بين "المغاربة حكرونا" و"المغاربة حرقونا".. عصارة عقلية عسكرية جزائرية بائدة

الكاتب : الجريدة24

19 أغسطس 2021 - 10:00
الخط :

هشام رماح

بين "المغاربة حكْرونا" و"المغاربة حرقونا" سجع وطباق لغويين وعقود كثيرة من الزمن لكن العبارتين تكشفان بشكل صارخ عقلية العسكر الجزائري المتحكم في مصير جارة المغرب الشرقية.. عقلية ترى في المغرب السبب وراء كل شيء وترمي من خلالها بخيبات الجنرالات على عاتق المملكة بلا خجل تريد من ذلك فرقة ودوام حال التوتر والتشنج بين الجارين.

وإذ سجلت عبارة "المغاربة حكرونا" كأشهر ما نطق به أحمد بن بلة، الرئيس الجزائري الراحل في أكتوبر 1963 بعدما مني بشر هزيمة في "حرب الرمال" على يد الجيش المغربي، قرر عبد المجيد تبون، الرئيس الحالي محاكاته في التشكي واتهام المغرب صراحة بالوقوف وراء الحرائق التي نشبت والتهمت مناطق عديدة في الجزائر، أغلبها يقع شمالي البلاد.

وتسبب انعدام عدم الابتكارية وضعف الإبداع في التدبير لدى حكام الجزائر في تكرار الأسطوانة المشروخة القائمة على "بروباغندا" "الحكرة" و"الغدر" المغربيين (حاشا لله) في محاولة يائسة لخلق مصالحة بين السلطة الغاشمة في الجارة الشرقية والشعب الجزائري الذي لم تعد تطلي عليه حيل النظام الحاكم إلا شرذمة من المغرر بهم والمدفوع بهم إلى سعير المواجهة مع المغرب، ورغبة في رص الصفوف داخليا لمواجهة عدو وهمي ارتضوه في المغرب.

وفيما مد المغرب مرارا يده لحكام الجزائر لسكب كأس الخلاف فإن الدعوة إلى المصالحة لم تجد لها صدى في نفوس العسكر، وبدلا من تحري الصمت قرر العسكر رمي الكرة بعيدا عن معتركهم من خلال التصعيد وتدبيج بلاغات "حربية" في مواجهة دعوة ملكية حظيت بتقدير واحترام المنتظم الدولي ككل إلا الراغبين في إطلاق النار على التاريخ وقتل ما يجمع بين الشعبين المغربي والجزائري.

وتظل شهادة حكام الجزائر مجروحة وهم يتهمون المغرب بالتسبب في الحرائق، وهم يمنون النفس بإحداث قطيعة قطعية معه وكأنهم يرمون إلى إطفاء النار بالنار وتحويل الدفة نحو الجار الذي أبدى استعداده لمساعدة جارته في إخمادها لكنه لقي صدودا وتعنتا نابعين عن عنترية وعنجهية بائدة في العالم لكنها لا تزال تعشش في عقول جنرالات من العهد القديم.

ولم يكلف حكام الجزائر أنفسهم منح الأولوية لإنقاذ أرواح المهددين بالموت حرقا، بعدما رفضوا المساعدة من المغرب الأقرب إلى البلاد جغرافيا وأصروا على تعنتهم راغبين من وراء ذلك تحقيق مآرب خفية.. فلعل النار تخيف باقي الشعب وتلعب دور "العشرية السوداء" التي كانت وبالا على العامة في الجارة الشرقية فقط دون الخاصة التي تمسك بخيوط الحكم فيها.

وبدلا من قبول المساعدة المغربية ارتمى الجنرالات في أحضان دول بعيدة مقامرين بأرواح العديد من المواطنين ما دام ذلك يشفي غليل الجنرال العجوز السعيد الشنقريحة والشيخ المتصابي عبد المجيد تبون، ويقضي أمرا مفعولا.. وذلك اعتقادا منهما ومن معهما بنجاعة "كم حاجة قضيناها بتركها".

أما الأكيد أن التاريخ فتح أمام المغرب والجزائر طاقة كبيرة من الفرص لرأب الصدع ولم الشمل والانتصار لما يجمع أكثر مما يبلقن ويفرق.. لكن العسكر في الجهة الشرقية فشلوا في اغتنامها وركنوا لترديد لازمة "المغاربة حرقونا" على منوال "المغاربة حكرونا".. وهذا مبلغ علمهم.

آخر الأخبار