عايش: مقاطعة المغرب لمؤتمر برلين يبرز التزام المملكة بقناعاتها السياسية على عكس دول أخرى

الكاتب : انس شريد

25 يونيو 2021 - 11:00
الخط :

عبرت المملكة عبر لسان وزير خارجيتها ناصر بوريطة، عن قرارها مقاطعة مؤتمر “برلين الثاني” حول ليبيا، بسبب نية أغلب المشاركين فيه، والذين لديهم أطماع اقتصادية، مشيرا إلى أن موقف المملكة يأتي انطلاقا من قناعات أساسية، تكمن في أن ليبيا ليست كعكة دبلوماسية، وهو بلد مغاربي شقيق، واستقرارها وأمنها ووحدتها يهم المغرب عكس البلدان الأخرى.

وفي هذا الإطار، قال كريم عايش، الباحث في القانون والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، وعضو المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الدولية والتشاركية، في تصريح للجريدة 24، أن المغرب اختار النأي بنفسه عن المشاركة في مؤتمر تم تهريبه الى عمق أوروبا بدل دعمه في أحد دول الجوار، وهنا صار واضحا ان العديد من الدول تعاملت مع الملف الليبي من منطق ربحي خالص.

وأضاف عايش، أن الجولات التفاوضية عقدت بفرنسا وايطاليا تم استقرت بألمانيا، تحت ثقل تواطئات دول الجوار حتى يتم اخراج ليبيا من معاملات دول جنوب أوروبا وحليفها المغرب لادخاله تحت عباءة ألمانيا والتي صارت تلعب دورا وسطا بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، وكون الرئيس الامريكي السابق والحالي معا طلبا من برلين مراجعة صفقة التيار الشمالي اثنان مع روسيا فربما يصبح النفط الليبي البديل السريع والمقبول من أجل أمريكيا لحصر نفوذ روسيا وتجميد المشروع.

وأكد الباحث في القانون والعلوم السياسية أن المغرب يرى أن حل الازمة الليبية ليس من طرف دولة تنتظر ثمن جهودها وتوقيع صفقات اقتصادية تنعش صناعتها، وتعيد ترتيب تحالفات المنطقة لتشكيل تكتل اقليمي جديد يبعثر الخطة الامريكية، حيث توجت بمناورات أسد الصحراء وقبلها توقيع مرسوم اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحراءه.

وأبرز المتحدث ذاته، أن الأمر كان مفهوما بأن يتم تقزيم دور المغرب والسعي لضرب مكتسبات اتفاق الصخيرات والتقليل من أهمية مفاوضات بوزنيقة المغربية، طالما أنها رسمت خارطة طريق استقرار ليبيا وبناء مؤسساته، مشيرا إلى أن المملكة كانت الغضاء الملائم ضمت كل الاطراف للحديث بحرية والتفاوض البناء دون تدخل أو توجيه أو تأطير بسبب ايمانها العميق ان العلاقات المغربية الليبية لم تكن مبنية على مصالح بقدر ماكانت عنوان لمصير مشترك واحترام لمشروع الوحدة المغربية الليبية الموقعة في عهد الراحل الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.

وأشار كريم عايش، أن رسالة الإجازة للملك محمد السادس كانت حول الاتحاد المغربي الليبي الموقع سنة 1984، وهو الاتحاد الذي رسم معالم مسار مشترك لعلاقة البلدين تجلت رؤيتها المستقبلية بعد الثورة الليبية، وضرورة استرجاع ليبيا مكانتها وعمقها الافريقي، لندرك أن السياسة المغربية اتجاه الملف الليبي، ليست وليدة رعاية أممية بل وجدت في الامم المتحدة الهيكل الضامن لنجاح كل المفاوضات والطريق نحو السلام والاستقرار وبناء المؤسسات.

وتابع ذات المتحدث، أن المغرب لا يجد أدنى فائدة في مفاوضات خارج الاطار الوطني، ويعتبر أن القمم والمؤتمرات كمعرض للتفاوض على العقود والمصالح والاحتكارات، مقابل استخدام الديبلوماسية الاوروبية في مجلس الأمن، وتحريك دول راعية لمواكبة تحولات ليبيا واسترجاع سيادتها الوطنية على كل مناحي الحياة.

وشدد الباحث في القانون والعلوم السياسية، أن الأزمة الألمانية المغربية مرتبطة أساسا بتعامل برلين مع ملف الصحراء وتقاربها بخصوم الوحدة الترابية على المستوى الدبلوماسي، كما أنه عرف على المانيا عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول بفضل اتفاقية فرساي عقب هزيمتها بالحرب العالمية.

وأوضح كريم عايش، أن ردة فعل المغرب كانت اولا إنذارية لتذكير ألمانيا انها اكبر من حشر أنفها في موضوع لا يعنيها، ثانيا اعتمدت التجميد حتى تمنح لها مجالا أكبر لمراجعة موقفها والدفع نحو تغليب مصالحها وبناء جسور تعاون استراتيجي للمستقبل، وفق الترتيبات الجيو استراتيجية الجديدة.

ووفق المتحدث ذاته، أنه لحد الأن لازالت الأمور تراوح مكانها والمغرب ليس بحجم ألمانيا بالرغم من عمقه التاريخي والحضاري، لكنه قادر على فرض وجهة نظره والضرب على موضع الألم لايقاض ألمانيا، من غفلتها بفضل حنكته الدبلوماسية وخبرته التي تجاوز قرونا.

آخر الأخبار