"الكابرانات" في الجزائر بين المطرقة الروسية والسندان الأوربي

الكاتب : الجريدة24

17 مارس 2022 - 09:58
الخط :

 سمير الحيفوفي

لو عاد الزمن بالنظام العسكري الجزائري إلى الوراء لما اقترف وقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوربي، ولو كانت دولة الـ"كابرانات" تستشرف جيدا المستقبل لما وجدت نفسها في حيص بيص بعدما اشتدت الأزمة الروسية الأوربية على خلفية اجتياح الدب الروسي لأوكرانيا.

ووجدت الجزائر نفسها في عين العاصفة وكل طرف في الأزمة الروسية الأوربية يروم أن تميل إليه، والسبب؟ الغاز الطبيعي. فكما أن روسيا تضخ 40 في المائة من حاجيات أوربا من الغاز الطبيعي عبر أنبوب "Brotherhood" فإن سعي دول الاتحاد للتخلي عن التبعية للروس جعلها تديرها وجهها لأجل ذلك صوب دول مثل قطر ومصر وأذربيجان، لكن قبل كل هذه الدول هناك الجزائر.

وقد يبدو الأمر تجاريا محضا أن تسعى الدول الأوربية إلى الدول المذكورة لدرء أي انقطاع في إمدادات الغاز من لدن روسيا، لكن الجزائري هي المعنية الاكثر بما يحدث بسبب لعب نظام الـ"كابرانات" على الحبلين قبل اندلاع الأزمة بين "المعسكرين" بسبب أوكرانيا، مما عمق من المأزق الذي وقع فيه، إذ أن هذا النظام "المارق" ظل يتغنى بقربه من روسيا وبسعيه من ربط علاقات "متينة" مع أوربا عبر إسبانيا التي تواطأ معها ضد مصالح المملكة، لكن أوان الاختيار قد حان.

وانكمش النظام العسكري الجزائري بعد الضغوط التي استشعرها من الأوربيين للاستزادة من الغاز الطبيعي الذي يجري تصديره نحو إيطاليا وإسبانيا، في ظل تخوف من غضب روسي من كل محاولة تروم سحب ورقة الغاز الطبيعي التي يحتفظ بها الدب الروسي إلى أن يحين اللعب بها ورميها على الطاولة.

ولعل النظام الجزائري فطن إلى تسرعه وفداحة ما اقترفه حينما أوقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوربي متم شهر أكتوبر 2021، فكيف لروسيا التي اجتاحت أوكرانيا وبلغت في خلافاتها مع الأوربيين أقصى الحدود لم تقطع إمدادات الغاز عبر أنبوب "Brotherhood"؟ ببساطة لأن الروس ليسوا أغبياء ولا حمقى مثل "الكابرانات" الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة روسيا وسندان أوربا وقرروا قطع العمل بالأنبوب المعروف اختصارا بـ"GME" نكاية في المغرب فقط.

ولا يزال نظام "الكابرانات" وجلا متحسبا من المستقبل فهو لا يرغب في مخالفة الهوى الروسي من جهة ولا معاداة الأوربيين الذين يحتاجون غازه أكثر من أي وقت مضى، على أن ما يزيد الطين بلة هو أن القدرات الإنتاجية للجزائر لا تستطيع بلوغ 50 مليار متر مكعب سنوياً، وإمكانياتها تسمح بإنتاج 40 مليار متر مكعب على أقصى تقدير، وهو أمر يجعلها "سوناطراك" وقبلها "الكابرانات" تحت الضغط.

آخر الأخبار