رئيس برلمان حزب الاستقلال يطالب بمراجعة قانون الأحزاب ويصف خصوم التوجه الإصلاحي بالسابحين ضد تيار التطور ومسار التاريخ

أكد شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال، أن الذين يدّعون الديمقراطية ويحاولون تبخيس العمل السياسي، وتنفير المواطنين من الانخراط في الأحزاب السياسية بشتى الوسائل، يسبحون ضد تيار التطور، ومسار التاريخ، ويعاكسون طموح المواطنين، ويتناقضون مع نص وروح الدستور.
وأبرز ماء العينين، في كلمته خلال الندوة الوطنية لشبيبة العدالة والتنمية حول موضوع: العمل السياسي بين تعزيز الإصلاح ومخاطر التبخيس، نظمتها في إطار حملتها الوطنية الـ15، حضرها كل من سعد الدين العثماني رئيس الحكومة وأمين عام "البيجيدي"، ونبيل بنعبد الله أمين عام حزب التقدم والاستراكية، مساء الجمعة بالرباط، أن الدستور وما جرى به العمل في الديمقراطيات العريقة والحديثة، يرسخ لدى الجميع القناعة بأنه لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية في غياب أحزاب جادة، باعتبارها مصانع لإنتاج الأفكار، ومشاتل لتكوين النخب المؤطرة والمتمرسة بالاهتمام بالشأن العام.قد نجد أحزابا بدون ممارسة ديمقراطية، يقول شيبة شماء العينين، ولكن الحقيقة الثابتة هي أنه لا وجود لديمقراطية حقيقية بدون أحزاب سياسية جادة، وذلك لأن التاريخ أثبت أن هناك علاقة عضوية بين الأحزاب السياسية والديمقراطية باعتبارهما أمران متلازمان مرتبطان وجودا وعدما.
ويرى المتحدث ذاته، أن استهداف الأحزاب السياسية في بلادنا ليس أمرا حديثا، بل تزامن مع ظروف نشأة النشاط الحزبي إبان الحركة الوطنية، بغية التنقيص من أدوارها والتشكيك في نواياها وتنفير المواطنين من الانخراط فيها، وزرع الشكوك فيما بينها وبين النظام، مضيفا أنه على الرغم من تغيير الأشخاص وتنوع الأهداف وتباين الغايات، إلا أن نهج الاستهداف مازال قائما بدرجات متفاوتة لدى خصوم الديمقراطية، بفعل تأثير مصالح بعض الجهات والأطراف، علاوة على اختلاف المنطلقات الفكرية والمرجعيات المذهبية لدى الكثير من الفاعلين في عدة مجالات.
واستدرك ماء العينين، ورغم ذلك كله تحقق إنجاز تراكمات هامة في العمل السياسي المليء بالمعطيات، والأحداث المطبوعة بالمد والجزر، والتجاذبات بين الفاعلين السياسيين فيما بينهم وأيضا فيما بينهم مع السلطات في مراحل متعددة، ولكن الجميع ظل حريصا على صيانة التعددية الحزبية إلى الآن.
وأضاف ماء العينين، أن خصوم التوجه الإصلاحي قد عملوا في الماضي ويعملون في الحاضر وسيعملون بكل الوسائل المتاحة لهم على اتخاذ استراتيجيات لمناهضة وإعاقة هذا التطور الإيجابي والذي يتطلب تضافر جهود ذوي الإرادات الخيرة السياسية والحقوقية، من أجل تنويع وإثراء أوراش الإصلاح وتقويتها، وإشاعة ثقافة الحوار والانفتاح لتجاوز الحواجز النفسية القائمة، وتخطي كل المعوقات الموروثة والمستحدثة بشتى أنواعها، لصيانة ما حققته بلادنا من إنجازات على مسار التحول السياسي الديمقراطي، والعمل على تحصين ورش الإصلاح في عموميته وفي كل أبعاده، من ما يتهدده من إرادات معاكسة متشعبة التمظهرات ومتعددة المواقع.
وفي هذا السياق، ينبغي للقادة السياسيين والأطر الحزبية، يسترسل ماء العينين، أن يتوفروا على الحد اللازم من الخيال السياسي الإبداعي، والحدس السليم، والبصيرة المتنورة لاستيعاب الأحداث وقراءتها برؤيا متبصرة واستشرافية، ودراسة تناقضاتها أو تكاملها واستكناه الخيوط الناظمة لها، والعلامات الفارقة فيما بينها، وتحديد التصورات وفق ما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة، وما يتماشى مع واقع الأوضاع التي تتبدل باستمرار، للتصدي بحكمة وتروي لما يدبره خصوم الإصلاح، وإيجاد حلول ناجعة للقضايا المطروحة بحكامة جيدة.
وأبرز رئيس برلمان حزب الاستقلال أن هناك ممارسات داخل بعض الأحزاب تخدم ما يحاك ضدها أو يُنسب لها من سلبيات، وخاصة انعدام الديمقراطية الداخلية، وعدم احترام أنظمتها القانونية الخاصة بها، وعدم السماح بتعدد الآراء داخل مؤسساتها وهياكلها، واللجوء إلى تبادل الاتهامات، مما يولد الشعور لدى بعض مناضليها بانعدام إمكانية التأثير في سياسة الحزب وتوجهاته، ويضطرون إلى مغادرة صفوفه، الأمر الذي يعطي انطباعا ضارا بصورة الحزب، وهي السلوكات التي أدت إلى نمو ظاهرة الانشقاقات التي كان لها إسهام سلبي في صورة المشهد السياسي ببلادنا.
مؤكدا أن ظاهرة الانقسامات لم تكن دائما راجعة إلى اختلالات تنظيمية داخلية أو اختلاف في الآراء المذهبية والإيديولوجية بين المناضلين، بل علاوة على ذلك كانت أيضا في بعض الأحيان راجعة إلى عوامل أخرى خارجية، ناتجة عن اختراقها من جهات مناوئة، وكثيرا ما يقال بأن يد السلطة لم تكن بعيدة عن بعض الحالات، مسجلا بأن النضال الحزبي من أجل التحديث السياسي وتحقيق الديمقراطية، رغم ما اكتنفه من صراعات وتحالفات، قد حقق في نهاية المطاف انفراجا هاما وتحولا أدى إلى الدخول في المسلسل الديمقراطي وتثمين دور الأحزاب السياسية.
وجدد شيبة ماء العينين التذكير بأن حزب الاستقلال ما فتأ يؤكد على ضرورة العمل على إعادة الثقة في الفاعل الحزبي والفعل السياسي، وهو ما يقتضي مزيدا من الجهد في مواصلة العمل على إعادة تأهيل الحقل السياسي لتمكين الأحزاب من القيام بدورها كاملا في تأطير وتوجيه المواطن، وتبني مَظالمه ومطالبه المشروعة، والوساطة مع المجتمع في استباق وتدبير الأزمات، وبلورة الحلول واقتراح البدائل، والترافع عن القضايا الوطنية ومحاربة الفساد بكل تجلياته السياسية والإدراية والمالية ودعم تفعيل معايير الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
كما دعا رئيس المجلس الوطني للحزب مختلف الفرقاء السياسيين إلى ممارسة فضيلة النقد الذاتي البناء لتحسين وتجويد الأداء الحزبي من خلال ترسيخ ثقافة الالتزام بالتعهدات وربط القول بالفعل، الشيء الذي يتطلب انخراط كل فئات المجتمع، وكل وسائل الإعلام العمومي والمستقل والحزبي، وجميع النخب التي عليها أن لا تظل في موقع الملاحظ أو المتفرج.