سعي المغرب على الوجه نحو خاطر الشعب الجزائري.. ورد العسكر بقطع العلاقات

الكاتب : الجريدة24

25 أغسطس 2021 - 09:22
الخط :

هشام رماح

إذا ظهر المعنى فلا فائدة في التكرار.. فهل كان لزاما أن يهلل النظام الجزائري لقطع علاقاته الدبلوماسية مع المغرب؟ وهل كان للعسكر أن يكتفي بما صبه من زيت على النار أم يزيد في سعاره؟ ثم هل يبدو أن هكذا خطوة ستحرك المغرب قيد أنملة عن ثباته على مواقفه وقد قرر لنفسه أن يكون حرا قويا لكن عاقدا الأمل على بناء اتحاد مغاربي قادر على مواجهة صروف المستقبل؟

لقد اختار المغرب الوضوح على الدوام، أما النظام العسكري الجزائري فقد آثر على نفسه هذا الوضوح وأبى إلا الانغماس من قمة الرأس لأخمص القدمين في الغموض، وعبِّ كأس الأحقاد تجاه المملكة حتى الثمالة.. ولا غرو أن هناك بون شاسع بين الواضح الذي يفرد أوراقه مكشوفة على الطاولة والغامض الذي يتلاعب ويتنمر وفق الأهواء المضمر والمعلن منها.

وإذ قرر النظام الجزائري قطع علاقاته كاملة مع المغرب فإنه لم يبتدع شيئا جديدا، فالأمر كان متوقعا ولم يزد العسكر غير محاولته تسويق إضفائه "رسمية" على رفضه اليد الممدودة من المغرب منذ سنوات طوال خلت، علما أن المملكة رغم ما بلغ منها من تعب ونصب وهي تحاول التغاضي عما يفرق بين شعبين شقيقين، لا تزال تطمع كعادتها في اللحمة أكثر من الفرقة وهو طبع يغلب على التطبع الذي اختاره العساكر في الجزائر منوالا في تعاملهم مع جارهم الغربي.

ولا أحد يماري في وضوح المغرب وقد أكد الملك محمد السادس في خطابه السامي للذكرى الـ22 لتربعه على عرش أسلافه المنعمين أن "المغرب يعتبر بأن استقرار الجزائر وأمنها من استقرار المغرب وأمنه واستقرار المغرب وأمنه من استقرار الجزائر وأمنها"، وهي دعوة صريحة تلقفها الجميع إلا حكام الجزائر، لكن حتى ولو عيل صبر المغرب فيحسب له أنه كان متشبثا حتى آخر رمق بالأمل في أن يعي حكام الجزائر قوله وينتصروا للأواصر التي تربط بين الشعبين المغربي والجزائري.

وفيما انبهر العالم بأكمله بكياسة الملك محمد السادس، ودعوته الصريحة لطي صفحة الخلاف التي كانت لتلقى صدى لدى غير القاسية قلوبهم، فإن قلوب الحجر في الجارة الشرقية تطرفوا كثيرا في مواجهة الدعوة لرتق الهوة بين البلدين وأخذتهم "الذلة" بأنفسهم الخبيثة لمحاولة قلب الآية وتصوير أنفسهم عبر بلاغات تصعيدية بأنهم ضحايا وليقرروا بعد ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل بات وقطعي مع المغرب معللين الأمر الذي سيحفظه التاريخ لهم بكونهم يتعرضون لـ"حملة إعلامية دنيئة".

والحق أنه لا درك أسفل تصنَّف فيه دناءة ما اقترفه النظام الجزائري وهو يصد العرض المغربي للمساعدة على إخماد النيران التي نشبت في شمالي الجزائر، ويزيدوا على ذلك باتهام المغرب صراحة بالوقوف وراء إضرامها، ولكل هذا فإن ما أعلنه رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري حول قطع العلاقات مع المملكة ليس غير تحصيل حاصل لمسلسل طويل من الاستفزازات الجزائرية كما أنه كان متوقعا من ذوي الألباب.

عموما الخيار المغرب جاء صريحا وتجلى أمام الجميع وما اختاره النظام الجزائري عبر عنه بدوره بصراحة لأنه يرى في ذلك ما يعزيه عما أخفق فيه لفائدة المستقبل المشترك في الرقعة الجغرافية الواحدة.. أما قدر المغرب فأنه يسعى دائما نحو ما يجمع الإخوة "سعيا على الوجه أو مشيا على الرأس" والتاريخ سيحفظ له ذلك بمداد من ذهب.

آخر الأخبار