هكذا أوجع مبدأ المعاملة بالمثل أعداء المغرب

باءت تسخينات رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري الجديد بالفشل وهو يحاول الظهور بمظهر رجل الخبرة والشرس الذي يستحق مواجهة الدبلوماسية المغربية بدلا عن سلفه صبري بوقادوم صاحب الإخفاقات المتكررة، وذلك بعدما انبرى لاستفزاز المملكة في أول خرجة له في محفل دولي تمثل في المناقشة الوزارية العامة خلال اجتماع حركة عدم الانحياز، الذي عقد بشكل افتراضي يومي 13 و 14 يوليوز 2021.
وطفق الرمز القديم الذي جايل عبد العزيز بوتفليقة وضرب في المغرب بكل قوته ولم ينل منه، يولول بعدما أفحمه عمر هلال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة برد فاصل يستند على العقل لا النقل مثلما يتقن وارثو الكراهية عن محمد بوخروبة (بومدين) دون أن يعوا فظاعة ما يقترفونه تجاه بلد جار لطالما كان السند والمعين لجيرانه دون تمييز.
فما الذي أغضب النظام الجزائري وجعل وزير الخارجية الجديد يرغي ويزبد؟
إنه الخوف من تغيير دفة الحديث نحو ما يعيشه الشعب القبائلي الذي يعد أقدم المستَعمرين في القارة السمراء، رغم أن المغرب لم يستعمل خطابا غير الذي يستعمله النظام الجزائري منذ عقود للتمويه عن سعي الجنرالات وراء منفذ بحري يمده الجنرالات فوق ظهور الانفصاليين نحو الأطلسي، والخوف كل الخوف من تسرب الإيمان إلى قلوب المغاربة بما جاء في معلقة عمر بن كلثوم "أَلاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا.. فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا".
وانقلب السحر على الساحر كما ذاق طباخ السم ما اقترفته يداه، وأحس النظام الجزائري ببعض من الغيظ الذي يعتمل في صدور المغاربة متى رأوا إخوانهم في الجارة الشرقية يجاهرون برغبتهم في تفرقة المغرب وجعله أشلاء، إذ أنكر حكام الجزائر على المغرب معاملتهم بالمثل ويزايديون عليه في تغيير خطابه الأخلاقي الذي لم يغير فيهم شيئا.
ولم يستسغ حكام الجزائر أن المغرب جاهر بأنه لا يمكن تجزيء مبدأ حق تقرير المصير بقول السفير عمر هلال إن "تقرير المصير ليس مبدأً مزاجيا. ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير"، وفي رفضهم مثل هكذا تصريح يفضح ازدواجية المواقف الجزائرية ما يعزي المغاربة لعل بعض الجهلة في الجارة الشرقية يستشعرون ما يحسه المغاربة وهم يرون الجزائر تبذل قصارى جهدها وتصرف مقدرات شعبها لدعم انفصاليي "بوليساريو" بدعوى تبنيها هذا المبدأ.
وفيما نفذ صبر المغرب ارتأى بدوره في خضم الحرب المعلنة عليه من لدن الجزائر التركيز على قضايا المطالب السياسية للإثنيات في خطابه الدبلوماسي مع الجارة الجزائر، ويبدو أن اختياره صائب من منطلق مبدأ المعاملة بالمثل، ففي ذلك بلسم لجروح مغاربة عاينوا طويلا تعنت النظام العسكري ونعراته المتكررة لنشر التفرقة بين البلد الواحد دون أن يرد بنفس المعاملة. ولكن عندما ردت المملكة انفلت الماسكون برقاب الناس في الجزائر من عقالهم.