عاطلون وجنود متقاعدون يحركون عجلة الحياة بمقاهي متنقلة

الكاتب : الجريدة24

24 يناير 2022 - 08:00
الخط :

أمينة المستاري

على قارعة الطريق المؤدية لمستشفى الحسن الثاني، جلس لحسن، ستيني يرتدي معطفا صوفيا وقبعة، على كرسي يراقب السيارات من حين لآخر، ويتصفح هاتفه النقال في انتظار زبون راغب في ارتشاف فنجان قهوة بمقهاه المتنقل.

لحسن لم يسبق له العمل في مقهى، فهو جندي متقاعد فضل بعد حصوله على التقاعد عدم الاستسلام للبطالة المفروضة عليه، وفكر في مشروع صغير يضمن له دخلا إضافيا ويجنبه الملل وروتين الحياة اليومية.

لم يكن المشروع سوى سيارة فتح بابها الخلفي ووضعت على جنباته آلة لعصر القهوة، وأخرى لعصر العصائر إضافة إلى بعض الحلويات والفواكه، زينت أبوابه بملصقات إشهارية لأنواع من القهوة، فيما وضع لحسن بضع كراسي على الأرض للزبناء الراغبين في ارتشاف فنجان قهوة والاستمتاع بنكهتها.

بابتسامة يستقبل المتقاعد زبونه، ويقدم له كرسيا في انتظار إعداد فنجان قهوة، تنبعث رائحتها بقوة، وهو يتجاذب أطراف الحديث عن كورونا وما سببته من أزمة مادية لأسر عديدة، وعن عمله الذي يمتهنه بعد عقود قضاها في الجندية، فهو الملاذ من ملل فضل ألا يقضيه بين المقهى والبيت، كغيره من أصدقائه الذين فضلوا البحث عن عمل كعنصر أمن أو حارس بعمارة...

مشروع المقاهي المتنقلة ليس وليد اللحظة، فقد ظهر أول مرة في أوربا، وبدأت تنتشر في مجموعة من الدول، بين المدن أو في المناطق البعيدة عن العمران أو بالضواحي، لاسيما بعد أن قضى الوباء على مجموعة من المشاريع والمهن، وتسبب في أزمة مادية خانقة... سبب لم يمنع مجموعة من الشباب من تنفيذ الفكرة والخروج على متن سيارات تدبروا أمر شرائها وتوفير كل ما يلزم من آليات لإعداد القهوة، وتفننوا في تزيينها وإضافة روتوشات عليها لتجلب اهتمام المارة، والمسافرين وأصحاب السيارات، الذين تدفعهم الرغبة في اكتشاف القهوة بنكهة آخرى وعلى كرسي وسط الخلاء وارتشاف جرعات قبل الذهاب إلى مقرات عملهم أو السفر.

رشيد، شاب رفض الاستكانة لواقع "كورونا" وما فرضته من أزمة، فلم يكن منه سوى شراء سيارة حولها وشقيقه إلى مقهى متنقل، فقد توقف عن العمل في قطاع الأفرشة، وتوقفت بالتالي عجلة الحياة، لكن فكرة المقهى المتجول أعادت إليه حيويته وأمله، في ضمان لقمة عيشه.

محمد، شاب متحدر من طاطا، رافق والدته المصابة بالمرض الخبيث من طاطا إلى مركز للا سلمى للسرطان، وبقي لمدة ثلاثة أشهر بدون دخل عاطلا عن العمل، ففكر في مشروعه البسيط، وتدبر أمر السيارة من شخص سهل له أمر أقساطها، وبدأ العمل في مقهاه المتنقل لتوفير مصاريفه وبعض من مصاريف استشفاء والدته " الباهضة".

آخر الأخبار