مولاي براهيم طير الجبال كان يتحول لحمامة وخلوته سالت فيها الدماء

الكاتب : الجريدة24

13 مايو 2021 - 02:00
الخط :

كان الحمار يتبع صاحبه ببطء، ينزل الدرجات الإسمنتية محاذرا السقوط.

اصطكت أسنان الجالسين في المقهى الشعبي، في الزقاق الضيق بمولاي ابراهيم، بعد سماعهم صوت احتكاك صفائح حوافره مع الأرض، الحمار مطأطأ الرأس خاضعا لسلطة لجام يمسك شدقيه، توقف صاحبه ليلقي التحية على بعض الجالسين، وكذلك فعل الحمار.

منظر الحمار بددا هلعا كان يتمكن من قلوبهم وهم الواصلين للتو إلى قرية مولاي ابراهيم، قادمين إليها من مدن مختلفة، بعد أن قطعوا طريقا أفعوانية بين الجبال والنتوءات الصخرية، بها علامات تشكر مستعمليها على حسن تفهم ضيقها الذي لا يسمح بمرور شاحنتين دون أن تتوقف إحداهما.

"مولاي ابراهيم يقصده السياح الأجانب والداخليون على حد السواء، غير أن الطريق المؤدية إليه ترهبهم، إنها ليست سياحية" قالها أحد الجالسين بالمقهى، مشتكيا من الطريق المليئة بالحفر، والتي تعترض الأحجار فيها، تئن محركات السيارات وهي تصعد عقبة الجبل صوب مولاي ابراهيم.

الحمار وسيلة نقل فعالة في جبل مولاي ابراهيم، وحده القادر على حمل الأثقال والصعود بها مرورا من هذه الأزقة الضيقة، يقول محماد سمسار، يبدي استعداده للمساعدة إلى الزائرين اللحظة التي  تطأ أقدامهم أرض "طاير الجبال".

مولاي براهيم كان يتحول قيد حياته إلى حمامة، فيطير من مكانه ليحط فوق جبل، يعتكف بقمته، هكذا قال عبد الفتاح أوسوس، صاحب عربة لبيع الشمع أمام الضريح، التحول إلى حمامة فرضته رغبة مولاي ابراهيم في اعتزال الناس، والبقاء وحيدا في خلوته للتقرب إلى الله، كما استطرد.

من أراد زيارة الضريح، فليحرص أن يتسلح بالنية، لأن كل نية تُقضى هنا، يقول أحد الجالسين قرب الضريح، فدار مولاي ابراهيم "دار سر لا دار علم"، كما أن الأمان يحف زائريه، لقوله وهو حي يرزق، مقامنا هذا مثل مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا"، على حد اعتقاد عبد الفتاح.

هناك في قمة الجبل المقابل للضريح، حيث أشار كان مولاي ابراهيم يختلي بنفسه، الناس كذلك وإلى حدود 1997 كانوا يصعدون إليها ليختلي بعضهم ببعض، كل حسب نواياه.

هناك منان  يختلي بعشيقته، فوق الجبل قبل زمن "كوورنا" كما أفاد محماد سمسار، يرتدي جبة خفيفة، الشمس أحرقت وجهه، رغم القبعة البالية التي يعتمر، والذي أشار إلى أزقة مولاي ابراهيم ، ثم قال في الصيف تكتظ بالسياح، حتى لا تجد مكانا للمرور، الحمير كذلك تعاني من الزحام خلال تلك الفترة من السنة.

"مولاي ابراهيم ولي صالح يفك العقد، ويحل المشاكل"، يقول أحد الزائرين، يضيف أن الولي آثر العيش بين الجبال على البقاء وسط مراكش، حيث دب الخلاف بينه وقاض في زمانه حول مسألة تعدد الزوجات، الخلاف وصل إلى علم أمير للدولة السعدية، فعمد مولاي ابراهيم للهروب من المدينة خوفا من غضبته، رفقة ستمائة من أتباعه، واستقر ردحا من الزمن حيث يرقد جثمانه الآن.

آخر الأخبار