سمير الحيفوفي
هل أنصف حزب "العدالة والتنمية" نفسه وظلم المغاربة الذين صوتوا عليه؟ وهل ظل وفيا لما كان يدعيه قبل عشرة أعوام، قبل أن تهب نسائم "الربيع العربي"، والخطاب الملكي لـ9 مارس 2011، الذي كان فيصلا بين سابق الإخوة الملتحين وحاضر يمتح مقوماته
من تجربة حكومية دامت لولايتين وتميزت بتغير سافر في الخلق والخلقة معا؟
تمحيص العشرية التي عاش في ظلها المغاربة تحت حكومتي عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثمان يثير كثيرا من الاستغراب حول التحول الجذري في مواقف حزب ألف الاصطفاف في المعارضة وأصبح بفعل صناديق استحقاقات شتنبر 2011 قائدا لتوليفة حكومية هجينة جمعت الشرقي بالمغربي وبين مريدي "المصباح" وعدو الأمس الذي أصبح صديقا ثم أصبح عدوا ثم صديقا ثم عاد عدوا كما هو حاليا أثناء الاستحقاقات الانتخابية.
ويكاد يجمع المغاربة على أن الـ"بيجيدي" أخلف وعده مع المغاربة وهو حاليا يضع مكانته كحزب استدر عطفهم لسنوات على المحك، حيث تتبدى في الأفق نذائر هزيمة قد تعيد إخوان ابن كيران للمعارضة، لكن ماذا سيعارضون بالضبط؟
فهل سيعارض الإخوان ضعف تمثيلية النساء في المغرب؟ وهم الذين "قتلوا" المناصفة وجعلوها شعارا تلوكه الألسن بينما واقع الحال يفيد بغير ما يتشدق به رغم أن تمثيلية النساء في المملكة بلغت 25 بالمائة منتقلة من 21 بالمائة وهي النسبة التي تعادل المعدل المسجل في أعتى الديمقراطيات في العالم خلال 2021، كما جاء في تقرير أممي، وهو التقرير الذي حصر نسبة النصف المسجلة في برلمانات العالم ككل في ثلاثة دول فقط وهي "كوبا" و"الإمارات العربية المتحدة" و"رواندا".
ووفق المتتبعين فقد تفنن حزب "العدالة والتنمية" كثيرا في قتل مبدأ "المناصفة" الدستور بعدما همش دور المرأة، خلافا لمنطوق وروح الفصل 19 في دستور 2011، كما 18 فصلا معه في الوثيقة الأسمى تتناول مختلف حوق المرأة وكيفية تخويلها إليها كما تفصح عن ذلك الحروب المريرة التي خاضتها "قنديلات" في الحزب ضد مسؤولين أقصوهن وضيقوا عليهن الأرض بما رحبت.
كذلك، لم تنل الأمازيغية كثيرا من اهتمام الـ"بيجيدي" إذ ليس للمغاربة الأمازيغ غير التحسر على عشرة أعوام مرت في عهد الإخوان موسومة بالحيطة والحذر بما حال دون استكمال ترسيم الأمازيغية منذ إقرار ذلك قبل عقد من الزمن، حيث لم يخض الإخوان أي "معركة" تشريعية تذكر لتحوز نفس قوة اللغة العربية.
وساهمت عدم مبالاة الـ"بيجيدي" عبر عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثماني الذي يرطن بالأمازيغية في تعطيل تفعيلها، وهو ما قرر المغاربة الأمازيغ تغييره عبر النفاذ إلى لوائح انتخابية بعيدا عن حزب "العدالة والتنمية" الذي بدا واهنا في دفاعه عن بعض القضايا التي تبناها أيام المعارضة قبل أن تنكسر مخالبه ويصبح مهادنا خانعا لا يبحث سوى عن مصلحته الخاصة ومصلحة المريدين الذي يكشرون عن أنيابهم فقط متى بدت لهم التعويضات المالية السمينة التي تصرف لهم بسبب الولاية الحكومية في خطر.
إنها شذرات من مطبات عدة سقط فيها حزب "العدالة والتنمية" فهل يعاقبون عبر صناديق الاقتراع من قبل الخصوم والناخبين الغير متلونين أم أن الذاكرة الجماعية لهؤلاء جميعا تشبه ذاكرة السمكة؟