهيوات من فقاص وغريبة وأنواع أخرى، موازاة مع الاحتفال بالأطفال الصائمين وشراء كسوة العيد لهم وللشباب من الجنسين.

وتزدحم شوارع فاس وأزقة المدينة العتيقة، بالراغبين في التبضع وشراء الكسوة بشكل أعاد لما داخل الأسوار حيويته بعدما قتلتها كورونا في زمن ولى، في انتظار التثبت من رؤية شهر شوال ليلا حيث يشرع رسميا في الاحتفال بالعيد بإجراءات الاتصالات الهاتفية التي عوضت الزيارات العائلية للمنازل.

ملابس خاصة

يحرص الفاسيون والفاسيات على ارتداء ملابس خاصة في العيد، خاصة الجلباب والبرانس البيضاء والبلغة الفاسية الأصيلة والطرابيش الحمراء التي تكاد تندثر حاليا، إلا من فئة قليلة ما زالت محافظة على ارتدائها، ويقتنوها قبل حلول المناسبة الدينية، من مختلف الأسواء المختصة في صناعتها.

قديما ارتبطت بالعيد طقوس أخرى من قبيل الاصطفاف غير بعيد عن القصر بفاس الجديد لمشاهدة طلعة السلطان ممتطيا صهوة فرسه، في موكب خاص يتوجه إلى مصلى لأداء صلاة العيد وإلقاء الخطبة، في صورة لم يعد لها وجود بعدما شكلت إحدى الصور الجميلة للاحتفال بعيد الفطر في الحاضرة الإدريسية.

لكن صلاة العيد يحافظ عليها وكان الناس حريصون على أدائها والتوجه جماعة إلى المصلى سيما بمواقع معينة معروفة بينها باب الساكمة وباب الفتوح قبل إحداث مصلات جديدة، حيث تبدو الحشود البشرية ببرانسها البيضاء وجلابيبهم التقليدية الأنيقة، كما لو كانت لوحة رسمها فنان. 

زيارة العائلة

 بعد الصلاة كان الفاسيون يحرصون على تبادل الزيارات وزيارة الأهل والأحباب في منازلهم، قبل ظهور كورونا التي قتلت مثل هذه الأواصر العائلية التي استعاضت عنها بالاتصال الهاتفي والدردشات الإلكترونية التي عوضت الجلسات العائلية الحميمية خاصة في مثل هذه المناسبات الدينية.

زيارة الفروع للأصول كانت طاغية وليس العكس، اعتبارا لكون الأبناء والحفدة من الجنسين، أولى بالقيام بهذه المبادرة وزيارة آبائهم بمنازلهم، في عادة محافظ عليها كما عادات مرتبطة بإعداد المنزل من طرف النساء، وتأثيثه وتنظيفه ليكون في أبهى صورة متوخاة لاستقبال العيد الصغير.

ومن العادات الجميلة الاستماع إلى أغاني الملحون وطرب الآلة أو ترديدها جماعة في كل التجمعات على إيقاع كؤوس الشاي ومختلف أنواع الحلويات وكل ما تشتهيه البطون العائدة من جوع رمضان الكريم، لكن دون الإفراط في الاستهلاك حفاظا على سلامة البطون. 

آخر الأخبار