الـ"كومبارس" المدني "تبون" والعمى عن حقائق الحراك الشعبي الجزائري

هشام رماح
الكذابون أمثال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مصابون بعمى الحقائق ويظنون أن الجميع يناظرهم في مرضهم، فالرجل الذي خرج في حوار مع مجلة "Le Point" الفرنسية لم يطرف له جفن وهو يعفو عن أزيد من عامين من الحراك الشعبي الذي تموج به بلاده وقد حاول مداراة ذلك بالقول إن "الحراك الشعبي اختار طريق العقل بالذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في 12 دجنبر 2019".
ما قاله الرئيس الجزائري كان لينطلي على من طالعوا حواره المبتذل، لكن للأرقام سطوة لا تقهر، والأرقام ها هنا تكشف كيف أن الجزائريين عزفوا عن صناديق الاقتراع في الرئاسيات المذكورة، وتركوا الصناديق شبه فارغة لأنهم ملوا النظام العسكري القائم وفقدوا ثقتهم في تغيره وهم الأعلم بأن من تم الزج بهم كمرشحين لقيادة البلاد من أمثال عبد المجيد تبون ليسوا غير "كومبارس" مدنيون تحركهم أيادٍ عسكرية من الخلف.
ولمن يؤمن بالأرقام فإن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية لم تتجاوز 39,8%، وهي نسبة أبعد بكثير من أن يُعْتَد بها أو يحاجج بها عاقل وهي تنم عن العزوف الذي استشرى بين حرائر وأحرار الجزائر الذي سئموا مسرحيات العسكر السَّمِجة، لكن من يا ترى يقنع عبد المجيد تبون، الذي نزل بمظلة عسكرية في قصر "المرادية" بأن هذه هي عين العقل؟
واستباح عبد المجيد تبون الكذب على الشعب الجزائري وهو يغير الوقائع ويصف الأصوات التي نادت بفترة انتقالية بكونها "أقلية" لم يتم الالتفات إليها، والحال أنه حتى بعد ارتدائه جبة الرئيس التي مقاسها أكبر منه، لم يتوقف نزيف المحتجين في شوارع البلاد كل جمعة حتى فاقت 118 جمعة ظل ينادي فيها المحتجون بتغيير النظام ورموزه التي تمتح قناعاتها من السنوات البائدة.
أيضا، ارتأى عبد المجيد تبون الكذب في وجوه الشعب الجزائري الذي رأى كيف أن مقدراته تصرف على الانفصاليين وكيف أن رئاسة البلاد لم تجد حرجا وهي تكتري طائرة فرنسية لـ"تهريب" مجرم حرب من إسبانيا والتفريط في مقدرات بلادهم للبد الأوربي لا لشيء سوى لمحاولة التنغيص على المغرب.
ولم يكلف الرئيس الجزائري الذي هاجم الحراك الشعبي في بلاده نفسه تبرير كيفية صرف أموال الشعب على مرتزقة مثل الانفصالي الرخيص إبراهيم غالي المغتصب الذي كشفت واقعة إدخاله إسبانيا بجواز سفر مزور واستشفائه على حساب هذه الأموال العمومية ومن ثمة تهريبه كيف أن النظام العسكري لا يتوانى عن تبذير خيرات بلاده لإرضاء نرجسية جوفاء.
المثير أن عبد المجيد تبون، الذي استمرأ الكذب على نشطاء الحراك في الجزائر حاول تزييف الوقائع لكنه صب الزيت على نار الاحتجاج ضد النظام القائم في الجزائر، لأن الحرائر والأحرار الذين حاولوا إيصال اصواتهم لمن يعقل اكتشفوا على حين غرة وبعظمة لسان الرئيس المغلوب على أمره أنهم خارج اهتمامات العسكريين الذين يستغنون من السياق القائم.. وهذا ما يزيد النشطاء إصرارا على تغيير نظام لا يخجل ولا يرتد عن غيِّه.