بسبب موقفها من البوليساريو.. الجزائر تحتفي بالعدل والإحسان

لماذا تحتفي الحسابات الفايسبوكية الجزائرية بجماعة العدل والإحسان المغربية؟ ولماذا تفتخر المنصات التواصلية الرسمية وغير الرسمية في الجارة الشرقية بأتباع الشيخ ياسين وتسدل عليهم وصف "الأفذاذ الذين يحترمون جيرانهم في الجزائر وفي الجمهورية الوهمية"؟ ولماذا تتوافق مواقف العدلاويين مع جنرالات الجزائر في قضايا "استئناف العلاقات مع إسرائيل" وفي "أوهام تقرير المصير في الأقاليم الجنوبية للمملكة"؟
أسئلة وغيرها، تطرح نفسها بإلحاح على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وهم يطالعون "تقطار الشمع الجزائري الرخيص" على المغرب والمغاربة، عبر منفذ أدعياء الإسلام السياسي، الذين يمعنون هذه الأيام في شق الإجماع الوطني في قضايا مصيرية تتعلق بالوحدة الوطنية للمملكة المغربية، ويسرفون في التدوين الافتراضي المطبوع بنزوعات زعزعة عقيدة المغاربة، بدعوى أن "المغرب يمنع مساجد الله أن تذكر فيها آياته"!!.
ولعل من مكر الصدف، أن تتّسق حد التطابق مواقف الجزائر الرسمية وشبه الرسمية مع تدوينات حسن بناجح الناطق الفايسبوكي باسم جماعة العدل والإحسان.
فكلاهما يهاجمان المغرب ومؤسساته الوطنية بدعوى التطبيع، وكلاهما يستغلان الأمن الصحي والروحي للمغاربة للترويج للمغالطات الملتحفة بأردية الكذب والبهتان، وكلاهما ينتصران معا لأطروحة الانفصال: الجزائر تناصر بالفعل والتمويل والاحتضان، وجماعة العدل والإحسان تناصر بالامتناع عن التنديد بحرب البوليساريو الوهمية ضد المغرب، وفي ذلك إقرار مبطن بالموقف المناصر وإن كانت تتدثر في العلن بقولها " لا ينسب لساكت قول ".
ففي المواقف الحاسمة وفي المحطات التاريخية تعرف معادن النساء والرجال المخلصين، وفي لحظات الاستحقاق الوطني تنبلج الوطنية الحقّة من أكمّة النشامى الأفذاذ. لكن للأسف الشديد، هناك من يستوطن الوطن وتستوطنه الايديولوجيا التي تجعل قلبه مملوك على الشيّاع لعدة جهات وطنية ودولية وتتقاسمه المصالح قبل المواطنة. وهناك أيضا من يتولّى النيابة عن "البرّاني" في تصريف أطروحاته وتدويناته حتى يكون لها وقع " التصدّع من الداخل".
فكيف يمكن تفسير احتفاء الجزائر بجماعة العدل والإحسان في مواقع التواصل الاجتماعي إن لم تكن تتوسّم فيها "معول الجنرالات" المنذور للهدم والتصدّع والبلقنة؟
وكيف يمكن تفسير هرولة حسن بناجح وباقي السدنة وحفظة الأختام في الجماعة إلى وسائط الاتصال الجماهيري لرجم السلطات المغربية في كل القضايا والمواقف الراهنة؟ فهم ليسوا مع المغرب في قضية بن بطوش الجزائري، ولا هم مع المغاربة في قضية الصحراء المغربية التي تحدق بها أطماع التقسيم من جهة الجزائر وإسبانيا وألمانيا، ولا هم مع السلطات العمومية في نجاحاتها الواعدة في احتواء جائحة كوفيد-19 وفي إنجاح عمليات التطعيم الجماعي المجاني...الخ.
فأين تصطف الجماعة إذن؟
هل كان علينا أن ننتظر حتى ينجلي الاحتفاء الفايسبوكي الجزائري في وسائط الاتصال الجماهيري لنعرف أين تهوي أفئدة الأتباع والمريدين؟ وهل كان من الضروري أن تتواتر هجمات حسن بناجح لنعرف أن الرجل، الذي سمّن "أملاج فخذيه وريشة كتفيه" من عائدات مأذونية النقل المملوكة لوالدته، إنما يلهج بغير ما تهوى أفئدة السواد الأعظم من المغاربة؟
فمن المخجل أن يصدح حسن بناجح ومن على شاكلته في فضاء الفايسبوك باسم "الشعب المغربي"، وهو لا يحصد في الواقع سوى تعليقات نزر قليل من الأتباع المغرّر بهم في الجامعات وفي مزارات المنازل التي تحوّلت إلى حسينيات الذكر بعيدا عن أوقاف الوزارة. ومن المخجل أيضا أن يتجسّم الرجل نفسه ديموقراطيا وناشطا حقوقيا وهو ينبذ بديهيات الديموقراطية المتمثلة أساسا في قبول الاختلاف وفتح باب التعليقات في وجه العموم في الفايسبوك.
ومن المخزي للرجل أن يحتفي به العدو ويكيل له المديح لأنه بكل بساطة ينوب عنه فيما لا يستطيع هو تحقيقه من الداخل.