أحمد نور الدين: استدعاء المغرب لسفيرته لدى إسبانيا طبيعي وعلى مدريد تحمل مسؤوليتها وخدمة القضية الوطنية

عرفت التطورات الأخيرة في الحركة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا تفاعلا إقليميا ودوليا، وخصوصا على مستوى خارجية البلدين اللتين قامتا باستدعاء سفيرة المملكة لدى مدريد بعد نزوح عدد من المواطنين والمهاجرين نحو ثغر سبتة المحتلة.
وقال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية في تصريح للجريدة 24، إن استدعاء المغرب لسفيرته لدى إسبانيا، يأتي في إطار ثالث الخطوات التي نهجتها المملكة حتى الآن تجاه مدريد لإخلال الأخيرة بالتزاماتها، وهي تعبير صريح عن احتجاجها وعدم قبولها لاستدعاء إسبانيا لسفيرته المذكورة على إثر تنقل مجموعة من المواطنين والمهاجرين الأفارقة لسبتة المحتلة.
وبخصوص الخطوات التي سلكتها المغرب حتى الآن، يؤكد نور الدين على أنها كانت ناجحة وبشكل متدرج ينسجم فيه الرد مع فعل الطرف الآخر، مشيرا إلى أن أولاها كانت بعد استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية على أراضيها، من خلال استدعاء سفير مدريد بالرباط لاستفساره حول هذا الأمر وتبليغه احتجاج المملكة.
أما ثانيها فكان إصدار الخارجية المغربية في 8 ماي لبلاغ شديد اللهجة، ترفض فيه المملكة المبررات التي ذكرتها إسبانيا من أجل استقبال المدعو إبراهيم غالي، معتبرة ان الأمر يخالف روح الشراكة وحسن الجوار بين البلدين، وفق المتحدث ذاته.
وأبرز المتحدث ذاته، أن فرنسا وإسبانيا هما الأكثر معرفة بمغربية الصحراء، وهما شاهدتان على ذلك بعد أن عمد كل منهما زمن الاستعمار إلى تقسيم المغرب وتوزيعه إلى مناطق نفوذ بينها ، مشيرا إلى إن مدريد هي فاعل سلبي في قضية الصحراء المغربية قبل حتى دخول النظام الجزائري على الخط، فقد سعت مدريد إلى خلق كيان في الصحراء المغربية من خلال خلق ”الجماعة الصحراوية” ثم بعد ذلك من خلال عرقلة استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية، وبعد ذلك ولحدود اليوم لا تزال تدعم الإنفصاليين بشكل غير مباشر ومقنع.
وأوضح نور الدين، على أن المسؤولية التاريخية لإسبانيا في خلق نزاع الصحراء المغربية ، تستوجب من الناحية الاخلاقية على الاقل ان تصحح مدريد خطأها التاريخي بدعم موقف المملكة المغريية ووحدتها الترابية بشكل واضح ودون تلكؤ.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية أن أوروبا عامة وإسبانيا يجب ان تحرص على امن المغرب وسلامة أراضيه تماما كما تطلب من المغرب المساهمة في حماية امنها من الإرهاب والهحرة السرية والجريمة المنظمة، وهو ما اثبتت الرباط انه وفت بكل التزاماتها بهذا الشأن، باعتراف الدول الأوربية بالدور الحاسم للمغرب في إحباط العديد من العمليات الإرهابية بكيفية استباقية، أو في الوصول إلى منفذين في حالات اخرى، وهذا يشمل اسبانيا وفرنسا وبلجيكا والمانيا وغيرها بالاضافة إلى ما تقدمه المملكة في حماية القارة العجوز من الهجرة غير الشرعية، إلى جانب التعاون الاقتصادي والسياسي الذي تستفيد منه الجارة الشمالية بصفة خاصة حيث تحتل اسبانيا منذ 2017 المركز الاول كشريك تجاري للمغرب متجاوزة بذلك فرنسا الشريك النجاري التقليدي للمغرب.
وتابع أحمد نور الدين قائلا أن المملكة أعطت الاثباتات خلال 15 سنة الماضية على جديتها في الوفاء بجميع التزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي بصفة عامة، وقد انعكس ذلك على أرقام الهجرة غير الشرعية التي تقلصت بحوالي 80 في المائة من أعداد المهاجرين السريين انطلاقا من السواحل النغربية، بالإضافة إلى اصدار قانون للهجرة يسمح بتوطين المهاجرين بالمغرب، حيث تحول المغرب إلى بلد استقرار للمهاجرين، وليس مصدرا لهم ومنذ تبني هذا القانون أعطى المغرب حوالي 50 ألف بطاقة إقامة للمهاجرين معظمهم من دول افريقيا جنوب الصحراء واغلبهم دخل المغرب للعبور إلى أوروبا، رغم كل هذه الجهود التي بذلها المغرب ورغم ما تشكله من عبئ اقتصادي على المملكة، فإن أوروبا لم تقم بما يوازي هذه التضحيات التي يقوم بها المغرب.
وأوضح أحمد نور الدين، أن على الأراضي المغربية يتواجد عليها حوالي ألف شركة إسبانية، وأن منح المملكة لتراخيص خاصة للصيد في مياهه الإقليمية سمح بتوفير أكثر من 10 آلاف وظيفة للبحارة الإسبان.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن ما يحصل عليه المغرب مقابل وقوقه للمهاجرين السريين كدعم أوروبي ضعيف لا يتجاوز 200 مليون أورو، على عكس تركيا التي تدعمها أوربا سنويا بغلاف مالي قدره 3 مليارات أورو، علما أن تركيا تطالب أوروبا بمضاعفة الرقم ليصل الى 6 ملايير أورو.
مشيرا إلى أن هذا الدعم الهزيل يعتبر إهانة للمغرب في ظل الجهود التي تبذلها المملكة لإدماج المهاجرين الأجانب على ترابها، مشددا على أن على الاتحاد الأوروبي مضاعفة استثماراته بالمغرب للمساهمة، في خلق مناصب شغل توازي أعداد المهاجرين السريبن من دول جنوب الصحراء كمساهمة في إنجاح جهود الرباط المبذولة في هذا المجال.
واعتبر نور الدين، أن لجوء المغرب إلى الأساليب الديبلوماسية غير التقليدية، يعتبر من الأوراق المتاحة لمواجهة التجاهل الاسباني لمطالب المغرب.
وفي الأخير نبه أحمد نورالدين، إلى أن سبتة ومليلية ليستا حدودا جنوبية لأوروبا كما تزعم اسبانيا، بل هما مدينتان مغربيتنا محتلتان، ولا تنطبق عليهما الالتزامات المتعلقة بمنع المغاربة او الأفارقة من التوجه اليهما بمختلف الطرق، واذا كان هناك من حديث عن عدم شرعية فالأمر يتعلق بعدم شرعية الوجود الاسباني في المدينتين المحتلتين، وأظن أنه أن الأوان لاسترجاع المغرب سيادته على المدينتين، وفقا لحل قد يعيد تجربة هونغ كونغ مثلا في الابقاء على حكومتين محليتين تحت السيادة المغربية.