بين المغرب وإسبانيا والجزائر .. لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون

الكاتب : الجريدة24

22 أغسطس 2021 - 12:08
الخط :

هشام رماح
شتان بين من يعلمون والذين لا يعلمون.. فبينما أبدى "بيدرو سانشيز" رئيس الحكومة الإسبانية نباهة وحذاقة في فك رسائل الملك محمد السادس، التي جاء بعضها مضمرا في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ 68 لثورة الملك والشعب، فإن حكام الجزائر لم يستوعبوا حتى الرسائل الواضحة التي وجهت إليهم عبر الخطاب السامي للذكرى الـ22 لتربع الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين.
نباهة "بيدرو سانشيز" انضاف إليها تطلعه إلى طمس كل معالم الخلاف بين بلدين جارين، فيما "غباء" حكام الجزائر جاء متبَّلا بالأحقاد والضغائن التي يكنونها إلى المملكة، إذ في الوقت الذي اعتبر رئيس الحكومة الإسبانية أن الخطاب الملكي، ليلة الجمعة الماضية، يشكل "فرصة سانحة" لإعادة تحديد الركائز والمعايير التي تؤطر العلاقات بين إسبانيا والمغرب، أبدى العسكر وعبد المجيد تبون، تمنعا وصدودا عن اليد الممدودة للمملكة من أجل بناء مستقبل مشترك.
إن في الاختلاف رحمة، وإسبانيا رأت في ما انبرى إليه المغرب اختلافا في الرؤى بين بلدين جارين كل منهما يتغيا الحفاظ على مصالحه أولا ثم المشتركة ثانيا، لكن الاختلاف لم يتطور ليصبح خلافا عميقا، ما دامت النوايا ترنو إلى الغد وطي ما يشجر بين البلدين منذ "غلطة" الإسبان حين استقبالهم الانفصالي إبراهيم غالي في تواطؤ مع الجزائر ضد المملكة، قبل أن تعي الجارة الشمالية أين تكمن مصلحتها وإلى أي جانب يلزم أن تصطف.
وفي تفاعل "بيدرو سانشيز" مع ما حبل به الخطاب الملكي السامي، ما يشفي غليل المغاربة من جهة بعدما قال "أعتقد أنه مع كل أزمة تتولد فرصة. وأعتقد أن خطاب جلالة الملك يشكل فرصة سانحة لإعادة تحديد العلاقات بين البلدين والركائز التي تقوم عليها"، لكن فيه أيضا ما يعمق الحسرة على حكام الجارة الشرقية الذين لم يكلفهم الملك محمد السادس تشغيل محركات أدمغتهم لفهم رسائله وقد جاءت واضحة.. لكنهم لا يعلمون.
فكيف لـ"بيدرو سانشيز" أن يرى في كلام الملك محمد السادس ما يطمئنه ويعده بإعادة الأمور لنصابها؟ ولا يستشعر العسكر حسن النوايا ويعتبرون اليد الممدودة "حصان طروادة"، ما لم يكن هؤلاء الـ"كابرانات" ومن والاهم مرضى نفسيون يتخبطون في أوحال الخديعة والضغينة، لأن الأكيد أن الـ"هؤلاء" ليسوا أذكى من "بيدرو سانشيز" رئيس الحكومة الإسبانية وما أدراك ما إسبانيا ولا أحرص منه على مصالح بلاده التي رآى أنها تتجسد له متى مد الأواصر مع المغرب وتتلاشى متى سعى لقطعها.
إن الفرص لمن يغتنمها وطوبى له، والمغرب جعلها سانحة غير ما مرة أمام العسكر والرؤساء الذين يحكمون صوريا تحت أقدامهم، لكنهم فوتوها وحادوا بعيدا عن المسار الذي قد يعيد إتاحتها من جديد، وهو أمر متعمد بكثير من الغباء كما أنه أمر لن يمحوه التاريخ ولن يغفره.. فأن يكون تعنت حكام الجارة الشرقية عن علم، وهو أبعد عن التصديق، طامة.. وأن يكون التعنت نابع عن غير علم فتلك أكبر.. لذلك لا يستوي الإسبان الذين يعلمون والـ"كابرانات" الذين لا يعلمون.

آخر الأخبار