لزرق: المملكة تفطنت لخطة إسبانيا في حشر الاتحاد الأوروبي بالصراع القائم بين الرباط ومدريد

أظهرت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية ناصر بوريطة، عزم المملكة وإصرارها على عدم التراجع على طرحها بضرورة عرض إسبانيا لزعيم ميليشيات "البوليساريو" المدعو إبراهيم غالي على العدالة بمدريد، وعدم السماح له بمغادرة تراب الجارة الشمالية دون معاقبته على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها في حق مجموعة من المواطنين.
وفي هذا الصدد قال رشيد لزرق أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدستوري، في تصريح للجريدة 24، إن الحكومة الإسبانية قامت بافتعال الأزمة وتحاول حشر الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن ما وقع بينها وبين المغرب يعد ضرب لجميع الأعراف الديبلوماسية والقانون الدولي، بعدما انخرطت في المشاركة في جريمة رفقة جنرالات الجزائر، عبر السماح لزعيم البوليساريو بالدخول إلى أراضيها، وهذا يعد إنكارا للعدالة وضربا للقانون الإسباني.
وأكد لزرق أن المغرب يمتاز بديبلوماسيته وببرود الأعصاب على اعتبار أنه في الاجراء الأول طالب استفسارات وتوضيحات من الحكومة الإسبانية كما عمل على نهج خطوة أخرى باستدعاء سفيرة المغرب بمدريد لمناقشة القضية من جميع النواحي.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدستوري، أنه إذا أصرت اسبانيا على مواصلة التحدي وضرب المملكة، فإن الاجراء الأخير يتمثل في قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وسيكون المتضرر الأكبر هي اسبانيا وبدرجة أقل الاتحاد الأوروبي بكون أن المغرب يعتبر أحد أبرز شركائه الاقتصاديين.
وأبرز المتحدث ذاته، أنه في حال عدم فتح التحقيق، فإن المملكة ممكن أن تنهج مجموعة من الأشياء ستشكل ضررا على إسبانيا، من بينها قطع التعاون الأمني، ويمكن أن يلغي الاتفاقيات الخاصة بالهجرة، وقد تصل إلى حدود قطع العلاقات الديبلوماسية، كون أن المغرب دستوريا ملزم بالدفاع عن الوحدة الترابية والحفاظ على المصالح العليا للبلاد.
وأوضح رشيد لزرق، أن التفاعلات داخل الرأي العام الإسباني بخصوص القضية، قد تؤدي إلى اسقاط الحكومة الإسبانية على اعتبار ما قامت به، هو أقرب لحرب العصابات وهذا الأمر يضرب قيم احترام النظام الديمقراطي والمؤسسات، وبالتالي فان فصل السلط يمكن أن يطرح بشدة داخل اسبانيا، مشيرا إلى أن ما فعلته يظهر بالملموس أنه هناك حقوقيين غيورين على النظام الإسباني وديمقراطيته، بكون ما قامت به مدريد بخصوص السماح لزعيم "البوليساريو" بالدخول إلى بلادها بالرغم من جرائمه البشعة وفق منظورهم فهو يضرب كل القيم الإنسانية والديمقراطية ومبادئ فصل السلط ويشكك كذلك في نزاهة القضاء الإسباني.
وتابع أستاذ العلاقات الدولية، أن الديبلوماسية المغربية لا تحاول التعليل، باعتبار ما فعلته اسبانيا هو أسلوب للحكومة الاسبانية وليس أسلوب للاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن الأخير حاول مسك العصا من الوسط، حيث تضامن مع مدريد في الأول بعدما أحست بالضعف، ولكنه في نفس الوقت كان حريصا على التعاون مع المملكة بسبب الملفات الكبرى المشترك، ويمكن القول أن سياسة الاتحاد الأوروبي تدخل في سياق السياسة الواحدة، ويدرك الخطأ الجسيم الذي ارتكبته اسبانيا تجاه المغرب.
وبخصوص تأثير القضية على ملف الصحراء، شدد ذات المتحدث، على أن إسبانيا أكثر البلدان الأوروبية التي تعرف حقيقة مشكل الصحراء المغربية، وهي تحاول وفق منظور برغماتي استمرار المشكل المفتعل، وطي هذا الملف سيجعل المغرب يطالب بسبتة ومليلية، وبالتالي فإن الحكومة الإسبانية تتعامل بالمناورة في هذا الملف، علما أن المغرب يتعامل مع الوحدة الترابية الاسبانية بإحترام متبادل وبذلك فإن تمادي إسبانيا في فعلها، يمكن أن يجعل المغرب يعامل إسبانيا بالمثل خاصة في المشكل المتعلق بإقليم كتالونيا.